توطيئة للفهم: تاريخ الأمم وسيرها ومساراها ومصائرها لا يصنعه الجهلة بالتاريخ وعبره والجهلة بقوانين الله وسلوك خلقه. سر اللعبة: استهداف اليمن جزء من استهداف الأمة العربية بشعوبها ودولها وعقيدتها فالأمة العربية تعيش مكراً تزول منه الجبال، يستهدف تمزيقها على كل المستويات الدينية والقومية والشعبية والوطنية، خدمة للمشروع الصهيوني وأداته إيران، التي بدأت منها اللعبة بتكوين دولة المذهب، وما حدث من انقلاب الأمامة بصنعاء وانقلاب الإنفصال بعدن هو ضمن هذه اللعبة، والتي ستنتقل من اليمن لبقية المنطقة التي لم يصلها بعد مشروع التمزيق، وما حدث ويحدث في دول المنطقة من تمزيق للنسيج الوطني، وفي فلسطين من ضم للجولان وإعلان السيادة اليهودية تمهيداً لإعلان الدولة اليهودية يؤكد ذلك. اطلالة على المشهد: بدأ المشهد بإنقلاب للمليشيا الحوثية الإيرانية بالتحالف مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح على العملية السياسية، وأوصل هذا الإنقلاب المشروع الإيراني ليسيطر على اليمن، ليشكل تهديداً أمنياً واستراتيجياً على اليمن والمنطقة، وأعلن استهدافه للملكة الشقيقة وما تمثله من موقع ودور وتأثير. والمتابع للمشهد اليمني اليوم يجد أن هناك ملامح لتآمر جلي ضد اليمن بشرعيته ومشروعه، بأرضه وشعبه ووجوده، من خلال خلط الأوراق لتغيير المشهد، والذي بدأ بتأخير الحسم، والدخول في متاهة التفاوض خارج المرجعيات وأولوياتها، ومنع عودة فخامة الرئيس هادي وتعطيل عمل الدولة وعودتها للعاصمة المؤقتة عدن، مستهدفاً تمزيق اليمن وشرعنة وجود إنقلابي الإمامة والإنفصال، عن طريق تجاوز مرجعيات الحل، المتمثلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦ والقرارات ذات الصلة. ومن الجدير ذكره هنا أنه قد تمت عملية سياسية تعالج الأزمة اليمنية وتُحدد خطوات الحل، من خلال الإنتقال السياسي للسلطة وصولاً لشكل الدولة الإتحادية، وهي عملية سياسية توافق عليها اليمنيون كمحصلة لحوارهم، بمخرجات الحوار الوطني ومسودة الدستور الإتحادي، وتم دعمها والقبول بها على المستوى الوطني ما عدى المكونات المرتبطة بمشاريع غير وطنية، ومن قبل المجتمع الإقليمي ممثلاً بمجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، ومن قبل المجتمع الدولي، ممثلاً بالدول الراعية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي عملية انتقال لليمن ليتحول إلى دولة إتحادية بأقاليم ستة، وتشتمل هذه العملية السياسية على الخطوات المتفق عليه ونص عليها القرار ٢١٤٠ لمجلس الأمن بما يلي (يرحب بالتقدم المحرز مؤخراً في عملية الانتقال السياسي في اليمن ويعرب عن تأييده الشديد لاستكمال الخطوات التالية من عملية الانتقال، وذلك تمشيًا مع آلية التنفيذ، بما في ذلك ما يلي): (أ) صياغة دستور جديد في اليمن؛ (ب) وتنفيذ الإصلاح الانتخابي، بما يشمل صياغة واعتماد قانون انتخابي جديد يتفق مع الدستور الجديد. (ج) وإجراء استفتاء على مشروع الدستور، بما في ذلك التعريف به بالشكل المناسب. (د) وإصلاح بنية الدولة لإعداد اليمن للانتقال من دولة وحدوية