هل فكرت يوما ان يعود بك الزمان الى ماقبل الف عام تغوص فيها مع القديم وتتأمل مليا في روعة الحضارة وأصولها ؟!! اذا فكرت في ذلك اولم تفكر بعد فأن صنعاء ستكون محطة تلك الفكرة وموطن ذلك الخيال الذي ينقل اليك ببساطة مرهفة هوية اليمن واصالته عبر الاف السنين . ما هي إلا لحظات معدودة قطعناها في هذه المدينة حتى كشفت لنا منازلها ذات الطابع المعماري الفريد روعة الانسجام والتناغم الفني في العمارة اليمنية والتشكيل الرائع من مواد البناء الطينيه والحجرية التي اختارها المعماريون لتشييد المآذن الرشيقة والمنازل الجميلة والقصور الرائعة . المدينة الحصينة وأثناء تجوالي في بيوت صنعاء المتلاصقة روى لنا عددا من الناس المتميزون ببساطتهم وإبداعاتهم الذين قصد وا المدينة للتمتع بالنظر في كل زواياها العتيقة ان الحديث عن صنعاء حديث عن شجون الأصل كما قال الشاعر العربي سليمان العيسى ..الحديث عن صنعاء حديث عن العوده الى غسان اليمنية انه الحديث عن الجذور ، صنعاء التي استقبلتني في أول زيارة لها بالغبار وكأنها تغسلني بالتراب الذي خرجت منه كما انها تعيدني للإحساس بالطفولة وفيها اوفا الأصدقاء .انها تتيه بنهديها على الانس والجن وهي الدهشة الاولى ومن كتبت بحبر الشمس احلى قصائدي عنها وكان حبر الشمس يسرقها مني . لم يختلف كثيرا الاديب والكاتب المصري جمال الغيطاني عن العيسى في ان الكلام عن صنعاء عودة الى الجذور و الحديث عن مدينة تهبك احساسا خاصا بالزمان والمكان وتشعرك بالامان وانك قريب من اي مكان اتيت منه واضاف الغيطاني ..لقد منحت قوة المكان وقوة الثقافة النابعة منه اهله قوة في الحفاظ على منظومتهم من الفكر والمعرفة والاصالة التي اتمنى ان تصمد امام العولمة وان لا تتحول الى فرجة هندسية ..انها قصيدة الحجر التي تعبر عن ذات الانسان ورهافة حسه . علاقة حيه بين البشر والحجر صنعاء وتعني المدينة الحصينة ويقال انه يرجع لجودة الصناعة ذاتها التي اشتهرت بها اسواقها ومحلاتها تقع وسط الهضبة اليمنية بين جبلي (عيبان ونقم ) علىارتفاع يبلغ نحو 2200متر فوق سطح البحر وتثير الدهشة زائر المدينة وهو يقف امام مجموعة العمارات النادرة التي تحيط بالسوق والتي يبدو الناس في ظلالها مثل مجموعات من النقوش الاضافية ،متحف مفتوح يصور تلك العلاقات الحية التي نشأت بين البشر والحجر . تقول الأديبة الكويتية ليلى العثمان انها تجربة رائعة... العيش قرب الانسان اليمني الذي يغمرك بالدهشة والامان والرضا وسبب تسمية اليمن السعيد بالسعيد ان كل من يدخله يكون سعيدا. فيما ترك الاديب المغربي الحليم بالمنة وصف هذه المدينة الشامخة للشعراء والروائييين باعتبارها المدينة التي تربط الماضي بالحاضر ..