صنعاء- (سبأ)- يدخل السودان اليوم مرحلة يكتنفها الغموض والضبابية وتطرح تساءلات عديدة حول مستقبل اتفاقية السلام التي توصلت لها الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان على اثر مقتل النائب الاول للرئيس السوداني جون قرنق بعد تحطم الطائرة التى كانت تقله ومرافقية أثناء عودته الى بلاده قادما من كمبالا الاوغندية. وقد شهدت العاصمة السودانية الخرطوم اليوم اعمال شغب قتل بسببها 12 شخص حيث خرج آلاف من الجنوبيين المؤيدين لقرنق إلى شوارع الخرطوم ملوحين بسكاكين وقضبان ونهبوا متاجر وأشعلوا حرائق واشتبكوا مع الشرطة واحرقو العديد من السيارات. اما فى الجنوب السودانى وتحديدا فى مدينة جوبا فقد خرج اعدادا من جنود حركة التحرير الشعبية الى الشوارع وقاموا باعمال شغب واحراق المحلات التجارية التى يملكها العرب مطالبين فيها بطرد القوات الحكومية من الجنوب بحسب ما افادت به مصادر إعلامية إفريقية . وفى ردت الفعل الرسمي اصدرت الرئاسة السواد نية بيانا أكدت فيه مصرع جون قرنق النائب الأول للرئيس السوداني وستة من مرافقيه وسبعة آخرين هم طاقم المروحية التابعة لرئاسة الجمهورية الأوغندية. وقال بيان رئاسة الجمهورية السودانية إن سوء الأحوال الجوية كان وراء تحطم المروحية، إثر اصطدامها بسلسلة جبالية في جنوب السودان. كما أعلن الرئيس السوداني عمر البشير الحداد في البلاد لمدة ثلاثة أيام، وقال في بيان له اننا واثقون من ان اتفاق السلام سيمضي قدما كما هو مقرر له وان يظل مستقبل السودان امانة في قلوبنا وفي قلوب اشقائنا في الحركة الشعبية لتحرير السودان. مشيرا الى خسارة السودان فى فقدها لشريك السلام السوداني وانه سيتلقى العزاء رسميا يوم غد في القصر الرئاسي الساعة الثانية عشرة ظهرا بالتوقيت المحلي كما فُتحت سجلات التعازي في كافة السفارات السودانية في الخارج. وفى تحرك حكومى للحد من تداعيات الموقف اجرى الدكتور مصطفى عثمان وزير الخارجية المكلف اتصالات مكثفة مع قادة الحركة الشعبية لاتخاذ الترتيبات اللازمة لتأمين مسيرة السلام. واكد في المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير الاعلام والاتصالات المكلف بالأمانة العامة لمجلس الوزراء اليوم ان هناك تحقيقا سيجري بالتعاون مع الحكومة اليوغندية والحركة الشعبية لمعرفة اسباب وملابسات حادث تحطم طائرة النائب الاول لرئيس الجمهورية. ووصف الدكتور مصطفى عثمان فقد ورحيل دكتورجون قرنق النائب الأول لرئيس الجمهورية بانه خسارة كبرى للسلام والسودان . من جانبها دعت الحركة الشعبية لتحرير السودان لوقف اعمال العنف والشغب بالخرطوم وبعض مدن الجنوب منذ الاعلان عن مصرع النائب الاول للرئيس جون قرنق. وطالبت فى بيان صحافي أنصارها والشعب السوداني كله لضبط النفس والصبر وتفويت الفرصه على كل من يريد تخريب ممتلكات الشعب. وناشدت المواطنين التحلي باليقظة وضبط النفس والعمل على تعزيز السلام وفاء للراحل قرنق. واكدت الحركة ان تحطم مروحية قرنق كان بسبب سوء الأحوال الجوية ولم تكن ورائه اى اسباب أخرى ، وشددت على انها ستمضى فى مسيرة السلام الذى حققه زعيمها الراحل قرنق. كما تعهدت الحركة الشعبية بتطبيق اتفاق السلام الموقع مع الحكومة في يناير. وأكد نائب زعيم الحركة سلفاكير مايارديت في مؤتمر صحفي بنيروبي أن حركته ستحافظ على وحدتها وتلتزم برؤية قرنق للسلام . مبينا أن قيادة الحركة ستعقد اجتماعا طارئا في كابويتا بجنوب السودان لتحديد إستراتيجيتهم. وقال مايارديت ان "جنوب السودان وكل السودان فقد ابنا عزيزا"، واضاف "نود طمأنة الجميع بان قيادة وكوادر الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان سيبقون موحدين وسيسعون جاهدين لتطبيق اتفاق السلام بكل صدق". واردف "اغتنم هذه الفرصة لطمأنة الجنوب السوداني بوجه خاص والشعب السوداني بوجه عام بان قيادة الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي لتحرير السودان ستواصل اهداف الحركة التي وضعها الدكتور جون قرنق وترغب في تحقيقها". وتابع "ادعو جميع اعضاء الحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي وكل الامة السودانية الى الهدوء والتيقظ", مضيفا انه سيغادر على الفور نيروبي الى نيوسايت القاعدة العسكرية للحركة الشعبية في جنوب السودان. واضاف انها طلبت من جميع الأعضاء السابقين في اللجنة القيادية للحركة الشعبية لتحرير السودان والجيش الشعبي للاجتماع في نيوسايت في اقليم كابويتا لعقد اجتماع ازمة".. ولم يحدد نائب زعيم الحركة الشعبية سلفاكير مايارديت اي موعد لهذا الاجتماع. وفى ردة الفعل الدولية اكدت اوغندا ان طائرة نائب الرئيس السودانى قد اقلعت من أراضيها دون اى مشاكل فى اشارة لمنع التلويح لها بأصابع الاتهام عن هذا الحادث . بدوره اعرب الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان عن حزنه العميق لوفاة قرنق داعيا الى مواصلة السلام. وقال عنان للصحافيين ان المهم الان هو ان يواصل السودانيون عملية المصالحة والسلام . فيما وصف لازاروس سومبييو كبير وسطاء كينيا في محادثات السلام التي تمخضت عن اتفاق سلام يناير "انها صدمة.. فقد زعيم صاحب رؤية هو الذي صاغ الاتفاق مع علي عثمان طه". كما عبرت العديد من الدول العربية والأجنبية عن اسفها لحادث مقتل نائب الرئيس السودان فيما يظل الغموض يلف مستقبل عملية السلام فى السودان فى انتظار ما ستفرزه تداعيات المرحلة القادمة.