كتب/د. محمد ناجي الدعيس لقد وجهت منذ العام 2006م، وكثير من النخب اليمنية رسائل عبر السلطة الرابعة لرئيس الجمهورية وكل متخذي القرار بما تعانيه الأكثرية من البسطاء جرّاء الظلم والفساد الممارس ضدهم من قِبل قادة النظم وأقلياتها وأن أنين تلك الشريحة مزمن ومن ذلك أصبحت واعية ليس لما هو الصحيح فقط، بل أصبحت تعرف أصح الصحيح، فظل التعاطي مع العولمة المعرفية المفرط، وبأن الوطن وشعبه قد سئم منهم ممارسة المعادلة الوطنية التي يكون أحد طرفيها منتصراً والطرف الآخر مهزوماً، ويجب أن تتغير تلك المفاهيم وممارساتها الخاطئة للمعادلة الوطنية بحيث يكون كلا طرفيها منتصراً، لأن مكوناتها هي جميع مكونات الوطن فإما ينتصر وطن أو يُهزم ويبقى الغُبن الذي يخلق الأحقاد والضغائن لتخريب وطن وها هو الواقع خير شاهد في الساحة العربية عموماً واليمنية على وجه الخصوص، ولكن لا أقول لا حياة لمن تنادي بل أقول لا حياء لمن تنادي.. أما الآن وقد صرخ شباب التغيير اليمني صرختهم المدوية التي أسمعت العالم الأمر الذي فرض واقعاً يقول لا مجال للتقاعس وأنه قد حان استحضار العقل الوطني لاصطفاف ليس الفرقاء والشركاء من الأقلية فحسب، بل التفاف واصطفاف كل عناصر البناء الوطني ومنظومته حول شباب التغيير انطلاقاً من ترديدنا ".. أنت عهدٌ عالق في كل ذِمّة.." لينتصر وطن، وإن لا يتم الانقلاب على شباب التغيير الوطني وثورتهم السامية بسبب أحقادٍ مزمنة مريضة أو تفضيل مصالح شخصية أو فئوية أو حزبية وقبلية..الخ.. ثورتهم التي شاء الله لها أن تولد من رحم معاناة وظلم مزمن مارسه قادة النظم الاجتماعية كافة على كل الأغلبية الصامتة.. ثورة ترفع أدواتها كلمة الحرية في وجوههم " لا " للظلم والفساد وأدواتهما بعد اليوم، و نعم للتشمير عن سواعد الخير الوطني لاجتثاث كل تلك المخلفات وبناء دولة المؤسسات و ممارسة سلاح العدالة الوطنية الحقيقية التي عجزت عن ممارستها عقول تقادمت رؤاها وتكلّست رسالتها وأداءاتها عن مسايرة المتغيرات العالمية المتسارعة.. عقول أقلية أرهقها حاملوها بالتنظير المذهبي والمهني حتى أصبح الواحد منهم يرى أنه هو الوطني وهو المنزّه عن أي أخطاء حتى وصل الأمر بتنصيب نفسه للوصاية على وطنٍ، وأن الأكثرية من أبناء جلدته ووطنه هم أدوات تسيّر بلا حقوق في المواطنة والحياة إلى جواره بكرامة إنسانية.. إن شباب التغيير اليمني يصنعون بحق ثورة لانتصار وطن.. فلماذا يتجاهل بقية الزعماء العبارة التالية " تنحيت يوم تنحى زعيم تونس المخلوع زين العابدين بن علي "؟!.. ولماذا يُصر بعض الزعماء على إجبار شعوبهم للاستعانة بالآخر لإسقاطهم من باب مجبرٌ أخيك لا بطل وفي النهاية تسدد فاتورة الآخر بمليارات الدولارات من قوت الشعوب؟ يجب أن يفهم الجميع أن شباب التغيير اليمني قد جيّر الفضل لهم بعد الله بلا منازع في القضاء على شبح الخوف وتهدمت أسواره لدى كل فرد يمني وعند ما ينجلي الخوف تُفقد السيطرة ويحدث المستحيل، واتخذ الشباب ممارسة فعلية من المقولة التغيير الوطني صعب لكنه ممكن.. على عكس قول المتقاعسين بأن التغيير الوطني ممكن لكنه صعب وهم من ظلوا ينادون به فقط ردحاً من الزمن كما يجب أن يفهم الرئيس ومن حوله أن المحطات الهامة وانتصاراتها التي كان يصنعها الرئيس كما يتحدث البعض ما كان لها لتكُن لو لم تلتف من حوله الفئات المستضعفة من الشعب، أمّا الآن وقد فقدها فلن يكون صنع المحطة الهامة إلا لشباب التغيير لأن الشعب