قامت السلطات السعودية اليوم الجمعة التاسع من ذي الحجة بعملية استبدال كسوة الكعبة المشرفة الجديدة مكان الكسوة الحالية، جريًا على العادة السنوية في مثل هذا اليوم من كل عام. وأفادت وكالة الأنباء السعودية بأن منسوبو الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، بإشراف مدير عام المصنع الدكتور محمد باجودة، ووكيل المصنع ومدير الإنتاج؛ قاموا بإنزال ثوب الكعبة القديم واستبدال ثوب جديد مكانه تم صناعته من الحرير الخالص بمصنع كسوة الكعبة المشرفة. وراقبت أنظار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، عبر قناة القرآن الكريم السعودية وداخل المسجد الحرام، هذه العملية مباشرة. وجرت عملية استبدال الثوب بحضور منسوبي الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف ومصنع كسوة الكعبة المشرفة، ونقلوا الثوب الجديد إلى الحرم الشريف المكون من 4 جوانب مفرقة وستارة الباب، فيما تم رفع كل جنب من جوانب الكعبة ال4 على حدة إلى أعلى الكعبة المشرفة، ثم فرده على الجنب القديم وتثبيت الجنب من أعلى بربطه من /العراوي/ وإسقاط الطرف الآخر من الجنب. وبعد أن تم حل حبال الجنب القديم، بتحريك الجنب الجديد إلى أعلى وأسفل في حركة دائمة بعدها، أزيح الجانب القديم من أسفل، وبقي الجانب الجديد. وتم تكرار العملية 4 مرات لكل جانب إلى أن اكتمل الثوب.. إثر ذلك تم وزن الحزام على خط مستقيم للجهات الأربع بخياطته. وبدأت هذه العملية أولاً من جهة الحطيم؛ لوجود الميزاب الذي له فتحة خاصة به بأعلى الثوب، وبعد أن تم تثبيت كل الجوانب تم تثبت الأركان بحياكتها من أعلى الثوب إلى أسفله. وبعد الانتهاء من ذلك تم وضع الستارة التي تحتاج إلى وقت وإتقان في العمل، بعمل فتحة تقدر بمساحة الستارة في القماش الأسود، التي تقدر بنحو 30. 3 مترًا عرضًا حتى نهاية الثوب، ومن ثم تم فتح 3 فتحات في القماش الأسود لتثبيت الستارة من تحت القماش، وأخيرًا تم تثبيت الأطراف بحياكتها في القماش الأسود على الثوب. الجدير ذكره أن التكلفة الإجمالية لثوب الكعبة المشرفة تبلغ 22 مليون ريال سعودي، وتصنع من الحرير الطبيعي الخاص الذي يتم صبغه باللون الأسود، ويبلغ ارتفاع الثوب 14 مترًا، ويوجد في الثلث الأعلى منه الحزام الذي يبلغ عرضه 95 سنتمترًا وبطول 47 مترًا، المكون من 16 قطعة محاطة بشكل مربع من الزخارف الإسلامية. كما توجد تحت الحزام آيات قرآنية مكتوب كل منها داخل إطار منفصل، ويوجد في الفواصل التي بينها شكل قنديل مكتوب عليه (يا حي يا قيوم يا رحمن يا رحيم الحمد الله رب العالمين) ويُطرَّز الحزام بتطريز بارز مغطى بسلك فضي مطلي بالذهب، ويحيط بالكعبة المشرفة بكاملها. وتشتمل الكسوة على ستارة باب الكعبة، ويطلق عليها /البرقع/ وهي منسوجة من الحرير بارتفاع ستة أمتار ونصف وبعرض 3 أمتار ونصف، مكتوب عليها آيات قرآنية ومزخرفة بزخارف إسلامية مطرزة تطريزًا بارزًا مغطى بأسلاك الفضة المطلية بالذهب. وتتكون الكسوة من 5 قطع تغطي كل قطعة وجهًا من أوجه الكعبة المشرفة.. والقطعة الخامسة هي الستارة التي توضع على باب الكعبة، ويتم توصيل هذه القطع بعضها ببعض. وينتج المصنع الكسوتين الخارجية والداخلية للكعبة المشرفة، بالإضافة إلى الأعلام والقطع التي تهديها الدولة لكبار الشخصيات. وتعد الكعبة المشرفة أصل مدينة مكةالمكرمة، وتقع في وسط المسجد الحرام، ثم نشأت حول البيت الحرام مدينة مكةالمكرمة .. كما تقع الكعبة المشرفة في مركز الكرة الأرضية، ويعلوها في السماوات العلى البيت المعمور الذي تطوف حوله الملائكة، ويقال إن الملائكة هم الذين بنوا الكعبة قبل خلق الإنسان بعد أن أذن لهم الله تعالى بذلك. وكانت الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السلام بناءً ذا جوانب أربعة، ارتفاعها 9 أذرع، وكان بابها إلى الأرض، وجعل سيدنا إبراهيم عليه السلام في جدارها حجرًا أسود علامةً على بداية الطواف حولها، ثم أمر الله تعالى نبيه إبراهيم عليه السلام بأن يؤذن في الناس بالحج، وقد أسمع الله تعالى جميع خلقه هذا النداء. أما الكعبة المشرفة في ظل الإسلام، فقد أمر الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، بعد فتح مكة، بتطهير الكعبة من الأصنام والصور، وكساها بكسوة من اليمن، وأمر بتطييبها، ولم يكن للكعبة في عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) سور يحيط بها، بل كانت بيوت أهل قريش تحيط بها وتفتح على المطاف الذي يحيط بجسم الكعبة. ولم يحدث تغيير يذكر في عمارة الكعبة في عهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) ولا في عهد الخليفة أبي بكر الصديق (رضي الله عنه). وظلت كسوة الكعبة المشرفة ترسل من مصر عبر القرون، باستثناء فترات زمنية قصيرة إلى أن توقف إرسالها نهائيًّا من مصر سنة 1381ه. واختصت المملكة العربية السعودية بصناعة كسوة الكعبة المشرفة حتى يومنا هذا.. حيث أصدر في مستهل شهر محرم 1346ه الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن، أوامره بإنشاء دار خاصة بصناعة الكسوة، وأنشئت تلك الدار بمحلة أجياد أمام دار وزارة المالية العمومية بمكةالمكرمة. وتمت عمارتها في نحو ال6 الأشهر الأولى من عام 1346ه، فكانت هذه الدار أول مؤسسة خصصت لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بالحجاز منذ كسيت الكعبة في العصر الجاهلي إلى العصر الحالي. وظلت دار الكسوة بأجياد تقوم بصناعة الكسوة الشريفة منذ تشغيلها في عام 1346ه، واستمرت في صناعتها حتى عام 1358ه. ثم أغلقت الدار، وعادت مصر بعد الاتفاق مع الحكومة السعودية إلى فتح أبواب صناعة الكسوة بالقاهرة سنة 1358ه، وأخذت ترسل الكسوة إلى مكةالمكرمة سنويًّا حتى عام 1381ه، ثم أعيد فتح المصنع وظل يقوم بصنع الكسوة الشريفة إلى عام 1397ه. ونقل العمل في الكسوة إلى المصنع الجديد، الذي تم بناؤه في أم الجود بمكةالمكرمة، ولا تزال الكسوة الشريفة تصنع به إلى يومنا هذا.