المخلافي: الثورة اليمنية شكلت في مضمونها امتداداً لحركة الثورة العربية العيدروس : المبادرة اليمنية عكست نضج الخطاب السياسي المستلهم من روح الثورة صنعاء - تقرير في لحظة تاريخية حاسمة سبقت قيام الثورة اليمنية المباركة في أل 6 2 من سبتمبر 1962م، كانت ثلة من مستنيري هذا البلد وطليعته المناضلة تصيغ الأهداف التي ستتحدد بها واجهة المرحلة الجديدة من تاريخ البلاد، وبحكمة بالغة تم صياغة ستة أهداف لخص المناضلون من خلالها طموحات شعب لطالما عانى من وطأة الظلم والاستبداد، ولم تكن تلك الأهداف محلية في اهتمامها بل كانت أيضاً صارخة في إعلان الهوية العربية للثورة اليمنية والبعد العالمي والإنساني لها ، حيث نص الهدف الخامس من أهداف الثورة على " العمل على تحقيق الوحدة الوطنية في نطاق الوحدة العربية الشاملة " ، في مؤشر على هوية هذه الثورة وارتباطها الحتمي بمحيطها العربي وحرص اليمن على أداء دور مؤثر في هذا المحيط يليق بتأثيرها الديموغرافي باعتبارها أصل العرب . وفي السابع عشر من شهر سبتمبر 2003م كان فخامة الرئيس / علي عبد الله صالح / رئيس الجمهورية يعيد التأكيد على جدية اليمن في الدعوة إلى قمة عربية طارئة لمواجهة القرار الإسرائيلي المبدئي طرد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من أرضه، وترافقت هذه الدعوة مع استعداد يمني لاستضافة القمة على أرض اليمن إذا كان يتعذر عقدها في مقر الجامعة العربية . وبين اللحظة التي صيغت فيها أهداف الثورة مؤكدة الهوية العربية للثورة اليمنية، وبين اللحظة التي أظهر فيها الرئيس علي عبد الله صالح هذا القدر من العزم لاستنهاض النظام العربي في مواجهة التحديات الخطيرة ، من خلال مبادرة اعتبرت في نظر المراقبين أقوى رد على الصلف الإسرائيلي ، ينتظم واحد وأربعون عاماً من عمر الثورة اليمنية المباركة ، وفي خلال هذا العمر الجميل تعددت الأحداث والمواقف والمبادرات اليمنية إزاء قضايا الأمة العربية وتطلعاتها إلى مزيد من الوحدة والتلاحم والقوة . إن العناية بالقضايا العربية كانت ولا تزال لازمة محترمة في الخطاب السياسي لليمن، وأشد ما تكون هذه القضايا حضوراً في الخطاب السنوي لرئيس الجمهورية عشية الاحتفالات بأعياد الثورة المباركة ، والعيد الوطني، وهي بالقدر نفسه التزام مبدئي يترافق مع كل تحركات القيادة السياسية للبلاد وكبار المسئولين والمؤسسات الدستورية.. وبينما كانت البلاد تخرج للتو من محنة الانفصال منتصرة للوحدة كثابت وطني وقومي، كان الحرص على تأكيد الالتزام اليمني تجاه أمته العربية بادياً بوضوح في الخطاب السياسي للبلاد كما عبر عنه فخامة رئيس الجمهورية، الذي قال عشية الاحتفال بالعيد الخامس والثلاثين للثورة ضمن خطاب وجهه للشعب " لا يسعني في هذه المناسبة إلا أن أجدد التأكيد على استمرار السياسة الخارجية لليمن على نفس المبادئ التي سارت عليها في الماضي ، والمنطلقة من الأيمان بأن اليمن جزء من الأمة العربية والإسلامية" . ومضى قائلاً " وسوف تظل الجمهورية اليمنية على مواقفها الداعمة للقضايا العربية والداعية إلى استعادة التضامن العربي وتفعيل النظام الإقليمي العربي من خلال دور حيوي وجديد للجامعة العربية بيت العرب جميعاً " . لقد كانت هذه العبارة الإشارة التي ستؤثر على مسار العمل العربي المشترك خلال ما تبقى من عقد التسعينات المنصرم وفي مستهل الألفية الثالثة ، إذ سرعان ما بادرت اليمن إلى بلورة مبادرة لضمان الانعقاد الدوري للجامعة العربية. وفي مارس 2001كان القادة العرب يعقدون أولى