شكلت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر1962، والرابع عشر من أكتوبر1963،نقطة تحول وتغيير جذري في حياة الشعب اليمني على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.. والانتقال من مرحلة جمود في ظل حكم إمامي متسلط واستعماري ، حرم الشعب من كافة الحقوق لإنسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية، ومن أبسط مشاريع الخدمات الأساسية والتنموية. ففي شمال اليمن كان حكم الإمامة يستند إلى التبرير باسم الدين والنسب ويقوم على الفردية المطلقة المفضية إلى الاستبداد، إذ لا حكومة ولا مؤسسات حكم، وزعم الأئمة أن الناس رعايا في خدمة من أرادهم الله أئمة وحكاما للمسلمين، واعتبروا الخارج عن الإمام خارجا عن طاعة الله، وانتهجت الإمامة سياسة أخذ الرهائن وتعسف الرعية في جباية الأموال بطرق غير شرعية، وأقام الحواجز بين أجزاء البلاد لعزل بعضها عن البعض الآخر. وفي جنوب الوطن كان الاستعمار يتبع سياسته المعروفة ب " فرق تسد" إذ وزع جنوب الوطن إلى ما يقرب من 22 إمارة ومشيخة ، ووضع حدود استعمارية وهمية بين تلك المحميات والإمارات وجعلها تتصارع فيما بينها البين ، وأخذ يتعاطى مع أبناء الشعب اليمني علي أسس مناطق مجزئة . بداية الغيث ثورة: وجاءت ثورة 26 سبتمبر، كضرورة حتمية قدم في سبيلها الشعب اليمني وافل من الشهداء ، ليبدأ الحديث عن مفردات كان ذكرها جريمة في ظل الإمامة يعاقب عليها بالموت ويوصم ذاكرها بالكفر والإلحاد ،هي مفردات الحرية والتحديث والتطوير الشامل للبلاد ، ومع الثورة سقط التبرير الديني لحكم لسلالات، ليحل محله التبرير الجماهيري للحكم ، ومن أي من أبناء الشعب اليمني دون حكر على سلالة أو قبيلة أو مذهب، و أخرجت ثورة سبتمبر اليمن من ظلمات العصور البدائية وبراثن الجهل والفقر والمرض إلى رحاب التاريخ العصر بمتغيراته . وبعدها ثورة: وبعد عام واحد فقط من ثورة سبتمبر، انطلقت من جبال ردفان ثورة 14 أكتوبر ضد المحتل البريطاني، لتجبره على الرحيل في 30 نوفمبر العام 1967م ، بعد أربع سنوات من اندلاعها ، ورغم جلاء الاستعمار البريطاني ، وتوحيد السلطنات المتعددة في جنوب اليمن ، ظل الشعب اليمني يعيش حالة التشطير، بسبب الكثير من العوائق الداخلية، فضلا عن العوامل الأخرى المرتبطة بالأوضاع الإقليمية والدولية. إعادة وحدة الوطن: ومع استمرار نضال الشعب اليمني من أجل استعادة وحدته، تحقق الحلم العظيم بتلاحم جماهير الشعب مع قيادته السياسية في 22 مايو 1990م، حيث قام فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح صبيحة ذلك اليوم برفع علم الجمهورية اليمنية في مدينة عدن، لينتهي زمن التشطير إلى الأبد. واقترن قيام الجمهورية اليمنية باعتماد نهج سياسي قائم علي التعددية السياسية والحزبية واحترام الحقوق والحريات لتدخل البلاد مرحلة جديدة من التطور والنهوض السياسي، شهدت خلالها الساحة الوطنية حراكا سياسيا واجتماعيا وثقافيا فاعلا ، تمخض عنه ظهور عدد كبير من الأحزاب والتنظيمات السياسية المنظمات الجماهيرية والتكوينات النقابية والمهنية والثقافية والاجتماعية والعلمية. مظاهر التطور السياسي: وينشط في