لا يختلف اثنان بأن نظامي الإمامة والاستعمار عمدا خلال فترة حكمهمالليمن، إلى تكريس أوضاع التخلف والبؤس والحرمان والتفرقة المقيتة، ليضمناأمد سيادتهما على مقاليد أمور البلاد والعباد لأقصى زمن ممكن . ومن نافل القول إن بشاعة الإمامة ممثلة بنظام بيت حميد الدين، والتسلط الاستعماري، تتجلى صورها في كل مجالات الحياة، لكنها أكثر وضوحاً على صعيدالبنى التحتية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.. ولمناسبة أعياد الثورة اليمنيةسنحاول من خلال جملة من التقارير المتتابعة رصد حال التطور الذي شهدته هذه البنى بفضل الثورة اليمنية . أولا/ الطرق.. على الرغم من أن اليمنيين اشتهروا على مر العصور بأن لهم باع طويل بطرق القوافل، لاهتمامهم بالتجارة ولموقع بلادهم على مفترق طرق بين الشرق والغرب،واشتهرت اليمن بطريقين من طرق (اللبان، البخور، والبِهارات) هما: طريق ساحل عدن- مأرب- براقش- الشام، وطريق ساحل البحر الأحمر- الشام-مصر، وهما بالطبع طريقان بدائيان، فإن حكم الأئمة البغيض عمد إلى إهمال الطرق، لعلمه اليقين بأن شق وتعبيد الطرق كفيل بكسر طوق العزلة المفروض على مناطق البلاد، وتقريب المسافات بين أبناء الوطن ، وسيساعد على وصول رياح العصر، التي بدأت تباشيرهاتهل، خلال العقود الأولى للقرن العشرين، على بلدان وشعوب المنطقة العربية. وخلافاً للقاعدة المعتمدة على هذا الصعيد، وبسبب مقتضيات المصالح الأنانيةالضيقة للنظام الإمامي، جرى في شمال البلاد نهاية خمسينات القرن الماضي شق طريق الحديدة /صنعاء بطول (231) كيلومترا بمساعدة من الصين الشعبية، وهوالطريق الإسفلتية الوحيدة الذي ورثته الثورة، فيما ساعدت الوكالة الأمريكيةللتنمية الدولية في شق طريق حصوي بين المخاءوتعز، وبين تعز، وصنعاء، والذي تم استكماله بعد قيام الثورة المباركة بمساعدة ألمانيا الاتحادية. وفي مناطق جنوب البلاد، أنشأ المستعمر ما يقارب (250) كيلومترا من الطرق داخل مستعمرة عدن، لخدمة متطلبات لقاعدة العسكرية البريطانية هناك، إضافة إلى طريقين بين عدنولحج، وبين عدنوزنجبار وجعار في أبين، لأغراض تسيهل انسياب المنتجات الزراعية لعدن وتلك اللازمة للمصانع الإنجليزية وخاصةالقطن. ومن هنا، فإن أطوال الطرق على الأرض اليمنية عند انتصار ثورة 26 سبتمبر1962، لم تتجاوز 300 كيلومتر، وهو الأمر الذي مثل تحدياً كبيراً أمام حكومةالثورة اليمنية، بالنظر إلى الدور الهام لقطاع الطرق كشريان أساس للتنميةالاقتصادية والاجتماعية المأمولة، وبالتالي تغيير وجه الحياة البشع للإمامةوالاستعمار، والانطلاق بشعب اليمن نحو حياة حرة وكريمة وتؤرخ المؤسسة العامة للطرق، لمراحل ثلاث في نشوء وتطور قطاع الطرق في اليمن، تمتد الأولى بين 1962- 1977م، والثانية خلال الفترة 1978 - 1989م،والثالثة منذ إعادة توحيد الوطن وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990وحتى اليوم. وخلال المرحلة الأولى، جرى إنجاز قرابة (1500) كيلومترا من الطرق الإسفلتيةبين محافظات الحديدةوتعز، وصنعاء وذمار وإبوتعز، وصنعاء وصعدة، وأبينوحضرموت،إضافة إلى مجموعة طرق أخرى بين مناطق مختلفة في محافظات تعز، أبين، ولحج،فضلاً عن شق طرق حصوية بطول (286) كيلومتراً بين مناطق في محافظات