صمدت مبادرة وقف العمليات الفدائية التي اعلنتها فصائل المقاومة الفلسطينية شهرا ونصف الشهر، دون أن تخرق أي من الفصائل التزامها، سوى مرة واحدة0 وكان صمت الفصائل على الخروقات والانتهاكات؛ لكي تصمد الهدنة مذهلا محيرا في مقابل الجرائم الإسرائيلية التي ينفذها جيش الاحتلال بشكل يومي ضد الشعب الفلسطيني، والتي جاوزت حسب إحصائيات الفصائل الفلسطينية الألف خرق للهدنة في أيام معدودات. وتعلن إسرائيل من جهتها أن لا علاقة لها بالهدنة، وتزيد في استفزازها على لسان رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال، موشي يعالون، بالقول " انها لا تساوي قيمة الورق الذي كتبت عليه "0 يأتي ذلك فيما واصلت قوات الاحتلال الصهيوني عدوانها ضد الشعب الفلسطيني، دون مراعاة لموقف حكومة محمود عباس الحرج، الذي طالب الفصائل بوقف المقاومة برهة من الوقت كي يتمكن من دفع إسرائيل لوقف عدوانها المتواصل، عبر ضغوطات دولية. لكن بعد عمليات الجيش الصهيوني المتواصلة التي لم تتوقف يوما، جاءت عمليتي مخيم عسكر للاجئين، شرقي مدينة نابلس المحتلة، شمالي الضفة الغربية في الثامن من الشهر الجاري، التي استشهد فيها أربعة من الفلسطينيين ، واستشهاد قائد سرايا القدس في مدينة الخليل المحتلة جنوبي الضفة الغربية محمد سدر، لتضع التهدئة(الهدنة)على المحك ، فهل الهدنة اليوم بعد عمليتي راس العين، وارئيل الاستشهاديتين، في الطريق إلى نهايتها؟ يجمع الكثير من المراقبين، أن علميتي التفجير اللتين نفذتا صباح الثلاثاء، لا تشكلان نهاية للهدنة، بل ردا على استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، التي تواصل حصد المزيد من الضحايا رغم تعهد القوى والفصائل الفلسطينية بالتمسك بوقف عملياتها العسكرية لأشهر محددة. الدكتور خليل الشقاقي، المحلل السياسي الفلسطيني يرى أن الهدنة ستستمر، على هذا النحو، لوجود مصالح مؤقتة لمختلف الأطراف في استمرارها. فإسرائيل تريدها كي تقول للعالم بان السلطة الوطنية الفلسطينية لا تحارب المنظمات المسلحة، لذا فإنها ستواصل القيام بعمليات من هذا النوع؛ الاغتيالات، التجريف، بناء الجدار العنصري... . ويذهب الكاتب الصحافي هاني المصري، إلى أن اغتيال جيش الاحتلال الإسرائيلي أربعة من الفلسطينيين، وضع الهدنة على "كف عفريت "، ويمكن أن يؤدي إلى انهيارها، أو على الأقل، إلى بداية العد العكسي لهذا الانهيار، أو سيضعنا في حالة مزدوجة؛ يكون فيها التزام بالهدنة، ورد على الخروقات الإسرائيلية في آن واحد ، كما حدث في عمليتي راس العين، وارئيل. ويرى، الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، القيادي البارز في حركة المقاومة الإسلامية حماس، أن العدو الصهيوني لم يحترم أبدا الموقف الذي اتخذته الفصائل الفلسطينية بتعليق العمليات العسكرية ضد الكيان الصهيوني منذ ثلاثة أشهر، وقام العدو، بارتكاب أبشع صور الإرهاب ضد أبناء شعبنا الفلسطيني، وبالتالي العدو يتحمل كل ما يجري على الأرض. وأكد أن حماس قالت، إن التزامها