إلى دولة اتحادية. (ه) وإجراء الانتخابات العامة في الوقت المناسب ، على أن تنتهي بعدها ولاية الرئيس هادي الحالية عقب تنصيب الرئيس المنتخب بموجب الدستور الجديد) . هذه العملية السياسية الواضحة الخطوات والترتيب، وما ارتبط من دعم لها، هناك الأن محاولات ممنهجة للخروج عليها والإنحراف بها وبأهدافها، وبدأت بانقلاب صنعاء المدعوم إيرانياً، وانتهت بتمرد إنفصال عدن المدعوم إماراتياً، مروراً بتأخير الحسم، ومتاهة التفاوض التي بدأت من بعد صدور قرار مجلس الأمن ٢٢١٦. هذا التآمر يمكن إبراز محدداته وخطواته بما يلي: ١-تأخر حسم إنقلاب مليشيا الحوثي الإيرانية التي خرجت عن الدولة مدعومة من إيران. ٢- متاهة التفاوض مع مليشيا الإنقلاب الحوثي الإيراني، التي نتجت عن تأخر الحسم، والتي يجب الإصرار في أي عملية تفاوض أن تحتوي على جدول لمحددات التفاوض يستند ويعتمد على الأولويات التي يجب أن تبدأ بعملية القضاء على الإنقلاب كإنقلاب، وفق قرارات مجلس الأمن وعلى رأسها قرار ٢٢١٦ ومن ثم يكون الحواربعدها حول تنفيذ العملية السياسية التي تم الإنقلاب عليها. ٣- حرف مسار الحل الكلي المحدد في المرجعيات إلى محاولات تجزئة الحل لتفكيك المرجعيات. ٤- قيام تمرد وانقلاب أخر على وحدة اليمن وسلامة أراضيه واستقراره -والمدعوم والمثبت في كل قرارات مجلس الأمن وبياناته الرئاسية- في عدن وهذا التمرد تم دعمه من دولة الإمارات العربية المتحدة والذي سار على نهج وأسلوب وطريقة ومبررات إنقلاب الإمامة بصنعاء، فإنقلاب صنعاء قام معتمداً على جيش وأمن وسلطة الرئيس السابق، وانقلاب الإنفصال قام معتمداً على المليشيا التي شكلتها الإمارات وتحت حماية القوات الإماراتية وطيرانها، ونُسجت خيوط انقلاب الإنفصال بداية بالإتفاق الذي أدى لإنسحاب جيش وأمن الرئيس السابق من عدن بتوافق مع قوى الحراك الإنفصالي وتسليمها المنطقة برعاية إماراتية، وتصفية المقاومة الجنوبية الحقيقية التي واجهت الإنقلاب الحوثي وطرد قتل رموزها، وما رافق ذلك من إفشال لعودة فخامة الرئيس هادي للعاصمة المؤقتة عدن، وتعطيل استقرار الحكومة وبناء نموذج الدولة، وتعطيل الخدمات لإثارة النقمة ضد الشرعية، وشيطنة الشمال والشماليين ونشر ثقافة الكراهية ضد الجنوبيين وبعضهم وضد الشماليين، تمهيداً لليوم الموعود. والإمارات بعملها هذا خالفت المهمة الأساسية لوجودها وتواجدها في تحالف دعم الشرعية، فبدلاً من دعم الشرعية دعمت مليشيا تتمرد على الشرعية، وبدلاً من الحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، دعمت مليشيا تقوض وحدة اليمن وسلامة أراضيه. ٥- محاولة دفع الحكومة اليمنية إلى التفاوض مع القائمين على تمرد وإنقلاب عدن دون إلزامهم من تحالف دعم الشرعية، بما نصت عليه القرارت الدولية وخاصة القرار ٢٢١٦ تحت الفصل السابع الذي ينص على(وإذ يعيد تأكيد تأييده لشرعية رئيس اليمن عبد ربه منصور هادي وإذ يكرر دعوته كل الأطراف والدول الأعضاء أن تمتنع عن اتخاذ أي إجراءات من شأنها تقويض وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الإقليمية والمس بشرعية