إب، تعز،الحديدة، وحضرموت. وشهدت المرحلة الثانية، التي تزامنت انطلاقتها مع مجيء فخامة الرئيس علي عبدالله صالح للسلطة، إنجاز 19 مشروعاً من الطرق الإسفلتية قاربت أطوالها(2000) كيلومتر بين محافظات عدة على الأرض اليمنية، إضافة إلى قرابة (400)كيلومترا من الطرق الحصوية في عدد من المحافظات . ولأن حلم اليمانيين تحقق بإعادة اللحمة للأرض والإنسان مطلع تسعينات القرن العشرين، فإن عصرا ذهبيا لقطاع الطرق في اليمن بزغت أنواره عند ذلك التاريخ المجيد (22 مايو 1990) لتمحو الطرق البرية ما تبقى من حواجز الفرقةوالتشطير إلى الأبد . فإلى جانب إنجاز المئات من مشاريع طرق إسفلتية وحصوية بين المحافظات وفي إطارها، جرى كذلك شق طرق وصل بين محافظات الشطرين السابقين، بالإضافةإلى تنفيذ مشاريع تقوية للطرق الإسفلتية القائمة. وخلال الفترة 1990 - 1997، تم إنجاز (312) كيلومترا من الطرق الإسفلتيةبينها طريق قطعبة الضالع، وكان العمل جار في إنجاز ما طوله (1000) كيلومترمن طرق الإسفلت، بينها طريق صافر- حضرموت الاستراتيجي، بالإضافة إلى مشاريع طرق مزدوجة عند مداخل الحديدةوتعز، ومشروعات تقوية لخمس طرق قائمة. وفيما كان العمل، خلال الفترة المذكورة، جار في تنفيذ طرق حصوية بطول يقارب (700) كيلومتراً، تم إنجاز 320 منها في مختلف المحافظات. ومنذ العام 1997 وحتى اليوم، يمكن للمتتبع للوضع الحالي للطرق أن يعلم حجم العناية الكبيرة التي أولتها القيادة السياسية والحكومة لتنفيذ العديدمن مشاريع الطرق، والتوسع خاصة في ربط المحافظات والمديريات، فضلاً عن الربط الإقليمي لليمن بالدول الشقيقة المجاورة . خلاصة: وبحسب تقارير وزارة الاشغال العامة والطرق، فإن شبكة طرق دولية تتوفرفي اليمن حالياً تربطها بدول الجوار، بطول 2260 كم، إلى جانب الشبكة الرئيسةللطرق التي تربط عواصم المحافظات بطول 1152 كم، وأخرى ثانوية تربط المديريات بعواصم المحافظات بطول 1624 كلم، والطرق الفرعية التي تربط مراكز المديريات والقرى بطول 50 ألف كم. وإجمالاً تؤكد الإحصائيات الرسمية، إن شبكة الطرق الحالية في الجمهوريةاليمنية تتألف من حوالي 6000 كيلومتر من الطرق الإسفلتية و3200 كيلومترامن الطرق الحصوية، إضافة إلى ما بين 54 - 60 ألف كيلومتر تم شقها من قبل المجالس المحلية والتعاونيات والمواطنين، فيما يشترك الصندوق الاجتماعي للتنميةومشروع الأشغال العامة في تنفيذ العديد من مشاريع الطرق. وخلال احتفالات العيد الرابع عشر للجمهورية اليمنية، جرى افتتاح أكثرمن 15 مشروعا عملاقا للطرق بطول إجمالي يتجاوز (750) كيلومترا، وبتكلفة إجماليةبلغت (22) مليار و(247) مليون ريال، بينها الطريق الساحلي الممتدة بين محافظتي تعزوعدن، مروراً بمحافظة لحج، وهي طريق المخاء - باب المندب- راس العارة-راس عمران بطول 228 كيلومتراً . الطرق الريفية: أشار تقرير حديث لوزارة التخطيط والتعاون الدولي، إلى أنه تم التعاقد مؤخراً مع شركة استشارية دولية لإعداد وتجهيز الخطة العامة لشبكة الطرق الريفيةوتحديد الأولويات. ويقوم مشروع الطرق الريفية بتنفيذ طرق تربط عدة محافظات مع بعضها علىشكل مجاميع (تعز - الضالع - لحج - إب)، و(حضرموت - شبوة - المهرة - أبين)،و(المحويت - حجة - عمران - صعدة)، حيث