وقال الكاتب العسلي في يوميات صحيفة الثورة الصادرة اليوم تحت عنوان "المعارضة المأزومة .. واستراتيجية الأرض المحروقة " لقد كان موقف المعارضة وما زال من برنامج الإصلاح الاقتصادي أقل ما يقال عنه أنه موقف غير مسئول فلا هي قبلت بالبرنامج الحالي وترك الحكومة تؤدي واجبها ولا هي قدمت بدائل واقعية أفضل مما تقدمت بها الحكومة ، ولا هي قالت الحقيقة كاملة عن مستوى اداء تنفيذ سياسات برنامج الاصلاح الاقتصادي ولا صارحت الناس بما ستؤول اليه الاوضاع في حال بقاء الأمور على ما هي عليه ، ولا هي آزرت الحكومة في جهودها ولا كفت عنها أذاءها ، ولا هي قبلت المشاركة في تحمل المسئولية ولا مارست النقد البناء الموضوعي " وأضاف قائلا " لقد تعمدت اللجوء الى المزايدة وأنصاف الحقائق والتضليل.. " مستشهدا في هذا الصدد بقوله " لقد كان موقف المعارضة تجاه تمرد الحوثي الابن مستغربا ولكن موقفها اليوم من تمرد الأب اكثر استغراباً إذ كان المتوقع منها أن تتعلم من التجربة السابقة وأن لا تكرر نفس الأخطاء ، لكنها خيبت آمالنا وكررت نفس التصرفات الخاطئة فبدلا من التوسط وطلب الهدنة كان ينبغي أن تدين المتمردين الجدد وبدون أدنى تحفظ" . وقال : " لقد كان من المؤسف حقا أن يكرر بعض أقطاب المعارضة نفس الخطاب المنحاز للتمرد ، ومارس نفس أساليب التضليل ، فهم يلومون الحكومة في تصرفها الدستوري والوطني للحفاظ على الدستور والقانون والأمن والنظام ويدافعون عن التمرد وعن استخدامه للعنف وتصوير ذلك على أنه تعبير عن حرية الرأي وممارسة لحق المواطنة ". وأبدى أستغرابه من مطالبة المعارضة للحكومة بالتحاور مع المتمردين والتهدئة في وقت لا يلومون فيه أنصار التمرد في تحديهم السافر للسلطات الشرعية واخلالهم بالنظام العام والاستقرار ويتألمون لقتلى المتمردين ولا يعيرون قتل أبنائنا أبناء القوات المسلحة والأمن بدون أي استفزاز أي اهتمام ". وأردف قائلا : " أما البعض الآخر من المعارضة فقد صمت هذه المرة صمت الموتى وهو الذي اعتاد ان يصيح وينوح لأتفه الأسباب وأن يجعل من الحبة قبة ". وتساءل في هذا الصدد قائلا : " إنهم وما فتئوا ينتقدون الحكومة بسبب وبدون سبب ، أما كان عليهم أن يقولوا كلمة الحق لأن الساكت عن قول الحق شيطان أخرس؟ ، لماذا تنطق المعارضة عندما يجب عليها أن تصمت وتصمت عندما يجب عليها أن تنطق ؟ إنه لسؤال محير ، لم أجد أي معارضة في العالم تتعمد أن تتشفى بشعبها وحكومته كالمعارضة في اليمن فتجد بعضها في أحيان كثيرة يحرض على حكومته ويتمنى لها الفشل حتى ولو كان ذلك لا يعود عليه بأي فائدة أو مكسب ". وأكد الكاتب الدكتور سيف العسلي " ان المعارضة في اليمن تتعمد المبالغة في حدوث انتهاكات خطيرة في حقوق الانسان وتتناسى انها تتمتع بحقوق لا تتمتع بها أي معارضة في الوطن العربي على الأقل حيث تبدي تألما شديداً لأي ثناء على أداء الحكومة حتى ولو كانت تعتقد في قراره نفسها ان الحكومة تستحق فعلاً هذا الثناء ، و تتعمد التقليل من أي انجازات تحققت لصالح الوطن ما دام انها لم تتحقق على يدها وتبالغ في الآثار المترتبة على حدوث تقصير هنا أو هناك ما دام أن ذلك لم يصدر منها". ووصف الكاتب العسلي المعارضة في اليمن بإنها" تحاسب الحكومة بمعايير لا تطبقها على نفسها حيث تدعي باستمرار بأن الحكومة تعبث بالمال العام وتنسى انها لم تقدم أي موازنة عن الاموال العامة التي تحت تصرفها لا لانصارها ولا للجهات الدستورية والقانونية المخولة بمحاسبتها ولا للرأي العام ، كما انها تتهم