بالهدنة، لا يعني عدم الرد على جرائم الاحتلال المتواصلة. ويخشى وزير الثقافة الفلسطيني الدكتور، زياد ابوعمرو، المكلف بملف الحوار مع الفصائل الفلسطينية، خصوصا الإسلامية، والذي كان له دور كبير في إقناع، حركتي حماس والجهاد الإسلامي بإعلان وقف العمليات المسلحة، على الهدنة، وقال " مستقبل الهدنة قد يكون الآن في مهب الريح، إذا واصلت إسرائيل اعتداءاتها، وإذا لم تف بالتزاماتها، لان هذه الهدنة، مؤقتة، ومشروطة ". مضيفا: نحن نشعر أن إسرائيل ندفع باتجاه تدمير الهدنة، ونحن نحملها المسؤولية على ذلك، لان هذا التصعيد من شانه أن يودي بالهدنة، وهناك حدود لضبط النفس الذي تمارسه الفصائل الفلسطينية. ويتوقع الشقاقي، أن الأمر لن ينتهي عند هذا الحد، بل ستتواصل عمليات الفعل، ورد الفعل، خلال الأشهر الأربعة أو الخمسة القادمة. الأيام القادمة ستتكون ملئية بالمفاجآت الكبيرة، لدى الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء، ففصائل المقاومة، التي وافقت على إعطاء ثلاثة اشهر للتهدئة، لملمة الكثير من جراحها، وكان الشهر والنصف وقتا كافيا، لإعادة ترتيب صفوفها المهلهلة بعد 35 شهرا متواصلا من الضرب المتواصل عليها من قبل جيش الاحتلال، والتقطت الفصائل أنفاسا كافية، لمواصلة المقاومة والعمليات المسلحة، ضد الاحتلال، الذي لا يريد قادته من الفلسطينيين، إلا إعلان الاستسلام فقط، تمهيدا للقبول بالاملاءات الصهيونية. ورغم أن شريحة غير قليلة من الساسة الفلسطينيين، يرون أن عمليات الرد الفلسطينية على الاعتداءات الإسرائيلية، مطلب إسرائيلي، تسجل من خلاله إسرائيل نجاحا في استدراج الفصائل إلى مراميها، إلا أن هذا النوع من العمليات داخل المدن الإسرائيلية، يضع شارون وحكومته، وجيشهم، في موقف حرج، مع الشارع الإسرائيلي،الذي ذاق طعم الأمان خلال شهر ونصف، بعد أن ذاق مرارة عدوان إسرائيل على الشعب الفلسطيني طوال سنوات ثلاث. رغم كل عمليات جيش الاحتلال في السنوات الثلاث ، لم تتمكن من وقف المقاومة الفلسطينية ، فكيف بالقضاء عليها !!! هذه العمليات رغم حساب الربح والخسارة فيها على الفلسطينيين، فان لها ربح وخسارة على الإسرائيليين أيضا، والخسارة عند إسرائيل تفوق الخسارة لدى الفلسطينيين، الذين لا يملكون الجيش، ولا الدولة، ولا مقوماتها التي أجهز الجيش الإسرائيلي على ما كان موجودا منها . قادم الأيام ستطبق نظرية العين بالعين والسن بالسن، والبادي اظلم، مع احتفاظ الفلسطينيين، بمبادرة التهدئة، إلى أن يعلن شارون الخروج عليها بفظاظته المعهودة، يوم أن يقرر، القيام بأعمال كبيرة جدا، على غرار أعماله السابقة التي، سعرت النيران في المنطقة. يومها سيخرج جيران كل معتدى عليه من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي ، ليأخذوا بالثأر لجيرانهم ، كما فعل الاستشهاديان ، خميس جروان ، وإسلام قطيشات ، ابنا السابعة عشرة عاما ، صباح الثلاثاء بعمليتهما ، اللتان ثأرا فيهما لجيرانهم من مخيم عسكر. وكالة الأنباء اليمنية(سبأ)