نحتاج في اليمن لقراءة الخطاب السياسي لإطراف المعادلة السياسية اليمنية إلى حجر نرد ربما لنختار عشوائيا من الناطق باسم هذا أو ذاك ، فتتعدد الخطابات والتصريحات وتتناقض تحت راية الاتجاه الواحد ليتناقض الخطاب أو التصريح من نفس الناطق وبنفس المحطة الإعلامية ، إذا لم يغضب عليك الرحمن لتسمع لعبده الجندي الذي اعتقد انه لا يزال في كوكب أخر . هذه هي تفاصيل المعترك السياسي والإعلامي اليمني يدلي الناطق بحديث ويناقضه فما هي دلالات التناقض في الخطاب السياسي اليمني ؟ وما مدى تاثير هذه التناقضات على الحالة الثورية في ساحات التغيير ؟ نحتاج للإجابة على الكثير من الأسئلة بقراءة الواقع السياسي في اليمن بنظرة مستقلة دون التحيز لطرف أو أخر وبحكم المتابعة لا بحكم الحالة أو الصفة ، وعليه فإننا لن نحتاج إلى العودة بالذاكرة إلى بداية الأحداث فقد تركت المبادرات الخليجية بنسخها المتعددة والقابلة للزيادة فضاء رحب استطاع من خلاله شباب الثورة قراءة مدلول الخطاب السياسي لدى طرفي المعادلة اليمنية وإدراك المدلول الإقليمي أيضا . فالطرف الأول والمتمثل بالنظام فصالح يتحدث يوميا أكثر من خطاب أو تصريح تتفاوت فيه اللهجة من التهديد والوعيد إلى الاحتكام بالصندوق والاحتكام للدستور، والقبول والرضي بالمبادرة الخليجية حسب اليوم من الأسبوع وحسب الحشود التي تزين له في السبعين أو التحرير، واعتقد انه ليس من الأهمية بمكان اخذ تصريحات الجندي والشامي واليماني فصالح هو الناطق الرسمي لتضاف صفته السابعة بعد المفتي العام . ليأتي الطرف الأخر في المعادلة السياسية اليمنية فيوافق على المبادرة الخليجية في الليل وينقسم حول مضمونها نهارا مما يوحي باختلاف وجهات النظر داخل التكتل نفسه حول المبادرة ، والتي يرجح المراقبين انه في حين التيارات القومية ترفضها يبدوا أن الإخوان المسلمين لن يقدموا على أي خطوة تغضب المملكة العربية السعودية تحت الضغط السعودي الواقع على بعض قيادات المشترك التي تتبع ماليا وفكريا للمملكة. ومن هنا فان الشباب يدرك جيدا ويعي الأبعاد والتناقضات في الخطاب السياسي ففي حين سيحاول النظام الالتفاف على المبادرة تحت مظلة الدستور يدرك المتابعين ان اجتماع صالح بالكتلة البرلمانية لحزبه وحديثة معهم وموقفهم من مايسمى الشرعية الدستورية هو نسف للمبادرة الخليجية كما اشرنا (في مفهوم البودرة الخليجية ) حول هذا الموضوع . إلا أن المسئلة التي يراهن عليها صالح وتسانده القيادة السعودية حول إعادة بعض المنشقين إلى حظيرة الحاكم خصوصا ما تردد عن ضغوط سعودية على بعض المشايخ وعلى اللواء على محسن بالتزام الصمت والحيادية على الأقل وهو ما يفسر تراجع النشاط الميداني والإعلامي لبعض هؤلاء المشايخ وللواء علي محسن ليبرز تساؤل عن مشبوهية الدور الإقليمي في اليمن...؟ فمن المعروف أن هناك انقساما خليجيا و إقليميا حول الوضع في اليمن ، اختزل في بعض شروط المبادرة التي خيمت عليها الضبابية واستنسخت منها نسخ عديدة ،ففي حين أن الأيدي القطرية والسعودية تتجلى بوضوح ،فان الولاياتالمتحدةالأمريكية ليست اقل تخوفا من الطرفين وربما تجد في صالح مأمن حقيقي لمصالحها . فالمملكة العربية السعودية ترى في إقصاء الحوثيين أو على الأقل تهميشهم في المطبخ السياسي المتشكل غاية وفريضة ، ترى قطر أن الحوثيين يجب أن يشكلوا جزء من المنظومة السياسية كحق كفله الدستور وكحليف استراتيجي في المنطقة ، في الوقت الذي تضج فيه السفارة الأمريكيةبصنعاء بالأقراص المدمجة التي توضح دور الإخوان المسلمين ( الإصلاح ) في أفغانستان والعراق لدرجة جعلت المنظمة الدولية تفشل في صياغة بيان يدين على الأقل جرائم النظام اليمني . وأمام هذه الأيدي الممتدة في الساحة اليمنية والتي تظهر تحت عناوين مختلفة من المبادرات والرعاية فإنها أيدي لا يمكن أن تقدم للوضع الداخلي سوى نية تم الإعداد لها مسبقا بمحاولة الالتفاف أو الاغتيال على الثورة السلمية والنيل من مشروعيتها وعفتها ، وهذا الاغتيال وان ساهمت فيه قوى إقليمية ودولية تظهر مودة وقربي لنظام صالح ، فان بعض الأطراف المحسوبة على المشترك كان لها دورا أيضا لا يقل عن ذلك من خلال الهفوات والأخطاء التي وقعت فيها ميدانيا او سياسيا ودبلوماسيا . فعلى الصعيد الميداني فان الحديث عن التجاوزات من قبل بعض المنتمين لتيارات ذات فكر ايديوجي ديني في الساحة وما تردد في الآونة الأخيرة بساحة جامعة صنعاء هو حديث يدمي الفؤاد أن يقوم من يعول عليهم الأمل بتحديد مصير اليمن بمثل هذه التصرفات اللامسئولة والتي تتنافى مع تطلعات الشباب الثائر . أما على الصعيد السياسي فان عدم مشاركة الشباب والكتل المستقلة في مشاورات الوضع السياسي والتحركات الدبلوماسية يترك الكثير من علامات الاستفهام الغير مفسره والتي اتخذ منها النظام مادة دسمة عبر أبواقه الإعلامية لكي يظهر من الشباب وكأنهم مطية يستخدمها نافذين في المعارضة للحصول على مأربهم . من هنا يجب على التجمع اليمني للإصلاح أن يستفيد كثيرا من التجربة المصرية ،وان لا يرسخوا المفاهيم التي يحاول نظام صالح الاستفادة منها عبر تصرفات لا يمكن وصفها بأقل من الغباء السياسي فالمرحلة حساسة والأخطاء في هذا التوقيت لا تغتفر ولها اثر كبير على الميزان الشعبي ،وعليهم أن يدركوا جيدا ان شعبا استطاع ان يحطم نظام امتد لثلاثة عقود فانه قادر أيضا على أن يسقط كل من يحاول الالتفاف على ثورته وأهدافها، وسنجعل من كل شارع ساحة للحرية حتى نصل للغاية المنشودة ، وليتذكروا جيدا ان أخطاء سابقة حبرها لم يجف بعد ،وذاكرتها حية في ضمير كل مواطن حر. وأمام هذه التساؤلات فان الرفض المطلق من الشارع اليمني الثائر للمبادرة هي الخطوة الصحيحة ، فالشباب الثائر يدرك الدلالات السياسية والأبعاد المتغيرة في تفاصيلها اليومية ، لتبقى مهمة البحث عن وسائل جديدة في تأجيج الاحتجاجات السلمية إلى جانب العصيان المدني هي مسئولية المرحلة القادمة . رسائل سريعة - كنا نتمنى من الإخوة في ساحة التغيير رد الاعتبار للناشطة أروى عثمان وزميلاتها والاعتذار عن ما حدث أمام الجميع مما يضفي بريقا مدنيا يضاف إلى رصيد الثورة . - من المضحك جدا ما تردد عن مراهنة النظام الحاكم بان أمطار الصيف المنتظرة ستفكك الاعتصامات، وان الرئيس يراهن على المطر لإنقاذه من الحالة الثورية الموجودة في ساحات التغيير والحرية .