الفقر والقهر والاحتلال ثلاثية سوداوية يعيشها اغلب الفلسطينيين دون ان يجدوا من يمد لهم يد العون ويخرجهم من ظلامها الى نور الامل تتلمس مأساة هذه الثلاثية عندما تزور ابو صالح العدلوني/50عاما/ في بيته الصغير الواقع على "تبة" على بعد عشرات الامتار من مستوطنة نفية دكاليم الصهيونية الجاثمة فوق الاراضي الفلسطينية غربي مخيم خان يونس للاجئين جنوبي قطاع غزة وتلقي نظرة يكفي ان تكون خاطفة لتكتشف المعاناة التي يتكبدها الالاف من الفلسطينيين فقد اجبره الفقر على بيع ممتلكات بيته المكون من غرفتين صغيرتين مسقوفة بكرتون الورق المقوى بعد ان باع الواح الاسبست لتوفير لقمة العيش لابنائة العشرة ويؤكد ابو صالح ان الوضع كان جيدا في السنوات السابقة فسوق العمل كان مفتوحا وبحاجة الى عمال ولكن اليوم فقد ضربت البطالة المنطقة بعد ان فرضت قوات الاحتلال الاسرائيلية الحصار على معظم المدن لفلسطينية ولم تكتفي هذه القوات بفرض الحصار بل استمرت في قصف الاحياء والمدن الفلسطينية لتبيد سكانها وتحولها الى ركام، ومع دخول شهر رمضان الكريم تزداد معاناة الفلسطينيين فقد كانت المؤسسات الخيرية في السابق تقدم المساعدات الى فقراء الفلسطينيين ولكن الان وبعد ان تم اغلاق الكثير من المؤسسات الخيرية في العديد من الدول التي كانت تقدم الدعم للمحتاجين من خلال المؤسسات الخيرية الفلسطينية اضافة الى تشديد الرقابة على حساب المؤسسات المالية في البنوك لم يعد هناك من يسد جوع الكثيرين من اطفال فلسطين ويقراحمد فضل مدير صندوق الزكاة والصدقات بالمجمع الإسلامي النشط في تقديم الخدمات الاجتماعية للفلسطينيين في قطاع غزة بوجود عقبات كأداء تحول دون قيام المؤسسات الخيرية من تقديم خدماتها للمحتاجين الفلسطينيين خصوصا في شهر رمضان اهمها اغلاق الكثير من المؤسسات الخيرية في العديد من الدول ويؤكد فضل على عدم مقدرة المؤسسات الخيرية وبالتحديد منها الاسلامية المنتشرة في كل مدن وقرى ومخيمات قطاع غزة من توفير بدائل اخرى للدعم الذي توقف عن هذه المؤسسات التي كانت تكفل عشرات الآلاف من الأسر الفلسطينية المحتاجة ما بين كفالة ايتام وكفالة اسر فقيرة ومساعدات موسمية لقطاع واسع من المحتاجين والمتضررين من إجراءات الاحتلال ، إضافة إلى رعاية المرضى المحتاجين الى دواء في الغالب يكون ثمنه مرتفع جداً وفوق طاقة اهل المريض ويضيف في السنوات السابقة كانت تتقاطر علينا العروض من فاعلي الخير من كل اتجاه من داخل فلسطين وخارجها وكنا نعمل ليل نهار لإيصال عشرات الالاف من الطرود الغذائية في رمضان لمستحقيها اما في هذه السنة يأتي رمضان ومانجد شيء نقدمه لهؤلاء الفقراء المنتشرون في كل مكان من مدننا الفلسطينية ويقدر انخفاض نسبة المعونات والدعم هذه السنة الى نسبة تصل الى 80% من المحتاجين اي ان عشرين في المئة فقط يتلقون المساعدات ويتلقونها بصعوبة بالغة اذ لاتصل كفالات الفقراء لمستحقيها