لو كنت مكانك يا سيادة الرئيس علي عبدالله صالح وأحمد الله على أنني لست كذلك لتنحيت على الفور عن رئاسة الجمهورية، ولقطعت وأنا في الحال التي ظهرت فيها محترقًا على شاشات التلفزة، كل صلة لي بالسياسة والسياسيين، ولأعلنت على الملأ تسليم السلطة إلى نائبي عبد ربه هادي، ولأقدمت على الغياب الكامل عن المسرح كلاعب كان له الدور الريادي والقيادي لمدة ثلاثة وثلاثين عامًا. ولقد بدت آثار الإعياء واضحة على وجه الرئيس اليمني، وكان باديًا أن الرجل مازال في طور الاستشفاء، كما بدا أن الحروق التي أصابت وجهه ستترك ندبها، لذلك وجب على الرئيس أن يحمد ربه لأنه ظل بعد الاعتداء عليه وعلى كبار المسؤولين في صنعاء قبل شهر، قادرًا على الحركة والتفكير، وأن ينذر نفسه لمساعدة اليمن في وضع قدميه على أول طريق النقاهة، بعد شهور من العذابات التي دفع خلالها اليمنيون الثمن من دمائهم ومن اقتصاديات بلادهم. حان وقت تنحي علي صالح أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، لكنه مدعو في هذه المرة لتطليق الرئاسة والسياسة والتعهد بعدم السعي للعودة إلى اليمن في الظروف الحالية على الأقل وأن يقنع بالعيش في المملكة العربية والسعودية. وحان الوقت أيضًا للرياض وبقية عواصم دول التعاون أن تعمل بجدية وفاعلية على رفع المبادرة الخليجية في وجه علي صالح وتوجيه المشورة والنصح له بضرورة التخلي عن السلطة خاصة أن البلاد لم تعد قادرة على تحمل المزيد من التلاعب. ثم إن علي صالح يعلم أن فترة علاجه لم تمر بهدوء أو تعاطف معه، إذ تركت الأسابيع الأخيرة بصماتها القاتلة وأحدثت شقاقًا إضافيًا في الشارع اليمني، وبقيت الجثث تتساقط في العاصمة وفي تعز وفي الكثير من المدن والمناطق. كما استمرت الحشود القياسية الضخمة في الاعتصام في ساحات وميادين الدولة. ولا بد من القول إن جميع اليمنيين المخلصين ينتظرون على أحر من الجمر صدور «البيان الختامي» من علي صالح وإسدال الستارة نهائيًا على هذه المرحلة المؤلمة والمؤسفة من تاريخ اليمن. وإذا لم يفعل علي صالح ذلك الآن، سيقول عنه المؤرخون إنه أشعل بيديه الحروب الداخلية في البلاد وأنه صب الزيت على النار وهو في كامل قواه العقلية. نعم.. لقد آن الأوان لأن يستريح علي صالح شخصيًا وعائليًا وأن يريح اليمن من وجوده على رأس السلطة. لقد انتهى الأمر وانتهت حكاية علي عبدالله صالح مثلما انتهت حكاية علي بابا والأربعين حرامي..ويدرك كل عاقل أن التطورات الجارية تدفع باتجاه واحد لا ثاني له وهو قرار إعلان علي صالح التنحي مرة وإلى الأبد، آملين أن يختم الرئيس عهده بتمني الخير للبلاد التي حكمها أكثر من ثلاثة عقود. الوطن القطرية