سياسي عماني: خيبة أمل الشرعية من بيان مجلس الأمن.. بيان صحفي لا قرار ملزم ولا نصر سياسي    وزارة الخارجية ترحب بالبيان الصادر عن مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    حوادث الطيران وضحاياها في 2025    الترب يبارك اتفاق الأسرى ويعتبره مفتاح لبقية القضايا الانسانية    بلجيكا تنضم لدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بالعدل الدولية    اختتام دورة تدريبية لفرسان التنمية في مديريتي الملاجم وردمان في محافظة البيضاء    تونس تضرب أوغندا بثلاثية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة القاضي محمد عبدالله عبد المغني    أعضاء في سياسي أنصار الله: السعودية دمرت اليمن واستنزفت ميزانيتها بلا فائدة    السعودية تغلق مطار سقطرى أمام الرحلات الإماراتية وتترك مئات السياح عالقين    مجلة أمريكية: اليمنيون غيروا موازين القوى الذي تهيمن عليها أمريكا وإسرائيل    الشرعية لمن يمثل الشعب    البشارة بولد.. لكنه ولد ميت: مجلس الامن يحبط الشرعية اليمنية    وفاة رئيس الأركان الليبي ومرافقيه في تحطم طائرة في أنقرة    إغلاق مطار سقطرى وإلغاء رحلة قادمة من أبوظبي    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    قراءة أدبية وسياسية لنص "الحب الخائب يكتب للريح" ل"أحمد سيف حاشد"    البنك المركزي يوقف تراخيص فروع شركات صرافة بعدن ومأرب    مجلس الأمن يجدد التزامه بوحدة اليمن ويؤكد دعمه لمجلس القيادة والحكومة    أسعار الذهب تلامس 4500 دولار متأثرة بالتوتر بين كراكاس وواشنطن    خطوة إنسانية تخفف المعاناة.. السعودية ترحب باتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين    انعقاد اللقاء الأسبوعي الخامس بين الحكومة والقطاع الخاص    لقاء موسع للعلماء بالعاصمة صنعاء انتصارًا للقرآن الكريم    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة الآثار: نقوش سبأ القديمة تتعرض للاقتلاع والتهريب    الرئيس الزُبيدي يشدد على أهمية تطوير البنى التحتية لمطار عدن الدولي    مستشار الرئيس الاماراتي : حق تقرير المصير في الجنوب إرادة أهله وليس الإمارات    فعاليات ثقافية بمديريات محافظة صنعاء احتفاءً بجمعة رجب وتأكيداً على الهوية الإيمانية    جامع الشعب.. تدشين أنشطة جمعة رجب وفعاليات الهوية الإيمانية بحضور علمائي ونخبوي واسع    البنك المركزي يوقف تراخيص عدد من شركات الصرافة المخالفة ويغلق مقراتها    اتلاف 20 طنا بضائع منتهية الصلاحية في البيضاء    سفراء بريطانيا فرنسا ألمانيا هولندا والاتحاد الأوروبي يؤكدون التزامهم بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه    برنامج الأغذية العالمي يعلن استمرار تعليق أنشطته في مناطق سيطرة سلطات صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    رئيس مجلس الشورى يعزّي في وفاة القاضي محمد عبدالله عبدالمغني    صلاح ومرموش يقودان منتخب مصر لإحباط مفاجأة زيمبابوي    نابولي بطلا للسوبر الإيطالي على حساب بولونيا    فنان تشكيلي يتلقى إشعاراً بإخلاء مسكنه في صنعاء ويعرض لوحاته للبيع    الخارجية الروسية: روسيا تؤكد تضامنها مع فنزويلا على خلفية التصعيد في البحر الكاريبي    الصحفي والناشط الحقوقي نشوان النظاري    تواصل منافسات بطولة الرماية المفتوحة للسيدات والناشئات    رئيس انتقالي لحج "الحالمي" يعزّي في وفاة الشيخ حسين جابر بن شعيلة    هيئة المواصفات تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    رشيد تعز يفوز على تضامن شبوة في دوري الدرجة الثانية    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    وقفة طلابية تندد باغتيال الاستاذ الشراعي بالتفجير الذي استهدف مقر الإصلاح بتعز    الإصلاح بحجة ينعى الشيخ مبخوت السعيدي ويذكّر بمواقفه الوطنية وتصديه للمشروع الحوثي    فيفا: السعودية معقل كرة القدم الجديد    الذهب يتجاوز 4400 دولار للأونصة والفضة عند مستوى تاريخي    خلال مراسم تشييع جثمان الصحفي الأميري.. المشيعون: الإعلام اليمني فقد أحد الأقلام الحرة التي حملت هموم الوطن    مرض الفشل الكلوي (33)    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم كورونا ..!
