في أقصى جنوب غرب شبه الجزيرةالعربيةتقع الجمهورية اليمنية،التي تربطنامعها علاقات صداقةابتدأت منذ خمسة وسبعون عاماً، تاريخ توقيع اول معاهدة صداقة وتجارة بين المملكة المتوكلية اليمنية والاتحاد السوفيتي ، في 1 نوفمبر1928والتي كانت بداية عهد " علاقات رسمية طبيعية بين البلدين ومنذ ذلك الحين جرت مياه كثيرة. في 26 سبتمبر1962 قامت الثورة في اليمن الشمالي وأطاحت بالنظام الملكي ليحل محله النظام الجمهوري . وإشتعلت حرب أهلية طالت سبعة أعوام أودت بحياة الكثيرين، ومع ذلك صمد النظام الجمهوري و جعل التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي مرت فيها البلاد العميقة واقعة لا رجعة فيها. وكان الإستعمار الإنجليزي قد قسم الشعب اليمني في القرن التاسع عشر بشكل مفتعل إلى دولتين . ورغم حصول اليمن الجنوبي على استقلاله في نوفمبر 1967. فقد مرت علاقات الشطرين بمراحل مختلفة، واحياناًاندلعت بين الدولتين الشقيقتين نزاعات مسلحة. وقد قام دائماً الاتحاد السوفيتي - الذي كانت تربطه معاهدات صداقة بالدولتين اليمنيتين- بدور الوسيط، داعياً إلى ضبط النفس والتمسك بالحوار السياسي كاأسلوب لحل الخلافات الناشبة. وفي مايو 1990اتحد اليمن الشمالي واليمن الجنوبي في دولة واحدة. وقضى رئيس الجمهوريةاليمنية على عبدالله صالح بحزم على محاولات الانفصاليين اليمنيين الجنوبيين الرامية لإنتهاك الوحدة اليمنية. وتنتهج الدولة اليمنية الموحدة والبالغ عدد سكانها اليوم 25 مليون نسمة،سياسةخارجية متوازنة وتنفذ برامج اقتصادية طموحة . وتعكس إرادة بناء دولة عصريةإنطلاقاً من مبادئ الديمقراطية والشريعة الإسلامية كمحور ارتكاز لسياسة الداخلية في الجمهورية اليمنية. وقد قُدر لي أن أعمل في اليمن الشمالي في العهدالملكي وعهدالنظام الجمهوري وفي المبنى الذي سلمته سلطات الجمهورية اليمنية لسفارة الاتحاد السوفيتي في العاصمة التاريخية لليمن صنعاء، عثرت على عدة صور لها علاقة مباشرة بوزير خارجية المملكة اليمنية راغب بيه الذي وقع في عام 1928 أول معاهدةصداقة وتجارة مع الاتحادالسوفيتي وكان راغب بيه دبلوماسيا تركياوعمل في سفاراتها في سانت بطرسبورغ ، بلغراد، وتيرانا. وكان واليا للسلطان التركي في صنعاء إلاّأنه رفض في عام 1918 العودة إلى تركيا وتحول إلى خدمة الإمام يحيى ، حاكم اليمن آنذاك ، وكان قد تزوج في سانت بطرسبورغ من فتاة روسية لودميلا فولكوفا ،التي أصبحت رفيقة عمره ، وانتقلت للعيش معه في صنعاء وكان لديهما ابنتان رحلت إحداهما إلى اسطمبول وأصبحت الثانية زوجة الأمير قاسم ابن الإمام يحيى . وكان منزل الأمير قاسم تحديداً هو المبنى الذي أصبح حينها مبنى سفارة الاتحاد السوفيتي ، وقد لي أن أكون أول دبلوماسي سوفيتي تتخطى قدماه عتبة هذا المنزل المشيد على النمط المعماري اليمني التقليدي. ومن الواضح أن الأسباب الموضوعية هي ، التي تحدد مجرى الأحداث التاريخية، ولكن التاريخ يصنع البشر بحبهم وحقدهم الشخصيين ومستوى تعليمهم المتباين وتجاربهم الحياتية المختلفة. من يعلم ! لعل راغب بيه تذكر سانت بطرسبورغ الغائمة وهو يتباحث مع ممثلينا حول معاهدة الصداقة والتجارة في عشرينات القرن المنصرم،عندما دار الصراع بين الاتحاد السوفيتي ، إنكلترا ، فرنسا وايطاليا على النفوذ في جنوب شبه الجزيرة العربية ولعله تذكر أيضاً سياسة روسيا القيصرية في الشرق الأوسط وتنافسها مع الدول العظمى الأخرى. لقد كانت المعاهدة مربحةلليمن الشمالي التي كانت بريطانيا العظمى تدبر له المكائد في جنوب شبه الجزيرةالعربية. وكانت مربحة أيضاً للإتحاد السوفيتي ، لأنها منحته مسوغاً مهماللتنويه مرة أخرى بمبدأ المساواه والاحترام المتبادل في سياسته الخارجية . وليس صدفة أن راغب بيه في حديثه مع أعضاء الوفد السوفيتي صرح قائلاً : " نحن لا نع بعد تماماً الأهمية الكبرى لهذه الأيام التي وضعت لبنات التقارب السوفيتي – اليمني". لم تتوقف العلاقات الثنائية عن التطور على مدى خمس وسبعين عاماً. ساعدت بلادنا الشعب اليمني في بناء ميناء الحديدة الجديد وشق طريق تعز – الحديدة وتعبيدها، وبناء مصنع الإسمنت في باجل وغيرها من المشاريع . وجرى إعداد الآلاف ن الاختصاصيين المدنيين والعسكريين وعمل ولا زال يعمل مئات الاطباء السوفييت في مؤسسات اليمن الطبيه. وفي ديسمبر عام 2002 زار رئيس الجمهورية اليمنية علي عبدالله صالح موسكوللمرة الثالثة وهو موجود على رأس السلطة منذ عام 1978 وتحققت في عهده أهم المنجزات خاصة الوحدة اليمنية ، تنظيم استخراج النفظ والغاز وإقامة دولة عصرية مركزية ديموقراطية . وقد وقع علي عبدالله صالح خلال زيارته على معاهدة جديدة لصداقة وتعاون مع الاتحاد الروسي. ويعتبر إنشاء جمعية الصداقة مع اليمن في 6 أغسطس 2003 ، استمرارا منطقياًلتطور العلاقات الروسية – اليمنية . وقد ترأس الجمعية مدير الارميتاج الحكومي ميخائيل بيوتروفسكي الذي عمل الكثير لدراسة تاريخ اليمن المعاصر والقرون الوسطى . ويدخل في الهيئات الإدارية للجمعية الأكاديمي ف. يا. بتراكوف، سفير المهمات الخاصة في وزارة الخارجية الروسية ف.ف.بوبوف وممثلو قطاعات رجال الأعمال:ي.ف.غودزينتشوك، أ .ف. أخوتكين، ل.ن. مانين وغيرهم. ولاشك أن جمعيتنا سوية مع جمعية الصداقة- اليمنية في صنعاء،التي يرأسهاوزير الدولة اللواء عبدالله البشير ، ستؤدي دورها في تنمية الصادقة التقليديةبين شعبينا. سبأنت