دوريا كل شهر اما الثمانون في المئة لا تجد الكثير منهم اليوم يطرقون ابواب المؤسسات الخيرية التي ما كانت تخلو في مثل هذه الايام من المئات فهم يقدرون الوضع الصعب الذي تمر فيه المؤسسات ويلزمون بيوتهم في انتظار من يقدم لهم ما يعنيهم على قضاء حاجة يوم من الغذاء ليسدوا رمقهم ويقيموا اودهم ليوم آخر انتشار الفقر في الاراضي المحتلةالفلسطينية كان نتيجة سياسة العقاب الجماعي التي ادت الى انتشار البطالة في صفوف العمال الفلسطينيين بشكل خاص بنسبة تعدت ال(70%) من سكان قطاع غزة والغالبية العظمى من هذا الرقم دخل تحت دائرة خط الفقر ليزدحم الفقر المدقع بمزيد من الفقر لا يقتصر حال الفقراء الفلسطينيين على الوضع الغذائي فقط اذ تضررت الكثير من احوالهم وتبدلت فكانت هناك خدمات طبية تقدم للمحتاجين والفقراء في الأراضي الفلسطينية لم تعد هذه الخدمات الطبية قائمة وقد تراجعت بشكل لافت بسبب توقف مشاريع المؤسسات الطبية فجأة دون انذار الامر الذي دفع الكثير من الفلسطينيين كابو صالح الى بيع ممتلكات منازلهم وحتى خشب السقف واستبداله بغطاء من الورق لتوفير العلاج لابنائهم وسد جوعهم وامتد شبح توقف الخدمات الى مؤسسات المجتمع المدني التي تتلقى دعماً من مؤسسات اوربية خلاف المؤسسات الخيرية الاسلامية ذات الدعم العربي والاسلامي فهذه المؤسسات ينتابها القلق الشديد خشية ايقاف عدد من المؤسسات الداعمة والممولة للكثير من المشاريع في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة فجأة كما حدث قبل اشهر قليلة مع مؤسسة الاغاثة الطبية عندما اوقفت مؤسسة بريطانية تمويلها لمشروع قبل نهايته باشهر قليلة في الضفة الغربية . ويعرب عبد الهادي أبو خوصة مدير الاغاثة الطبية عن بالغ قلقه وقلق مؤسسته الناشطة في تقديم الاغاثة الطبية في الاراضي المحتلة من ايقاف بعض المؤسسات الاوربية تمويلها لمشاريع حيوية تنفذها المؤسسة ومشاريع اخرى تقوم بتنفيذها عشرات المؤسسات الفلسطينية الاخرى وهو ما يهدد عشرات آلاف المرضى والمعاقين الذين تقدم لهم المؤسسة الرعاية الطبية نظراً لوضعهم الاقتصادي الصعب فعشرة الف معاق في قطاع غزة كلهم من المحتاجين الذين ترعاهم مؤسسة الاغاثة الطبية باتوا مهددين بفقدان الرعاية التي تقدمها لهم لعدم توفر ميزانية لمشروع الرعاية اضافة الى مشاريع حيوية اخرى ستتضرر كثيراً ان لم تتوقف نهائياً للنقص المطرد في الدعم والتمويل للمشاريع القائمة منذ سنوات، الخدمات الطبية التي تقدمها الإغاثة الطبية ، وغيرها من المؤسسات المدنية، لاتتوفر إلا بنسبة ضئيلة جداً في المؤسسات الطبية التي تشرف عليها وزارةالصحة الفلسطينية الرازحة تحت ضغوط هائلة ، وعلى الرغم من ان الكثير من الفلسطينيين يعيشون تحت خط الفقر ويعانون من مرارة الفقر الى جانب قهر الاحتلال الا ان عزيمتهم لم تتوانى وقوتهم لم تضعف في مقاومة الاحتلال والاصرار على استرجاع حقوقهم المنهوبة سبا