نشر في سما يوم 26 - 03 - 2020


الشوارع خالية وكذلك المراكز التجارية والمؤسسات والمطارات، هذا العالم أصبح هادئاً أكثر من اللازم، كورونا والحكومات التي أكتشفت صحة إجراءات دولة الصين والخوف على الحياة وراء كل هذا الهدوء العظيم. لطالما حلمتُ بلحظات كهذه في العالم ولم أجدها، منذ سنوات وأنا أبحث عن العزلة والخلوة بالذات والتأمل على طريقة المتصوفين من كل الأديان والملل، بحثت عن نصوص العزلة وأعجبتني كثيراً، لكني لم أتلذذ بها كما أفعل الآن في هذا التوقيت الأسوأ عند بقية الناس. قبل أيام قلائل كان العالم مختلفاً تماماً والناس على عاداتهم عاكفين، هذه مكتئبة وذاك مخنوق وأولئك محبطون وآخرون مصابون بالملل، تعاني سيدة ثلاثينية من تساقط الشعر ومن ضياع خصرها في زحمة الحياة والأولاد وأكلات المحشي والشبس وعصير الفواكه. يعتني شاب عشريني بما تبقى من شعره الذي بدأ يميل إلى البياض، قتل نفسه بالتفكير كيف ينتصر على خطيبته في لعبة الحياة وهموم الشيشة والشلة المعتادة، لكنه للأمانة لم يُصب بالاحباط إطلاقاً والسبب يعود لطموحه في الحصول على جواز سفر يبعده عن ديار بكر وتغلب، كل ما لديه في هذا الشأن هي فكرة للهروب نحو المجهول لاغير. فواتير الإنترنت والموبايل والأقساط الشهرية تُحاصر موظف يقترب عمره من الخمسين، لقد تعلم النصب من صباه ولذا ترك لولديه مهمة البحث عن رزقهما بأي طريقة كانت. تفكر هي بالسفر نحو الشرق قادمة من شمال الأرض، لا لشيء فقط تريد رؤية تعاليم بوذا تمشي على الأرض، وسلوكيات كونفوشيوس الحية التي تتجسد في حياة الكثير من المثقفين، الحياة بالنسبة لها اكتشاف العادات والتقاليد وتجريب مالم تجربه في مدينتي سانتياغو وكراكاس. تحلم كزملائها بالحصول على عقد عمل في جامعات الخليج حتى لو كانت في السعودية حيث تقام جدران الفصل العنصري بين الجنسين، تبحث عن محرم وتدعو الله أن يوفقها لتُضيع عشر سنوات من عمرها، لا يهمها أمر تجاعيد وجهها ولا شعرها الذي يريد سباقها في الذهاب إلى رحلة الحج، المال سيد قلبها وجل شغفها، الوظيفة هي زوجها وطفلها ووالدها، عشر حجج لم ترهق موسى فلتكن إذاً. مراهق يقبع هناك خلف حاسوب والده، يلعب ويدفع مقابل الحصول على تنزيل الألعاب خفية من أمه، يريد أن يتقدم في كل معارك الخيال إلا معركة المدرسة المملة. تريد أن تغني وتهز خصرها النحيل وتظن أنهم معجبين بصوتها وطريقة ترديد كلمات الاغاني، أعينهم كانت تطوف في أماكن شتى من جسدها الهزيل، ليسوا مهتمين بالفن كاهتمامهم بخلفتيها الفنية. يقف على ناصية الطريق وسط المدينة يتلفت يمنة يسرة عله يرمق فتاة بجوار البارات المتناثرة، يسأل إحداهن :"هاه كيف السوق اليوم؟" فتخبره بكسادها، لم يعد للشباب في هذه المدينة المزيد من المال، وهي لا تتعامل بالدين، بكم الساعة إذا؟ سألها. فأخبرته أن الوقت لديها بالدقيقة لا بالساعة لحظات من السعادة تستاهل خمسون دولارا، فيلوح لها بكلتا يديه وينصرف مكسور القلب بعد أن شاهد حذائها مرقع ومتسخ من كثر ما قطعت من المسافات بحثا عن رزقها. يبحث عن مصروف يومه وقيمة الولعة، القات الذي أكل ضروسه المصابة بالتسوس ولثته المتهالكة هي أيضاً لا تمنعه من مضغ القات مع الخُبرة، يومه مثل أمسه وأنس الله حالكم، ورحم الله الزعيم كانت أيامه عز، أي والله عز قبل أن تأتي الثورة والأحزاب والانقلاب والعاصفة، "كنا في نعمة نقتسم العلاقي نصين أنا وأمي وكل منا يروح يخزن مع خبرته" أمه متفرطة في السنينة وهو صايع في شعوب والله يرحم الزعيم