وقال الحليم : انها المدينة التي تذكرنا دوما بالجيوش الفاتحة للمغرب العربي والتي كان اغلبها من اليمن انها المدينة التي تطلبنا بالبحث عن طرق لحماية التراث . وبيوت صنعاء القديمة التي تشعر ناظرها بنوع من الرهبة والجمال والمميزة بتشابه تخطيطاتها وارتفاعها وبنوافذها المصنوعة من الخشب تعلوها عقود من الجص المعشق بالزجاج الملون في أشكال ونقوش غاية في الجمال والإبداع تترك إحساسا بالخوف لدى الأديبة والمترجمة العراقية امل جبوري على صنعاء من زحف غابات الاسمنت المسلح على جمالها الذي لن يتكرر . صنعاء درس الصبر ويرى الاديب والناقد العراقي الدكتور / حاتم الصكر ان صنعاء سلسلة من الصدمات تكسر التصور الجغرافي والمناخي لانها بيئة التعدد الثقافي والصور المغايرة للمرأة انها درس الصبر الذي يعلمنا كل معانيه. صنعاء دهشة الشباب والتنوع . ووجودك داخل هذه المنازل لن يحرمك من الاستمتاع بمشاهدة حقول صنعاء وبساتينها الخضراء المزودة بأنواع الخضرة والورود التي رأت الدكتورة رءوفة حسن ان أشجار الجوز والورد تقل او تختفي في بساتين صنعاء قائلة اكبر في صنعاء القديمة التي تصغر كل يوم انني اعجز عن الكلام . إذا قادة الخطوة صاحبها الى اسواق صنعاء القديمة التي ماتزال تحمل السمة الأساسية لكل الأسواق الإسلامية القديمة يجد صاحب هذه الخطوات دوائر متصلة من الحوانيت والبيوت مركزها المسجد والجامع الكبير ثم يقسم حسب البضائع المعروضة كل جزء من الاسواق يختص ببيع سلعة معينة حتى يسهل للزبون المقارنة بين انواع البضائع المختلفة . وتستوقف قاصد هذه الاسواق بعض الوجوه التي ترك الزمن معالمه عليها وهي تقبع في تلك الحوانيت تتفنن في صناعة الجنابي والنحاس والقماش وغيرها من المصنوعات المختلفة التي تميزت بها بلادنا وتلك الاغاني الشعبية تعم ارجاء المكان توحي لسامعها بأن المكان يفرض على مرتاديه العودة بالذاكرة الى القديم المتأصل واحياءه والتعايش معه وعدم تناسيه او تجاهله . وهذه المدينة القديمة التي اعتبرت مزار اساسي لكل سائح تتوق نفسه للطواف في بلاد اليمن.. كان لها سور منيع وأبراج محصنة ماتزال بعض اجزائه قائمة وهويعتبر واحد من معالمها الجميلة والمتواضعة في أن واحد فهو عبارة عن بنيان من الطين الأصم لكنه يمتلك مقومات الجمال والمتانة ومقاومة عوامل الزمان وتاريخه يكتنفه بعض الغموض . الدكتور علي الورد يؤكد ان صنعاء مظلومة بعدم معرفة بعض شعوب الارض بها انهابحاجة لحملة عالمية للتعريف بها وبجمالها وما تحمله من روعة انسانية ومعمارية..واديب المانيا الكبير قونتر قراس يخاف على صنعاء القديمة من العبث ومن النسيان واهمال الناس لها وتأثرهم السلبي بالحضارة الماديه المعاصرة على حساب التراث القديم المتميز الذي لا يعيق الناس عن التطور والحداثه بقدر ما يدفعهم اليه . زيارة خاطفة ننصحك ايها القارئ بزيارة خاطفة الى مدينة صنعاء القديمة كي تثبت لنفسك انك زائر متميز لمدينة اتسمت بخصوصية هامة تختلف عن المدن الاسلامية والمدن التراثية الاخرى في العالم باعتبارها مجموعة معمارية وفنية وحضارية معلما اثريا وتراثيامتكاملا وليس فقط اجزاء منها ولهذا فقد استحقت المدينة ان تأخذ بجداره مكانةهامة ورفيعة في سجل التراث العالمي الذي ترعاه منظمة اليونسكو واللجنة الدولية لحماية التراث العالمي .