وأكدا لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) ان الإصلاحات التي أعلن عنها هذا الأسبوع كان يجب أن تنفذ خلال السبع السنوات الماضية , كون أن التوقف عن تنفيذها سيؤدي الى نتائج سلبية أكثر. وفي هذا الشأن اعتبر الدكتور سيف العسلي استاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء تنفيذ الحزمة الاخيرة من الاصلاحات بانها ضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية تمليها المصلحة الوطنية. وقال " ان تنفيذ هذه الاصلاحات اوقف فعلا التدهورفي الاقتصاد ، فلو لم تتم تلك الاصلاحات , كان من الممكن ان يصل سعر الدولار اليوم لما يقارب الف ريال ، وكان يمكن ايضا ان يصبح معدل البطالة اكبر بكثير،وان ينخفض دخل الفرد بشكل اكبر .. الا ان الاصلاحات اوقفت التدهور وهيأت المناخ لعملية الانطلاق الاقتصادي ، واصبح وضعنا الحالي افضل عما كان عليه قبل تنفيذ الاصلاحات" واضاف " هناك ضرورات اقتصادية لتصحيح أسعار المشتقات النفطية بالنظر إلى الاحتياطيات المتدنية جدا التي تمتلكها اليمن من النفط الخام, والتي يتوقع أن تنضب في المستقبل القريب".. موضحا في هذا الصدد بأنه في حالة الاستمرار في بيع المشتقات النفطية باسعار متدنية, فإن ذلك سيعمل على زيادة سرعة نضوبها . فيما اكد الدكتور مطهر العباسي وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي ان التوقف عن الاصلاحات سيؤدي الى نتائج سلبية اكثر, نتيجة ارتفاع معدل التضخم من 6ر4 بالمائة في عام 2000م الى حوالي 14 بالمائة عام 2005 , ومن ثم تغير الوضع في الموازنة العامة من فائض بنسبة 4ر5 بالمائة عام 2000 الى عجز بحوالي 4 في المائة عام 2005 , فضلا عن ارتفاع معدل التغير في سعر الصرف من 3 بالمائة عام 2000 الى6 بالمائة عام 2005 . وتوقع تراجع الايرادات النفطية في السنوات القادمة, وبالتالي زيادة العجز في الموازنة العامة ، خاصة وان الايردات النفطية تشكل حاليا70 بالمائة من الموازنة العامة للدولة. واوضح العباسي بان فاتورة الدعم للمشتقات النفطية بدأت تثقل كاهل الموازنة العامة بشكل كبير, حيث بلغ حجم الدعم المقدم للمشتقات النفطية في عام 2004م حوالي 134 مليار ريال.. لافتا الى ان ذلك الدعم كان يمكن استغلاله لتوفير العديد من الخدمات في البنية التحتية او في الخدمات الاجتماعية الاخرى. واشار العباسي الى ان الفارق الكبيرفي سعر المشتقات النفطية المحلية في اليمن والاسواق المجاورة, شجع وجود مايسمى بمافيا المشتقات النفطية والمهربين والسوق السوداء, للاستفادة من فوارق الاسعار وتعظيم مصالحهم على حساب مصالح المواطنين. وقال وكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي" ان تنفيذ هذه الاصلاحات كان يجب ان يتم منذ سبع سنوات وبالتدرج حتى يمكن امتصاص آثار ذلك، الا انه تم تأجيلها لاكثر من سبب، وكان يجب الا نستمر في ذلك لان النتائج في السنوات القادمة ستكون اكثر سوءا واكثر خطورة.. خاصة وان البدائل امام الاقتصاد اليمني محدودة, ولا توجد لدينا موارد طبيعية اخرى حتى يمكن الاستفادة منها، وكان البديل المتاح هو كيفية الاستفادة من الموارد المتاحة من خلال تقليص الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية". واضاف " اليمن تعد من الدول الاقل نموا, وتسعى لتعزيز العلاقة مع المؤسسات الدولية والمانحين للحصول على منح وقروض, وهو ما يتطلب معالجة الاختلالات في الموازنة العامة, سواء في جانب الايراد او الانفاق, خاصة وان هذه الاختلالات كانت احد العوامل الرئيسية لاحجام كثير من المؤسسات الدولية عن تقديم الدعم الكافي لليمن, باعتبار ان لديها موارد متاحة يمكن الاستفادة منها.. كما ان رفع فاتورة الاجور والمرتبات يزيد كثيرا من حجم الانفاق العام ، وهو ما تطلب تقليص الدعم عن المشتقات النفطية, بدلا من تزايد القروض على البلاد" واستعرض الدكتور العباسي النجاحات التي تحققت منذ ان بدأت الحكومة بتنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي والمالي والاداري في عام 1995م, خاصة وان الوضع عام 94م كان ينذر بحدوث ازمة محققة في البلاد، فمعدل التضخم وصل الى حوالي 50 بالمائة، ونسبة العجز في الميزانية العامة للدولة الى الناتج المحلي بلغ حوالي 17 بالمائة ونسبة العجز في ميزان المدفوعات حوالي 3 بالمائة، ونسبة القروض الخارجية الى الناتج المحلي بلغت حينذاك حوالي 196 بالمائة.. موضحا بان الوضع تغير منذ عام 95م, فخلال خمس سنوات فقط انخفض معدل التضخم الى 6ر4 عام 2000م, وتحول العجز في الميزانية العامة الى فائض عام 2000 بنسبة 4ر5 بالمائة. كما تحقق الاستقرار لسعر الصرف، وانخفض المديونية الخارجية الى الناتج المحلي من حوالي 196 بالمائة الى 57 بالمائة، الى جانب انخفاض نسبة خدمات الدين الى اجمالي الصادرات من حوالي 46 بالمائة عام 1994 الى 9ر3 بالمائة عام 2000م. وقال الدكتور العباسي ان حزمة الاصلاحات تتكون من عدة مكونات, تصب كلها في اطار معالجة الآثار السلبية للاصلاحات السعرية، حيث تم على سبيل المثال اصدار قانون ضريبة المبيعات, وبموجبه خفضت ضريبة المبيعات الى 5 بالمائة على السلع ، واعفاء السلع الرئيسية مثل القمح والدقيق والارز والسكر وحليب الاطفال والادوات الخاصة بطلاب المدارس, بالاضافة الى خفض اسعار قوارب الصيد التقليدية وزيادة اسعار القطن ودعم شبكات الري للمزارعين واعفاء فوائد القروض الحالية لصغار المزارعين . كما تم الى جانب ذلك اضافة 200 الف حالة الى صندوق الرعاية الاجتماعية,وتخفيض التعرفة الجمركية لكافة السلع والمستلزمات, وكذا صدور قانون المرتبات والاجور, الذي حدد الحد الادنى للمرتبات بعشرين الف ريال, فضلا عن اعتزام تنفيذ عدد من البرامج التنموية والخدمية لتسهيل حركة الاستثمار وزيادة فرص الانتاج. وقال " هذه الاجراءات سيصاحبها اجراءات داخل الادارة الحكومية من ضمنها تقليص نفقات التمثيل الدبلوماسي وهذا سيكون له اثر كبير على الانفاق العام ، وتخفيض الانفاق على المؤتمرات والمشاركات ، وايقاف شراء السيارات والاثاث".. لافتا الى ان كل هذه الاجراءات ستحد كثيرا من الآثار الجانبية للاصلاحات.