التفّ حوله وهو من يُرجّح كفّة معادلة النصر عبر التاريخ لصنع أيٍ محطة هامة، ومن يلوّح بأن الفتنة والحرب الأهلية ستطال الساحة اليمنية جرّاء ثورة الشباب فلن يكون ذلك بعد أن عرف الشعب طريقه.. ومن المفترض أن يفخر الرئيس وكل يمني غيور بشباب التغيير اليمني وثورتهم وبكل أمٍّ أنجبت مثل أولئك الشباب الأحرار.. وأن يسمع كل ذي عقل لصوتهم وتحقيق مطالبهم بدءاً بتنحي الرئيس وانتهاءً بمحاسبة كل من تسبب في تدهور وطن وسفك دمه وإحياءً لممارسة السؤال المفقود من أين لك هذا؟؟.. صرح طارق الشامي و 26 سبتمبر موبايل مساء الجمعة الماضية أن من حضروا لمناصرة الرئيس في ميدان السبعين من كل المحافظات أكثر من 10 ملايين شخص، والمعارضة تصرح أن من حضروا في ساحات التغيير عشرات الملايين.. كيف ذلك وعدد السكان 22 مليوناً؟!.. أنا هنا لست بصدد تأكيد صحة الأرقام بقدر ما أوضح كيف تسهم المصالح الشخصية والفئوية في تطرفها لتضخيم وقلب الحقائق التي تؤدي إلى توهان سياسي في محاولة لاغتيال ثورة شباب التغيير.. وللتوضيح أكثر أقول إن عدد من صوتوا للرئيس في انتخابات 2006م، بلغ عددهم 4 ملايين و 149 ألفاً و 673 ناخب من إجمالي المسجلين البالغ عددهم 5 ملايين و 377 و238 شخصاً.. ومن المعروف أن نسبة الشباب في اليمن تمثل نسبة 70 % من السكان أي تقريباً 15,5 مليوناً.. فما هي النسبة الممثلة لشباب التغيير المستمرة في الاعتصام بساحات التغيير في كل محافظات الوطن إلى نسبة من حضروا لمناصرة الرئيس والتي انتهت تجمعاتهم بانتهاء خطاب الرئيس برغم أن تلك التظاهرة كلّفت خزينة الدولة أكثر من 25 مليار ريال كبدل سفر للحاضرين ولوازم ترتيب وهو أضعاف المبلغ المصروف لغالبية من حضروا المؤتمر الوطني؟! فهل بطانة الرئيس تصر على أن تمارس الفلم المصري طبّاخ الريّس ؟!! إن الإسفاف في التصريحات الانفعالية المتطرفة للبعض لا ترضي العقل الوطني، كما أنها لا تنمُّ عن أي دهاء سياسي يتمتع به أصحابها ولا تخدم القضية.. ومن هذا لا يمكن أن يأخذ قِمْرُ الرئيس شباب التغيير بتصريحات أقلية تجهل أبعاد الأزمة وفن مناوراتها.. كما أن الأحداث تتسارع والوضع القائم لا يستحمل أي مناورات أو حذق سياسي مقيت، فالثورة ثورة شباب وشباب فقط، ولأنها استمدت قوتها السلمية من مصلحة وطن أظهرت وبجلاء مدى ضعف ووهن كل من السلطة والمعرضة.. وكل ذي عقلٍ وطني سليم وحكيم خالٍ من العلل يتمنّى على الرئيس أن لا يهدم هرم نضالاته بسبب فئة أقليّة أو قمر ضد مجموعة بعينها، نتمنى عليه أيضاً تحكيم عقله فقط، وبتجرد وإيثار وطن وفي ذهنه أنه تولى الحكم منذُ عام 78م، وعمره 35 عاماً حسب علمي وها هو يشارف على ال 70 من عمره، وبعد أن أصبح وجوده في السلطة مثار جدل فتنة وفساد وطني بين مؤيدٍ ومناهض، أرجو أن يسأل الرئيس نفسه أمام الله وبتجرد عن بطانته ومصالحهم :هل ما تقوم بفعله بطانته يمت إلى أي معايير عقلية؟ ويتذكر بعد هذا العمر قوله تعالى " تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين "، وأنا متأكد من أن الرئيس سيتخذ قراراً وطنياً سليماً يفضي بهذه الأزمة إلى بر الأمان .. وأن من أوجد علي عبدالله صالح لقيادة اليمن بلا شك سيوجد من يقود اليمن بسلاح العدالة الوطنية ولكن لن يأخذ نفس الفترة الزمنية في الحُكم، لأن ساحات التغيير باقية والشباب قد عرف طريقها.. فهل آن الأوان للعقل الوطني وحكمته أن يخوض دوره في الحل الآمن للأزمة اليمنية؟ 27 / 3 / 2011م