تم إنشاء وحدات فرعية لتلك المجموعات تتولى شق وسفلتة الطرق الريفية. ويساهم الصندوق الاجتماعي للتنمية في تنفيذ بعض مشاريع الطرق الريفيةذات الأولوية، حيث قام بتنفيذ 12 مشروعاً في مناطق مختلفة بقيمة 294 مليونريال، فيما يشير تقرير وزارة التخطيط إلى تخصيص 30 بالمائة من مخصصات صندوق صيانة الطرق للمجالس المحلية لصيانة بعض الطرق الاسفلتية والترابية، وقام مشروع الأشغال العامة بتنفيذ اعمال رصف 111 كم وجدران مساندة بحجم 575 م مكعب وإنشاء عبارات بمساحة 287 كم مربع. مشاريع الربط الإقليمي: تضمنت الخطة الخمسية الثانية (2001- 2005) إنشاء شبكة متكاملة من الطرق ربط بين المناطق الحدودية بمناطق الإنتاج المختلفة، بهدف ربط اليمن بدول الجوار بشبكة طرق دولية على أحدث المواصفات. وقسمت هذه الطرق إلى ثلاثة محاور: يتضمن لأول الطرق الاستراتيجية التي تربط أكثر من محافظة من محافظات الجمهورية وطرق ربط دولية مع الطرق الدوليةالتي تمر باليمن.. ويبلغ أطوال هذه الطرق (4300) كم، تشمل الخط الساحلي بطول1783 كم، ويربط بين السعودية وعُمان، بدء من حرض على الحدود السعودية وحتىحوف على الحدود العُمانية بجوار السواحل، حيث يمر هذا الطريق الساحلي من حرضالحديدة- المخا باب المندب- رأس العارة- رأس عمران-عدن- زنجبار- شقرة-أحور- رضوم- المكلا- سيحوت- نشطون- الغيظة- حوف وهناك جزء من هذا الطريق منفذ بطول 910 كيلومترات، ويجري حالياً استكمال الطريق الساحلي بطول 873 كم منها طريق سيحوت نشطون بطول 173 كم بتمويل من الصندوق العربي وبقية مسار الطريق بتمويل محلي وأجنبي. ويتضمن المحور الثاني للطرق الاستراتيجية، طريق صحراوي بطول (1402) كم،ويربط اليمن بالدول المجاورة بدءا من منطقة علبين بمحافظة صعدة على الحدودالسعودية، وانتهاءً بمنطقة شحن بمحافظة المهرة على حدود سلطنة عمان، ويمر مسار هذا الطريق من علبين، صعدة، البقع، التيمة، الريان، جبل الصغير،العبر، سيئون، تريم، ثمود، شحن.. وهناك جزء منفذ من هذه الطريق بإجمالي طول1022 كيلومترا.. ويجري العمل في استكمال الدراسات لتنفيذ الجزء المتبقي من مسار هذا الطريق بطول 380 كلم . ويمتد المحور الثالث من الطرق الاستراتيجية، من علبين مرورا بصعدة، عمران،صنعاء، تعز، حتى عدن بطول 459 كم خط مزدوج، لمواجهة كثافة المرور، وسينفذبتمويل مشترك من الصندوق السعودي والحكومة اليمنية، وهو من المشاريع العملاقةوالطموحة. تنظيم إنشاء الطرق وضمان صيانتها: يقوم صندوق صيانة الطرق والجسور بتنفيذ اعمال صيانة وترميم الطرقات، حيث نفذ خلال عام 2003 أعمال صيانة دورية وإعادة تأهيل شملت 3961 كم من الطرق الإسفلتية و 197 كم من الطرق الحصوية، وصيانة خاصة بإضافة طبقة إسفلتيةل149 كم، بالإضافة إلى الصيانة الطارئة لعدد من المقاطع المتضررة من السيول والفيضانات. وتعمل حالياً 5 محطات للوزن المحوري في كل من الحديدة، حرض، تعز، المخا،والمكلا، واتخذت الترتيبات لإنشاء 5 محطات متحركة بما فيها مفرق الضحي- الكدن،وتم إلزام الشركات المنفذة للطرق بوضع العلامات والإرشادات المرورية والتحذيرية. كما نفذ برنامج توعية بين أوساط سائقي الشاحنات حول مخاطر الحمولات الزائدةعلى شبكات الطرق والمركبات، وإصدار نشرة شهرية ومجلة فصلية. سبا