الحكومة في استغلال الوظيفة العامة والاعلام العام فيما تمارس هي استغلال الوظيفة العامة داخل أطرها الحزبية وتسيطر على وسائل الإعلام فيها ، إضافة الى انها تشنع على الحكومة عدم قبولها للنقد و ترفض هي حتى مجرد شرعية النقد".. معتبرا "إن هذه الممارسة تدل على أن قيادة المعارضة مأزومة وليست طبيعية ولذلك فهي تنظر للأمور بطريقة غير سليمة فكل تصرفاتها مبررة ومقبولة سواء كانت في الحقيقة كذلك أو لم تكن وكل تصرفات المخالفين لها مشبوهة وخاطئة سواء كانت كذلك أم لم تكن ، في حين تطلب من الآخرين تفهم ظروفها ولا تتفهم هي ظروف الآخرين ، و تسمح لنفسها بنقد الآخرين ولا تتقبل أي نقد لها ، ولذلك فانها فعلا تعيش في أزمة نفسية كبيرة أصبح تأثيرها واضحا على كل تصرفاتها" . وأضاف قائلا " ونتيجة لهذا التأزم فإنها تقلب الحق باطلاً والباطل حقا ولعل من أبرز ذلك أنها تخلط بين المعارضة المقبولة والمعارضة غير المقبولة ، فالمعارضة المقبولة هي التي تسعى الى تصويب أخطاء الحكومة وتسعى الى ترشيد تصرفاتها بهدف المساعدة على تحقيق المصالح العامة وكذلك تسعى الى اخراج البلاد من أزماتها .. أما المعارضة غير المقبولة فهي تلك التي ترفع شعار " انا ومن بعدي الطوفان" التي تقوم على أساس استراتيجية ان المعارضة لا يمكن ان تحكم إلا إذا تم إحراق الأرض من تحت اقدام الحكومة ،أي تلك التي تعمل على خلق المشاكل أو التعمد في اشعال فتيلها بهدف تعمد افشال الحكومة بشكل كامل " . واصفا " هذا النوع من المعارضة بأنه ممقوت شرعا ودستورا واخلاقا ، ذلك انه يحول المعارضة التي تمارس مثل هذه التصرفات الى سرطان داخل الجسم فبدلا من أن تكون جزءا طبيعياً منه تتألم لألمه وتفرح لفرحه تحول الى عدو له ينسب له الفشل الدائم ، ومن خلال الأنانية المطلقة للخلايا السرطانية فإنها تعمل على تدمير الخلايا الأخرى وتدمير نفسها وكذلك من خلال الأنانية المطلقة للمعارضة فإنها قد تسبب في إعاقة تقدم الوطن ورفاهيته " . وأستطرد الكتور العسلي قائلا : " وهكذا فإن سعي المعارضة لإخراج الحكومة من الحكم عن طريق تبني استراتيجية الأرض المحروقة فإنها لا تعمل على الاضرار بالوطن بل انها تعمل حتى على إلحاق الأذى بنفسها خصوصاً إذا كان الجسم ضعيفاً ولايمتلك مناعة كافية". مؤكدا " إننا في اليمن لدينا مناعة قوية تمثلت في التعددية والحرية والانفتاح ، وعلى هذا الإساس فإن محاولة المعارضة تطبيق سياسة الأرض المحروقة بهدف الوصول الى الحكم لا يمكن أن تنجح فمناعة الجسم السياسي اليمني بفضل اللَّه قوية ، ومن ثم فإن الوطن لا خوف عليه وانما الخوف كل الخوف هو على المعارضة نفسها من غضب الجماهير عليها" . مضيفا :"إننا لا نتمنى أن يكون مصير المعارضة اليمنية هو مصير الخلايا السرطانية في الجسم السليم واننا نتمنى أن تدرك ذلك وأن تكف عن التصرف بطريقة تجلب عليها الويل قبل الآخرين ، ونتمنى ان تتعافى قيادات المعارضة من تأزمها الحالي وتتوقف عن ممارسة استراتيجية الأرض المحروقة". وخلص الدكتور العسلي الى القول " وإذا لم تسع قيادات المعارضة لذلك فإن أملنا كبير في تحمل قواعد وأنصار المعارضة مسئوليتها وان تعمل على ايقاف هذه المهازل من قبل قياداتهم ، واذا لم يحدث ذلك فإن على المجتمع بكامله القيام بهذه المهمة، فكما أن هناك جهوداً وطنية لاصلاح السلطة فإن هذه الجهود تسعى لإصلاح المعارضة ، وفي هذا الإطار فإن المناداة بمؤتمر وطني لقييم أداء المعارضة واصلاحها ليست فكرة عديمة الجدوى انها تستحق على الأقل الدراسة" .