مؤتمرات القمة في العاصمة الأردنية عمان وفق الآلية التي اقترحها اليمن واعتمدتها الدولة العربية في مؤتمر القمة غير العادية التي عقدت في العاصمة المصرية القاهرة في أكتوبر من العام 2000م ، ولتصبح ملحقاً وجزءً لا يتجزأ من ميثاق الجامعة العربية . القادة العرب اعتبروا في بيانهم الختامي " أن اجتماعهم في عمان في أول مؤتمر دوري منتظم يشكل انطلاقة جديدة في مسيرة العمل العربي المشترك تمكن من اتخاذ القرارات والمبادرات التي يتطلبها الوضع العربي، ومعالجة القضايا الحيوية للأمة ، ووفق هذا المنظور أجمع القادة على أن استعادة التضامن العربي يشكل الدعامة الأساسية، والعروة الوثقى، ومصدر قوة الأمة لصيانة أمنها، ودرء الأخطار عنها وتجسيد آمال وطموحات أبنائها بالتكامل والتضامن". واعتبر القادة العرب كذلك مؤتمرهم المنعقد في عمان وفقاً لآلية الانعقاد بأنه " يشكل حدثاً بارزاً ومناسبة لتجديد العهد بالالتزام بالثوابت والمرتكزات التي يقوم عليها العمل العربي المشترك، واحترام الضوابط التي تحكم العلاقات العربية- العربية وتصون المصالح الحيوية للدول العربية في إطار تحقيق الوفاق العربي والأمن القومي". لقد كانت دعوة اليمن المتضمنة في الخطاب السنوي لرئيس الجمهورية سباقة في طرح أولية إصلاح البيت العربي.. وكان ذلك في العام96م . وفي هذا الخصوص يقول الدكتور عبدالكريم الإرياني - المستشار السياسي لرئيس الجمهورية في حديث لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) " إن البعد القومي للثورة اليمنية يبدو واضحاً في أهدافها ، فتلك الأهداف لم تكن ذات بعد محلي ، ولكنها كانت ذات بعد قومي ". لكنه اعتبر أن مرحلة الاستقرار التي جاءت مع الوحدة اليمنية والتي هي ثمرة من ثمار الثورة المباركة هي التي ساهمت في تعزيز البعد القومي في الخطاب السياسي لليمن . ويقول " كان التشطير عائقاً أمام إبراز البعد القومي فجاءت الوحدة المباركة ، وأصبحت معها قضايا الوطن الداخلية محسومة لصالح دولة وحدوية ديمقراطية تعددية ، وعندئد برز البعد القومي بقوة أكبر وبمثابرة أكبر في الخطاب السياسي لليمن ". ويتابع الإرياني"و خلال السنوات الأخيرة تعددت المبادرات والتي كان أبرزها المبادرة المتعلقة بآلية انعقاد القمة العربية، ودعوة فخامة رئيس الجمهورية إلى إصلاح النظام العربي والتي جاءت مبكرة وقبل أن يتبنى القادة العرب مبادرة في قمة بيروت في مارس 2002م لإصلاح العمل العربي المشترك " . ويأتي طرح الأخ/ عبد الملك المخلافي / الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري في هذا السياق متسقاً مع ما طرحه الدكتور الإرياني بشأن الدور الحيوي للوحدة اليمنية في تعزيز الحضور العربي في الخطاب السياسي لليمن ويقول في حديث للوكالة " لا شك أن الوحدة كانت محطة في استعادة اليمن لدورها وثقلها القومي وفي المسيرة العربية ، فلم تعد ذلك الكيان المجزأ والبعيد والمجهول ، بل أصبح اليمن هو البلد العربي الذي حقق وحدته وحافظ عليها وكان أبرز تجارب التوحد العربي" . ويتابع قائلاً " إن هذا الأمر - ويعني به الوحدة-قد أدى إلى أن تصبح السياسة الخارجية لليمن أكثر فعالية وأكثر قدرة على التأثير وخصوصاً إزاء القضايا العربية ". ويوضح /المخلافي /" أن إمكانيات اليمن المجزأة لم تكن لتتيح له لعب دور على المستوى العربي على الرغم من وجود مبادرات يمنية من الستينات وحتى الثمانينات سواء تجاه القضية الفلسطينية أو تجاه قضية أمن البحر الأحمر ، أو رفضه لمشاريع التسوية ، ولكن هذا الدور كان يحبط بسبب