البلاد اليوم (22) حزبا وتنظيما سياسيا وما يربو على (3500) مؤسسة ومنظمة غير حكومية ، بالإضافة إلى عشرات الصحف الرسمية والحزبية والأهلية. الاستفتاء على الدستور: وتمثل أول إنجاز للديمقراطية اليمنية، بعد قيام الكيان اليمني الجديد، بإجراء استفتاء شعبي على دستور دولة الوحدة يومي15 و16 من شهر مايو العام 1991م، مشكلا بذلك الخطوة الأولى على صعيد الممارسة الشعبية الفعلية للديمقراطية في اليمن، حيث أدلى بآرائهم في الاستفتاء (1,364,788) مستفتياً وبنسبة(2ر72بالمائة) من إجمالي المسجلين في جداول الاستفتاء البالغ عددهم في عموم الجمهورية (646ر890ر1) مستفتياً. وبلغت نسبة الذين أدلوا بآرائهم بكلمة (نعم) للدستور (3ر98 بالمائة) من إجمالي المشاركين في الاستفتاء . وفي ضوء هذه النتيجة أصبح دستور الجمهورية اليمنية عقداً اجتماعياً معبراً عن إرادة الشعب اليمني ومنظماً لبناء دولة النظام والقانون . برلمان إبريل 1993: وبعد عامين فقط على الاستفتاء، أجريت في 27 أبريل 1993م أول انتخابات تشريعية تنافسية على أساس حزبي في تاريخ اليمن، بمشاركة كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية الفاعلة على الساحة الوطنية، وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني والتجمع اليمني للإصلاح والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري وحزب البعث العربي الاشتراكي وحزب الحق والحزب الناصري لديمقراطي. وتنافس في تلك الانتخابات للفوز بعضوية مقاعد البرلمان الثلاثمائة ومقعد واحد (3166) مرشحاً من الذكور منهم (1226) مرشحاً يمثلون الأحزاب والتنظيمات السياسية و(1940) مرشحاً من المستقلين ، بالإضافة إلى (42) مرشحة منهن (18) مرشحة من قبل أحزاب و(24) مرشحة مستقلة. وشارك في هذه الانتخابات (126ر271ر2) ناخبا وناخبة بنسبة (7ر84بالمائة) من إجمالي المسجلين في جداول قيد الناخبين لهذه الانتخابات البالغ عددهم (457ر682ر2) ناخباً وناخبة منهم (417) ألف ناخبة . وترتب على نتائج انتخابات إبريل 1993م تشكيل حكومة ائتلاف ثلاثي من المؤتمر الشعبي العام، الذي حصل على أغلبية المقاعد في البرلمان والتجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني. البرلمان الثاني: وبقدر المراهنات على نجاح واستمرار التجربة الديمقراطية الناشئة في اليمن شكل إجراء الدورة الثانية للانتخابات البرلمانية في موعدها القانوني المحدد في السابع والعشرين من أبريل 1997م ، حدثا بارزا عكس جدية التوجه السياسي للدولة نحو تعزيز وترسيخ النهج الديمقراطي القائم على مبدأ التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة وتمت هذه العملية وفقاً لقانون جديد للانتخابات نص على ضرورة أن يكون لكل مرشحا مستقلا أو أحزابا سياسيا رمزا انتخابيا يميزه عن غيره من المرشحين المستقلين أو مرشحي الأحزاب الأخرى. بلغ عدد المرشحين في هذه الانتخابات (1311) مرشحاً من الذكور، بينهم (754) مرشحاً يمثلون الأحزاب والتنظيمات السياسية و (557) مرشحاً مستقلاً، فيما بلغ عدد المرشحات في هذه الانتخابات نحو عشرين امرأة . وبلغ عدد المسجلين في جداول قيد الناخبين للانتخابات