شهدت الأربعة الأيام الماضية حدثا مهما في تاريخ الاتحاد الاوروبي ابعد ستة أسابيع من توسيع الاتحاد حيث ادلى مواطنوا خمسة وعشرين دولة أوروبية بأصواتهم لانتخاب أعضاء البرلمان الذي يقع مقره في ستراسبورغ 0 وفي وسط اجواء توضح عدم تحمس الناخبيين في بريطانيا وهولندا فتحت مراكز الاقتراع أبوابها يوم الخميس الماضي وشهدت الساعات الأولى من الانتخابات نسبة إقبال ضعيفة للغاية 0 وادلى يوم الجمعة الماضية الناخبون في مستعمرة جبل طارق البريطانية بأصواتهم في انتخابات البرلمان الاوروبي لاول مرة مما يفتح جبهة جديدة في صراع مستمر منذ 300 عام مع أسبانيا علي السيادة في المنطقة ، كما ادلى الناخبون في ايرلندا والتشيك وايطاليا ولاتفيا ومالطا باصواتهم يومي الجمعة والسبت وسيجري التصويت في بقية الدول اليوم الاحد لانتخاب أعضاء البرلمان الاوروبي للسنوات الخمس المقبلة 0 و يضم البرلمان الاوروبي الموسع ما جملته 732مقعدا يوزعون على 25دولة عضواً في الاتحاد على النحو التالي : بلجيكا 24مالطة 5- الدنمارك 14- هولندا 27- ألمانيا 99- النمسا 18- إستونيا 6- النمسا 54- فنلندا 14- البرتغال 24- فرنسا 78- السويد 19- اليونان 24- سلوفاكيا 14- بريطانيا 78- سلوفنيا 7- أيرلندا 13- أسبانيا 54- إيطاليا 78- جمهورية التشيك 24- لاتفيا 9- المجر 24- ليتوانيا 13- قبرص 6- لكسمبورج 6- 0 وسوف يتمكن نواب البرلمان الاوروبي البالغ عددهم 732 نائبا من العمل في المؤسسة الاوروبية الوحيدة التي يجري اختيار أعضائها عن طريق الانتخاب المباشر 0 واصبح البرلمان الذي لم يكن يزيد فيما مضى عن كونه مجلسا للتباحث الهيئة المنوطة بالرقابة على الديموقراطية وحقوق الانسان في الاتحاد وسوف يكتسب مزيدا من النفوذ في صياغة سياسات الاتحاد حول سلسلة من القضايا الداخلية والخارجية والمالية 0 وأظهرت التجارب من الانتخابات السابقة أن أقل من نصف ناخبي الاتحاد الاوروبي يشاركون في الانتخابات الاوروبية ، ولا يتوقع أن تكون نسبة الاقبال على التصويت أفضل هذه المرة مقارنة بالمرات السابقة0 فمنذ الانتخابات الاولى فى 1979، ظهرت الانتخابات الاوروبية بمثابة اقتراع "من الدرجة الثانية" وانتخابات العام 2004 لا تخرج عن هذه القاعدة. وبحسب معهد اى او اس غالوب فان 49% فقط من الناخبين "متأكدون" بانهم سيدلون باصواتهم. وفى الانتخابات الاخيرة فى 1999 سجلت نسبة المشاركة انخفاضا قياسيا اذ بلغت 8ر49 %. ويبدو احجام الناخبين اكبر لدى الدول العشر الجديدة والتي انضمت الى الاتحاد الاوروبي في اول مايو الماضي حيث انطفأ وهج الحماس مع انضمامهم، ويخشى من ان تتراوح نسبة التغيب عن التصويت فى بولندا او جمهورية تشيكيا بين 70 و80% بحسب استطلاعات الرأي. ورغم الاستحقاقات الحاسمة (الدستور وترشيح تركيا) والصلاحيات المتنامية للبرلمان الاوروبي فان المواضيع الاوروبية الكبرى لاقت صعوبات جمة فى فرض نفسها فى الحملة الانتخابية. وتستعد حكومات الدول الاوروبية التي شاركت بقواتها في الحرب على العراق إلى مواجهة رد فعل سلبي في الانتخابات حيث يصب الناخبون غضبهم إزاء استمرار القتل وسفك الدماء في العراق 0 ويتوقع كل من رئيس الوزراء البريطاني توني بلير ونظيره الايطالي سلفيو برلسكوني أن يتكبدا هزيمة انتخابية ساحقة 0 ففي بريطانيا التى وصفت الانتخابات فيها بانتخابات الخميس الكبير لانها شملت ايضا انتخابات مجالس محلية وانتخاب رئيس بلدية لندن أخذت الانتخابات شكل تصويت احتجاجي على رئيس الوزراء توني بلير لدعمه الحرب في العراق0 ولا يختلف الموقف كثير في ايطاليا فقد أثار النداء الذي وجهه رئيس مجلس الوزراء الإيطالى سيلفيو برلسكونى امس عبر رسالة موجهة للهواتف المحمولة انتقادات واسعة في صفوف المعارضة الإيطالية واعتبروه دعاية سياسية بحتة 0 وكان برلسكونى قد وجه أمس 56 مليون رسالة اليكترونية إلى الإيطاليين لإخطارهم بميعاد التصويت الذى يجرى السبت و الأحد فى انتخابات البرلمان الأوروبى وانتخابات العمد والمجالس المحلية ودعوته للناخبين بضرورة الإدلاء بأصواتهم 0 اما اسبانيا التى شاركت هي الاخرى في تلك الحرب ولكنها سرعان ماعدلت موقفها بسحب قواتها من العراق يتوقع ان يحقق الاشتراكيون الذين تولوا السلطة فوزا انتخابيا ثانيا خلال ثلاثة أشهر بسبب موقفهم المعارض لحرب العراق الذي تبناه رئيس الوزراء الاسباني خوسيه لويس رودريجث ثاباتيرو 0 وفي المقابل فان الدول التى عارضت الحرب على العراق مثل المانياوفرنسا فتسيطر حالة عدم الرضا بشأن السياسات الداخلية على العملية الانتخابية. ففي المانيا ربما يهاجم الناخبون الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية غير الشعبية للمستشار جيرهادر شرودر عن طريق ترجيح كفة الاتحاد المسيحي الديموقراطي المعارض في الانتخابات 0 كما يتوقع أن يستفيد الاشتراكيون في فرنسا من تصاعد حالة عدم الرضا الشعبي إزاء سياسات الحكومة 0 ويشن السياسيون الذين ينتمون ليمين الوسط في المانياوفرنسا حملة ضد انضمام تركيا للكتلة الاوروبية 0 وفي هولندا يتوقع أيضا أن توجه لطمة لحكومة يمين الوسط بسبب القلق بشأن الاقتصاد والوظائف وخفض الانفاق 0 وبين التوقعات والتحديات تعكس نتائج الانتخابات البرلمانية الاوروبية صوت الشارع الأوربي تجاه حكوماته سلبا وايجابا.