بكسر الياء. فاشل في المدرسة توسطت له خالته الحجة الفاضلة عند صديق زوجها وقبله في الكلية بتزكية شيخ وشيخة شهدوا أنه يحفظ عشرة أجزاء من مصحف قديم، وبالبركة خرج من الكلية كما دخل، لكنه للأمانة مثقف عوضه الله من بحور علمه روايات وشعر وفلسفة القراءة الحرة أفضل من الدراسة في أكسفورد، ومن "معتل لا معتل فرج" صار من كبار المثقفين وبمشيئة خالته الفاضلة أيضاً صار نجماً في الإعلام، الإعلام موهبة لا يحتاج بكالوريوس ولا حتى دبلوم، مع أن "الدباليم" صارت على قفى من يشيل، مدربو التنمية البشرية ينفخون العلم في زبائنهم كما ينفخ الطاحون كيس الدقيق في دقائق معدودة، مدرب دولي وشهادة معتمدة من معهد "دونشركب" في موريشيوس، اللهم لا حسد. هي توظفت عن طريق وكيل وزارة عبر مراسلات الواتس اب، الحياة حلوة والكلمة الحلوة تكسر الوزير اليابس حتى لو هي عن بُعد، اشتهرت باختياراتها الفنية للأغاني المرسلة لمعارفها في الوزارة، إنها بحق فاتنة وفنانة جعلت الوزارة كلها ترقص على وحدة ونص. ذهب يحمل السيرة الذاتية لصديقه وبعد وصوله لمكتب المدير اكتشف أن عدد المنتظرين يزيدون عن عشرين ، كل واحد منهم يحمل ملف، انتظر دوره وبمجرد أن ولج قام المدير من مكتبه وهات يا أحضان وهات يابوس، طالت جلسة الإقناع وهو يشرح مؤهلات صديقه ومن كلمة إلى كلمة حتى قرب الفجر والحمدلله قبلوه مستشار، ولم يحالف الحظ صديقه. تنتظر رسائل صديقها من بعد الحادية عشرة مساء، التزمت دوماً بفارق التوقيت، مكنها "ترعلة" وحب وغرام وآخرها حدثت له مشكلة مع زوجته التي قرأت الرسائل، فأرسلت لها تقول :"اتقرصي العافية هذا الآدمي مجحوز من زمان ومعه طفل بتفاحتين وزوجة أجمل منك وأنصحك تشربي حمر وليم ممكن تتنشط ذاكرتك وتدركي أنه أبعد عليك من عين الشمس". كانت الأخبار القادمة من الصين مرعبة ووخان غرقت بفعل شخص يريد زيادة الباءة فشرب مرقة خفاش يتيم الأبوين مطبوخ مع نصف ثعبان أسمر اللون، وبالفعل زادت قوته عن تسعين حصان فدق القارات الخمس مرة واحدة! وبلغت نشوته الآفاق، والناس بين مصدق ومكذب يا كورونا يا فيروس!! بنات ووهان بكين بكل اللغات والناس يقولون عادي، صينيون يستاهلوا يأكلون كل شيء وقذرين ولديهم أطماع في غزو العالم، والفيروس هو نتيجة عمل عسكري معملي، وكثرت التكهنات وإذا بالعالم يتحول إلى صين أخرى انتشر فيه الوباء بسرعة فائقة. التنبؤ بتغيرات عالمية اليوم مجرد تحصيل حاصل، لقد تغير العالم فعلاً لدرجة أن لا أحد يستطيع حك أرنبة أنفه، الحكة والهرش توقفت والنظافة بدأت ومعجون الأسنان تحرك في كل فم وورق الحمام صار عزيزا، الخيار عدم من السوق وتبعه العدس. متدينوا هذا العصر من مختلف النحل، رأوا أن كورونا من جند الإله ولا يمكن أن تصاب طوائفهم فهو مرسل من ربهم لأعدائهم فقط، تكرر المشهد من إسرائيل إلى إيران وماليزيا تجمعات للشيعة والسنة والهندوس والحريدم والنصارى، وبدأت الأدوية من تركيا تنهال؛ حوائج وقرفة وقسط هندي هناك حيث الدراويش وجدوا مأوى تحت مسمى الطب البديل، لم يكونوا وحدهم فهذا موسم التكسب من ظهر كورونا. عُدت لهدوئي لم يعد يزعجني شيء، أغلقت باب الرسائل أمام الكثير من المزعجين، فقط رسائلي مع قلبي مازالت متواصلة. كورونا استطاع حصارنا كبشر، لكن قلوبنا مازالت خارج نطاق الفيروسات، أعيننا ترنو للغد، مازالت أجمل القصائد لم تُكتب بعد وأجمل اللحظات لم تأت بعد، وعطور مازالت في طور التكوين حتماً ستفوح في القريب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.