التشريعية في أبريل 1997م (728ر637ر4) ناخباً وناخبة، منهم (550ر304ر1) ناخبة. وتنافس في تلك الانتخابات (11) حزبا وتنظيما سياسيا، في مقدمتها المؤتمر الشعبي العام، التجمع اليمني للإصلاح، والتنظيم الوحدوي الناصري، فيما أعلنت أربعة أحزاب في مقدمتها الحزب الاشتراكي اليمني مقاطعتها لهذه الانتخابات. وأسفرت نتائج هذا الاستحقاق الانتخابي، عن فوز المؤتمر الشعبي العام ب(187) مقعداً في البرلمان، تلاه التجمع اليمني للإصلاح ب(53) مقعداً،فالتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري ب(3) مقاعد، وحزب البعث القومي بمقعدين، وحصد المستقلون بقية المقاعد . وبحصول المؤتمر الشعبي العام على الأغلبية المطلقة في البرلمان، تمكن من تشكيل الحكومة منفرداً . الانتخابات الرئاسية: أصبح يوم 23 سبتمبر 1999 يوما مشهودا في التاريخ السياسي لليمن المعاصر،ففي ذلك التاريخ المجيد، توجه المواطنون اليمنيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في أول انتخابات تنافسية حرة ومباشرة لاختيار رئيس الجمهورية. وقد حظي بتزكية مجلس النواب لخوض الانتخابات الرئاسية التنافسية الأولى في اليمن، مرشحان فقط هما: مرشح المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح والمجلس الوطني للمعارضة الأخ علي عبدالله صالح، والمرشح المستقل الأخ نجيب قحطان الشعبي، وذلك من بين 24 مواطنا يمنياً يمثلون أحزابا وتنظيمات سياسية ومستقلين. وبلغ عدد المسجلين في جداول قيد الناخبين (119ر600ر5) ناخباً ، فيما بلغ إجمالي عدد الذين أدلوا بأصواتهم (941ر772ر3) ناخباً، بنسبة بلغت (37ر67 بالمائة) . وقد حصد الرئيس/ علي عبد الله صالح في هذه الانتخابات (795ر583ر3) صوتاً، بنسبة بلغت (20ر96بالمائة) من إجمالي من أدلوا بأصواتهم، بينما حصل الأخ/ نجيب قحطان الشعبي على (433ر141) صوتاً، وبما بنسبته (80ر3بالمائة) من إجمالي عدد الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في تلك الانتخابات. واستناداً إلى هذه النتيجة فقد فاز فخامة الأخ الرئيس الأخ/ علي عبد الله صالح بمنصب رئيس الجمهورية لحصوله على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين. سلطة محلية وتعديل دستوري: شهد مطلع العام 2001، حدثا ديمقراطيا يميناً جديداً إضيف إلى منجزات الوطن في إطار التوجه السياسي لاستكمال البناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة وتوسيع قاعد المشاركة الشعبية في صنع القرار وإدارة الشأن المحلي، تمثل بإجراء أول انتخابات للمجالس المحلية. ففي 20 فبراير من ذلك العام، توجه الناخبون اليمنيون في هذا اليوم إلى (2351) مركزاً انتخابياً منتشرة في عموم مديريات الجمهورية لاختيار ممثليهم في المجالس المحلية للمحافظات والمديريات من بين(23947) مرشحاً ومرشحة يتنافسون على (7104) هي قوام المجالس المحلية في المحافظات المديريات. كما أبدى الناخبون في الوقت نفسه بآرائهم في الإستفتاء على التعديلات الدستورية، الذي تزامن إجراؤه مع انتخابات المجالس المحلية. وفاز المؤتمر الشعبي العام بأغلبية المقاعد في تلك الانتخابات، يليه التجمع اليمنى للإصلاح، ثم