عامل التشطير الذي كان يقف حائلاً دون وصول هذا الدور اليمني بكل قوته إلى العرب والعالم" . وفي حين يعتبر/المخلافي/"أن هوية الثورة اليمنية كانت واضحة في انتمائها القومي ، وهو ما تضمنته أهداف الثورة " فإنه يؤكد في الوقت ذاته " أن هذه الهوية الواضحة للثورة تنعكس بشكل بارز في السياسة الخارجية التي تميزت بقوة وتأُثير كبيرين وبفضل ما تحقق داخلياً من وحدة واستقرار ضمن نظام سياسي تعددي وديمقراطي ، أصبحت معه اليمن قادرة على أن تشع بنورها على الوطن العربي كله ، فهي حققت انتصاراً على التجزئة والتشطير وحققت تعددية ديمقراطية ، ومن ثم أطلقت عدداً من المبادرات والتي كان أبرزها آلية انعقاد القمة العربية". ويؤكد /أمين عام التنظيم الناصري/ على أن الشعب اليمني قد استطاع أن يعوض بالثورة غياب اليمن عن محيطه العربي تعويضاً لم يكن متوقعاً ". ويقول إن الثورة اليمنية شكلت في مضمونها امتداداً لحركة الثورة العربية التي كانت تعتمل في المنطقة إبان الخمسينات والستينات بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر . ويضيف " لقد صار من المعروف الآن أن ثورة 26 سبتمبر كانت الحدث الذي جاء رداً على تعثر تجربة الوحدة العربية وسقوط الجمهورية العربية المتحدة عام 61 ، في حين مثلت ثورة 14 أكتوبر تصعيداً جديداً للمد القومي في مواجهة الاستعمار" . وفي هذا السياق يعتبر المخلافي " أن ثورة 14 أكتوبر وثورة الجزائر مثلتا أكثر شواهد الكفاح المسلح ضد الاستعمار في الوطن العربي والعالم الثالث ، ومثلت ثورة أل 14 من أكتوبر أبرز الثورات المسلحة ضد الاستعمار البريطاني". ويرى الأخ/ محمد حسين العيدروس / الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام أن المبادرة اليمنية لإصلاح النظام العربي وتطوير العمل العربي المشترك جاءت تعزيزاً للخطاب السياسي لليمن والحافل بالاهتمامات العربية وبالانحياز للقضايا العربية وللأولويات الملحة للأمة. ويقول " إن المبادرة اليمنية تعكس نضج الخطاب السياسي المستلهم من روح الثورة، ولذلك استطاعت هذه المبادرة أن تقدم رؤية مستقبلية متميزة للعمل العربي المشترك ، وآلية تأخذ في الحسبان التطورات وتعالج الإخفاقات والعوائق التي تثبط العمل العربي وتحد من فعاليته وتأثيره." إن التصعيد الذي يشهده الخطاب السياسي اليمني لصالح القضايا العربية ممثلاً في المبادرة الهادفة إلى تطوير العمل المشترك يبدو اليوم مثار اهتمام النخب العربية السياسية والمثقفة ومثار اهتمام في الدوائر الرسمية العربية " ومثلما نجحت اليمن في إقرار مبادرتها بشأن آلية الانعقاد الدوري للقمة العربية مستلهمة إصرارها ذلك من روح ثورتها المسكونة بالعروبة ، فإن مبادرتها لتطوير العمل العربي المشترك تمتلك من نقاط القوة ومن وجاهة الطرح وقوة المضمون وضرورته أسباباً كافية لجعل العرب يلتفون حول هذه المبادرة ، وينظرون بإعجاب لهذا البلد ولثورته المسكونة بالهم العربي منذ انطلاقها في السادس والعشرين من سبتمبر 1962م وعبر امتدادها المتألق في الرابع عشر من أكتوبر 1963م. وفي هذا الخصوص يقول الدكتور عبد الكريم الإرياني " لا شك أن البعد القومي للثورة اليمنية قد برز واضحاً في المبادرة اليمنية التي قدمتها للجامعة العربية وللملوك والرؤساء والأمراء العرب". ويضيف " المبادرة تاريخية ، ونأمل أن الجميع سيجد فيها المخرج من حالة الضعف التي تكتنف العمل العربي المشترك ومن استهانة الغير بهذه الأمة وهو ما يمثل أروع ما تقدمه المبادرة اليمنية". وكالة الانباء اليمنية سبأ