الرئيس هادي) ودون التزامهم أو إلزامهم بالقرار الذي أصدره تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة الشقيقة وطالبهم فيه بالإنسحاب وتسليم المواقع . ٦- منع وإعاقة الدولة اليمنية وجيشها الوطني من القضاء على تمرد الإنفصال وعندما نجح بذلك تمت مواجهته من خلال التدخل المباشر للطيران الإماراتي بقصف الجيش الوطني، والذي نتج عنه إبقاء التمرد وسقوط المئات من ضحايا الجيش الوطني بين قتيل وجريح. احذروا فرض إنقلاب الإمامة والإنفصال خارج المرجعيات. (٢-٢) تصحيح لفهم مغلوط: كثرت أحاديث عن الفصل السابع وعند الجهلة (البند السابع) بأن اليمن تحت الفصل السابع أصبحت تحت الوصاية ودون سيادة او استقلال، ومن يكتب ذلك فهو واحد من إثنين إما أنه أداة لهذا التآمر يكتب ما يُملى عليه، او جاهل لم يكلف نفسه قراءة ميثاق الأممالمتحدة وفصله السابع، ولذ أوضح وأقول بان كل القرارات الأممية لمجلس الأمن والبيانات الرئاسية، تؤكد على وحدة اليمن، والحفاظ على سيادته واستقلاله واستقراره، وعدم المساس بها أو بشرعية فخامة الرئيس هادي، من كل الأطراف والدول الأعضاء. ووفقاً للدستور اليمني والقانون الدولي، وشرعية فخامة الرئيس هادي وشرعية الدولة اليمنية، فإنه لا يحق لأي دولة في العالم، إعطاء نفسها الحق بالوصاية أو انتهاك سيادة اليمن أو البسط على أراضيه أو استقطاع جزء منها، وكل الدول الراعية أو الدول الداعمة للشرعية اليمنية، تعمل على مساعدة اليمن للخروج من أزمته بالحفاظ على وحدته واستقراره وسلامة أراضيه حفاظاً على السلم والأمن الإقليمي والدولي، وهي تعمل على مساعدة شرعية الدولة اليمنية لإستعادة سلطتها للمناطق التي تحت سيطرت الإنقلابيين والمتمردين. فأي مساس بوحدة اليمن واستقراره وسلامته هو تهديد للأمن والسلم الإقليمي والدولي، وهنا يجب توضيح وتأكيد بأن تحالف دعم الشرعية، جاء لليمن لمساعدة الدولة اليمنية بموجب ما تنص عليه المواثيق الدولية، وبموجب طلب رسمي تقدم به فخامة الرئيس هادي بصفته الشرعية والدستورية، وبهدف مواجهة المشروع الإيراني الذي يستهدف اليمن والمنطقة، واستعادة سلطة الدولة على المناطق التي تحت سيطرةمليشيا الإنقلاب الحوثي الإيراني، وهذا لا يعطي الحق بالمطلق بأنه يمكن لأي دولة من دول التحالف، نصب نفسها وصية على الدولة اليمنية، او تقوم مقامها في أراضيها، أو تمارس السيادة بدلاً عنها، أو تنتهك هذه السيادة أو تسعى لتقسيم وتفتيت أرضها وشعبها، أو إحتلال أي جزء من أراضيها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر أو عبر مليشيات أو مرتزقة يعملون لحسابها وتحت سلطتها تحت ذرائع وهمية. فخ التفاوض دون المرجعيات: أن دعوات التفاوض مع مليشيات الحوثي سابقا ومع مليشيات المجلس الإنتقالي لاحقاً، فالمليشيات الحوثية الإيرانية متمردة وخارجة عن القانون تمردت وانقلبت على الدولة بسيطرتها على مؤسساتها وبدعم إيران غير المحدود، ومليشيا الإنفصال المدعومة من دولة في تحالف دعم الشرعية، وبمخالفة صريحة وفجة لأهداف تحالف دعم الشرعية، وبما لا يتفق مع قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي، ودون إخضاعها للقرار ٢٢١٦ ودون إلزامها ببيان تحالف دعم الشرعية المطالب بانسحابها وتسليم المقرات والسلاح والمعسكرات، وهو نفس منهج التفاوض الذي تم ويتم مع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران وكأن المخرج واحد، والمستهدف بهكذا تفاوض هو اليمن بشرعيته ومشروعه وشعبه وأرضه من خلال إفراغ مرجعيات التفاوض عن مضمونها. الحوار والتفاوض وفق المرجعيات هدف الشرعية: الحوار هو منهج ودعوة الحكومة اليمنية بقيادة فخامة الرئيس هادي، وبدأت به الحكومة اليمنية لمعالجة مشاكل المجتمع المزمنة والمسببة للصراعات بين اليمنيين، ودعت كل اليمنيين للمشاركة فيه وخرج المتحاورون بعملية سياسية تحمل مشروع وطني لمعالجة الأزمة اليمنية، تحفظ اليمن بأرضه وشعبه وموارده، غير أن الإنقلابيين بصنعاءوعدن لا يحملون ولا يعملون وفق مشروع وطني ولكن يخدمون مشاريع أجنبية وغير وطنية تستهدف اليمن ووحدة أرضه وشعبه، والحوار معهم يجب أن يكون من منطلق المشروع الوطني الذي اتفق عليه اليمنيون، وبصفتهم كمكونات سياسية ليست ممثلة للوطن أو الشمال أو الجنوب، وعملية تحولهم لمكون سياسي ضمن مكونات المجتمع اليمني يتعايشون معه وفق مشروعه الوطني. وهذا التفاوض يجب أن يقوم تحت شرعية الدولة، مستنداً على المرجعيات وعلى رأسها القرار ٢٢١٦ الذي حدد التعامل مع الإنقلابيين وعلى بيان تحالف دعم الشرعية الذي أعلنته المملكة الشقيقة والقاضي بإنسحاب مليشيا ما يسمى المجلس الإنتقالي وتسليمها مؤسسات الدولة و السلاح، وينتهي بعودة الدولة لممارسة مهامها واستكمال العملية السياسية. إبراء للذمة: أخاطب هنا الحكومة اليمنية بأن تعيد تصحيح مسار التفاوض وتعيده لأصله الصحيح ومرجعياته المعتمدة، وتتجه إلى تصحيح الإختلالات في مواجهة الإنقلابيين، وتصحيح الإختلال مع تحالف دعم الشرعية، والتي أدت للوصول لهذا الوضع . ومن ناحية أخرى أخاطب اليمنيين أن يُخرجوا قضية وطنهم من التوظيف في الصراعات الداخلية والإقليمية والدولية، كما أخاطب الحكومة اليمنية ومجلسي النواب والشورى، والأحزاب والمكونات والشعب اليمني بقبائله ورجاله، بشبابه وشيخوخة ونسائه وكل مكوناته، وأقول لهم نحن اليوم أمام موقف يعتمد عليه بقائنا ووجودنا كدولة وأرض وشعب، في مواجهة تآمر يستهدف تقويض الوطن مستغلاً وضعنا الصعب ، ورهان القائمين عليه يعتمد على ضعفنا وتشتتنا وإرتهان البعض منا لمشاريع غير يمنية، أقول للجميع واجب علينا اليوم الوقف بصلابة وتماسك مع شرعيتنا بقيادة فخامة الرئيس هادي ومشروعنا فهما وسيلة إنقاذ اليمن، وعلينا جميعاً أن لا نقع في فخاخ تُخرج مواجهتنا لهذا التآمر على اليمن من سياقها الطبيعي، أو تبعدنا عن المملكة الشقيقة الشريك الحقيقي معنا لمواجهة المشاريع التي تستهدفنا وتستهدفهم، وإلا سنكون ملعونين من الله والتاريخ وأبنائنا وأحفادنا لكوننا شهدنا وقبلنا هذا التآمر لتمزيق وطننا. ذلك جهد مني لقراءة المشهد برآءة للذمة لله وللأجيال القادمة من أن أكون شاهد صامت على زمن تتم فيه محاولة تقويض وطني. د عبده سعيد المغلس ١-٩-٢٠١٩