المستقلين، فالحزب الاشتراكي اليمني وبقية أحزاب المعارضة . وصوت بالموافقة على التعديلات الدستورية (527ر018ر2) ناخبا وناخبة، وبنسبة (91ر72) في المائة من الذين أدلوا بأصواتهم في عملية الاستفتاء. وقد تضمنت التعديلات الدستورية تعديل صيغ (13) مادة من الدستور استبدال نص مادة منه بثلاث مواد تتعلق بمجلس الشورى ، وإلغاء مادتين منه وإضافة ثلاثة مواد جديدة تتعلق الأولى بحماية البيئة ، والثانية بسريان مدة الرئاسة التي نصت عليها التعديلات الجديدة وهي سبع سنوات بدلا عن خمس سنوات، على الدورة الأولى الحالية لمدة رئيس الجمهورية ،وتتعلق المادة الثالثة بسريان مدة مجلس النواب، التي أصبحت ست سنوات بدلا عن أربع سنوات على مجلس النواب القائم وقت إقرار التعديل الدستوري. وبموجب نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية، أصبحت مدة السنتين المضافة إلى مدة مجلس النواب سارية على مدة مجلس النواب القائم وقت إقرار تلك التعديلات الدستورية ، والتي كانت تنتهي في السابع والعشرين من أبريل 2001م الاستحقاق الديمقراطي الثالث: وبذلك أجريت الدورة الثالثة للانتخابات التشريعية في موعدها الدستوري الجديد في 27 ابريل 2003م. وجاءت تلك الانتخابات على اثر قيام اللجنة العليا للانتخابات والاستفتاء بإجراء عملية قيد وتسجيل جديدة لجميع الناخبين شهدتها البلاد في أكتوبر العام 2002 م ، لإخراج سجل انتخابي جديد خال من الخروقات والتجاوزات يقبل به الجميع ولا يستطيع إن يشكك به أحد على الإطلاق ، بحيث يصبح أساسا يعتمد عليه في كافة العمليات الانتخابية المقبلة . وكان قد سبق إجراء عملية القيد والتسجيل إعادة تقسيم المديريات والدوائر الانتخابية إلى دوائر محلية بلغ عددها /5621/ دائرة انتخابية محلية وفق معايير موضوعية تقوم على مراعاة الجوانب الجغرافية والاجتماعية والسكانية. وخاض تلك الانتخابات 21حزبا وتنظيما سياسيا ، بما في ذلك الأحزاب التنظيمات السياسية التي قاطعت الانتخابات التشريعية التي جرت في ابريل 1997م.. وتنافس فيها( 1396) مرشحا بينهم إحدى عشر مرشحة. وبلغ عدد المرشحين من الأحزاب والتنظيمات السياسية (991) مرشحاً ومرشحة، فيما بلغ عدد المستقلين (405) مرشحاً ومرشحة . وشارك في انتخابات أبريل 2003م (254ر201ر6) ناخب وناخبة، بنسبة ( 8ر76) بالمائة من إجمالي المسجلين في جداول قيد الناخبين والبالغ عددهم (514ر097ر8) ناخبا وناخبة. وقد حاز المؤتمر الشعبي العام في تلك الانتخابات على( 229 ) مقعداً بنسبة( 8ر76بالمائة) من إجمالي المقاعد البالغة 301 مقعد، فيما حصل التجمع اليمني للإصلاح على (45) مقعداً بنسبة(95ر14بالمائة)، والحزب الاشتراكي اليمني على (7) مقاعد بنسبة(33ر2بالمائة)، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري حصل على( 3 ) مقاعد بنسبة (1بالمائة)، وحزب البعث العربي الاشتراكي حصل على مقعدين بنسبة(66ر0 بالمائة)، وحصد المستقلون (14) مقعداً بنسبة(56ر4بالمائة). وعكس التفاعل الجماهيري والمشاركة الواسعة في تلك الاستحقاقات الانتخابية من قبل المواطنين وعيا كبيرا وحسا حضاريا ديمقراطيا متأصل الجذور لدى أبناء الشعب اليمني. سبأنت