العجيب .. العجيب أن يشارك بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي المسؤول عن قتل اطفال غزة وآخرين، في تظاهرة العاصمة الفرنسية باريس ضد الارهاب، فلقد كان من اللافت مشاركته وهو من مارس الارهاب لسنوات في كافة الأرضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس. والمستغرب أيضا إلى حد الاستهجان هي مشاركة نتنياهو -الغير مقبولة فرنسيا- في "مسيرة الجمهورية" في العاصمة الفرنسية ضد الارهاب وهو قد ارتكب وجيشه جرائم حرب ضد الفلسطينيين قبل أربعة أشهر في غزة وأيضا قبلها وبعدها في كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبالرغم من تسريبات وسائل الإعلام الإسرائيلية ومنها القناة الإسرائيلية الثانية عن كواليس مشاركة "نتنياهو" في تظاهرة الاحتجاج على العمليات الأخيرة في باريس في الأيام القليلة الماضية، وعن رفض فرنسا طلبه المشاركة في التظاهرة،مبررة ذلك بأن حضوره سيمس بوحدة وهدف التظاهرة وسيسلط الضوء على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكثر، وأن حضوره يأتي في إطار الدعاية الانتخابية الداخلية. فقد كشفت القناة الإسرائيلية أن السبب الحقيقي وراء رفض مشاركة نتنياهو في المسيرة يعود لرفض فرنسا نفسها هذه المشاركة بعد إعلان مكتب نتنياهو أن نتنياهو لن يحضرها لأسباب متعلقة بعدم وجود حماية أمنية كافية "على حد قول القناة". ومع ذلك أصر نتنياهو على المشاركة في مسيرة باريس والسير في الصفوف الأولى إلى جانب زعماء العالم وكأنه "حمامة سلام"، رغم ما بدا من رفض فرنسي لوجوده ،ويبدو أن نتنياهو لا يدخر جهدا أو يوفر مناسبة إلا ويستثمرها من أجل رفع حظوظ حزبه اليميني بالفوز في الانتخابات المبكرة المزمع إجراؤها في 17 مارس القادم. وكان أحدث هذه الاستثمارات إصراره على المشاركة في المسيرة الباريسية الرافضة "للإرهاب" رغم رفض الرئاسة الفرنسية ذلك. ويجمع المراقبون على أن نتنياهو – كيميني - يكرر دائما مشروعه المبني على التخويف من العدو المشترك، وتصوير الإسلام على أنه عدو للغرب وإسرائيل، ويرون أنه لو كان نتنياهو يريد فعلا محاربة الإرهاب لقال في فرنسا وغيرها إنه يريد إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية ،ولما مضى في إصراره على تمرير مشروع قانون "يهودية الدولة" الذي يعرّف إسرائيل كدولة الشعب اليهودي وهو أمر شائن كإنكاره بأن إسرائيل ليست قوّة محتلّة. ومشروع "نتيناهو" هذا في الأساس هو الذي افشل مفاوضات السلام الاخيرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين وأحرج حلفاءه وعلى رأسهم الولاياتالمتحدة راعية المفاوضات بين الجانبين وخيب آمال أوروبا والمجتمع الدولي في تحقيق السلام في الشرق الاوسط. كما يرى المراقبون إن الموقف الفرنسي الرافض لمشاركة نتنياهو كان يتمثل بعدم منطقية أن يقف نتنياهو جنبا إلى جنب مع القوى العالمية والأوروبية كرجل سلام، ويريد محاربة الإرهاب، بينما يستمر في تجاوز حقوق الإنسان ويرفض المصالحة مع الشعب الفلسطيني، فالمسألة الأساسية الرفض الأوروبي لإسرائيل ولسياساتها ولرموزها اليمينية وفي مقدمتهم نتيناهو، وأن فرنسا لا تنظر لنتنياهو كشريك في أي مواجهة مع الإرهاب، فأرادت إبعاده عن المسيرة لأنه يمارس احتلالا يُغضب المستوى الشعبي والرسمي في أوروبا. ويشير المراقبون الى من اهم الأسباب التي دفعت فرنسا لإقصاء نتنياهو عن المشاركة بالمسيرة، هي أن باريس -كما كل دول أوروبا- تدرك أن أحد المراكز التي تمارس الإرهاب هو الاحتلال الإسرائيلي، وأن أحد العوامل التي تؤجج الغضب لدى المسلمين هو الإصرار الإسرائيلي على استمرار الاحتلال. وكان نتنياهو شارك في مسيرة "الجمهورية" في باريس بحضور العديد من قادة العالم احتجاجا على الهجمات "الإرهابية" التي شهدتها فرنسا مؤخرا بينها هجوم على صحيفة ساخرة نشرت صورا تسيء للنبي محمد - صلى الله علية وآله وسلم-. وهنا يفرض السؤال نفسه ويطرح بقوة تساؤل يثار على مستوى الساحة والشارع الفلسطيني والعربي ،فهل تفلح مشاركة نتنياهو في مسيرة باريس ضد الارهاب وأعمال القتل المدانة في إعفاء الاحتلال من المسؤولية عن جرائمه في قطاع غزة وهل بمشاركته في المسيرة هذه يكون قد نفض يديه عن جرائمه البشعة في غزة وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية والقدس؟!!!