جيسوس ثامن برتغالي يدير دفة النصر السعودي    ب 287 مليونا.. «ثاندر» يمدد عقد وليامس    أسقطوه من ذاكرتهم.. فعاد ليصبح في كل العناوين    قمة أوروبية في نهائي مونديال الأندية    الإمارات تنهب ذهب حضرموت بحماية الانتقالي    الترب: علينا مراجعة ما يجري والعمل من أجل اليمن واستقراره    نتنياهو وواشنطن ملفات وخطط سرية    غارات ليلية دامية وعمليات نسف جديدة للمباني في غزة    الضالع.. عناصر أمنية تعبث بموقع أثري وتطلق النار على فريق من مكتب الآثار بالمحافظة وتمنعه من الدخول    بن عفرار يدعو أبناء المهرة إلى وحدة الصف وتجاوز الخلافات    عدن والجنوب: هدوء زائف ينذر بانفجار لا سلمي    الكشف عن خطاب سري يمنع الإعلام من تناول دور الجيش البريطاني في غزة!    القبض على عنصرين متورطين في 3 تفجيرات بعدن    في المهرة.. أين يتموضع رشاد العليمي؟    "الأيروجيل".. إسفنجة شمسية تحول ماء البحر إلى عذب من دون طاقة    انتقالي المهرة يعلق على حادث منفذ صرفيت ويحذّر من تصاعد التهديدات الأمنية    ثمن باهض وفشل عظيم مقابل نص راتب شهري!!    ثلاثة أيام بين القهر والانفجار .. صرخة من صعدة تهز ضمير العقلاء    مات كما يموت الطيبون في هذا البلد..!    الشرفي يلجأ إلى القضاء بعد مماطلة التربية في رفع ضرر تسبب به استحداث مدرسة أهلية في مبنى لصيق بمنزله    عجز الموازنة يتفاقم في الولايات المتحدة رغم إيرادات الرسوم الجمركية    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة أحمد ضيف الله الحقامي    إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت الجمعة 11 يوليو 2025 17:39:36 اقرأ المزيد من المشهد العربي| https://almashhadalaraby.com/news/517729إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت إنقاذ 12 شخصا من الغرق في سواحل حضرموت    مأزق جديد لإسرائيل في اليمن انكسار الراية السوداء وإغراق السفن بالكامل في البحر    ماذا يحدث في عدن وهل سيتم الغائها    - أزمة المياه بتعز تشتعل مع أصحاب محطات التحلية تجارالعطش الذين يهددون بإفشال مبادرة الشيباني الذي وعد بتوزيع 10ملايين لتر ..لكنه تجار العطش يمنعون اقرأ التفاصيل في موقع الأوراق برس    ستلاحقه اللعنات.. بن ماضي يتحمل مسؤولية جريمة هدم جسر المكلا    ريال مدريد يحسم صفقة كاريراس    الفيفا يحدد ملعب نهائي مونديال 2030    انهيار كارثي ..الدولار في عدن 2872 ريال    مصر تعلن اكتشاف ذهب وفضة في الصحراء    مصور: استشهد بعملية إرهابية.. شبوة تودع الشهيد المصعبي بمراسم تشييع رسمية    اليابان تطور أول رحم اصطناعي كامل.. نحو مستقبل بلا حمل ولا ولادة تقليدية    تدشين امتحانات القبول والمفاضلة في كلية الطب البشري جامعة ذمار    أزمة أخلاقية في المجتمع المصري: للغش مطاوعة يدافعون عنه    العثور على نوع جديد من الديناصورات    رسميا.. توتنهام يتعاقد مع الغاني محمد قدوس    العثور على كنز أثري مذهل يكشف أسرار ملوك مصر قبل الأهرامات    عن بُعد..!    حزب رابطة الجنوب العربي ينعي الفقيد الوطني بن فريد    الكتابة والذكاء الاصطناعي    إتلاف أكثر من نصف طن من المخدرات المضبوطة في سواحل العارة    خبير في الطقس يتوقع أمطار غزيرة على مناطق واسعة من اليمن خلال الساعات القادمة    إسرائيل تطالب واشنطن باستئناف الضربات ضد الحوثيين في اليمن    آلام الظهر أزمة عصرية شائعة.. متى تحتاج للطبيب؟    صنعاء.. تحديد موعد إعلان نتائج الثانوية العامة    الدولار يتخطى 2830 ريالاً والبنك المركزي يناقش مع البنوك إعادة هيكلة الشبكة الموحدة    - الممثل اليمني اليوتيوبر بلال العريف يتحوّل إلى عامل بناء في البلاط اقرأ السبب ؟    سان جيرمان يلقن ريال مدريد درسا ويتأهل لنهائي كأس العالم للأندية    تحذيرات أممية: أزمة الغذاء في اليمن تتفاقم وسط نقص حاد في المساعدات    يهودي من أبوين يهوديين.. من هو الخليفة أبو بكر البغدادي؟    بابور الاقتصاد تايراته مبنشرة    خبير: البشرية على وشك إنتاج دم صناعي    العلاج بالحجامة.. ما بين العلم والطب والدين    أين علماؤنا وفقهاؤنا مع فقه الواقع..؟    العام الهجري الجديد آفاق وتطلعات    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة بذكرى استشهاد الإمام الحسين 1447ه    عاشوراء.. يوم التضحية والفداء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم كورونا ..!
نشر في سما يوم 26 - 03 - 2020


الشوارع خالية وكذلك المراكز التجارية والمؤسسات والمطارات، هذا العالم أصبح هادئاً أكثر من اللازم، كورونا والحكومات التي أكتشفت صحة إجراءات دولة الصين والخوف على الحياة وراء كل هذا الهدوء العظيم. لطالما حلمتُ بلحظات كهذه في العالم ولم أجدها، منذ سنوات وأنا أبحث عن العزلة والخلوة بالذات والتأمل على طريقة المتصوفين من كل الأديان والملل، بحثت عن نصوص العزلة وأعجبتني كثيراً، لكني لم أتلذذ بها كما أفعل الآن في هذا التوقيت الأسوأ عند بقية الناس. قبل أيام قلائل كان العالم مختلفاً تماماً والناس على عاداتهم عاكفين، هذه مكتئبة وذاك مخنوق وأولئك محبطون وآخرون مصابون بالملل، تعاني سيدة ثلاثينية من تساقط الشعر ومن ضياع خصرها في زحمة الحياة والأولاد وأكلات المحشي والشبس وعصير الفواكه. يعتني شاب عشريني بما تبقى من شعره الذي بدأ يميل إلى البياض، قتل نفسه بالتفكير كيف ينتصر على خطيبته في لعبة الحياة وهموم الشيشة والشلة المعتادة، لكنه للأمانة لم يُصب بالاحباط إطلاقاً والسبب يعود لطموحه في الحصول على جواز سفر يبعده عن ديار بكر وتغلب، كل ما لديه في هذا الشأن هي فكرة للهروب نحو المجهول لاغير. فواتير الإنترنت والموبايل والأقساط الشهرية تُحاصر موظف يقترب عمره من الخمسين، لقد تعلم النصب من صباه ولذا ترك لولديه مهمة البحث عن رزقهما بأي طريقة كانت. تفكر هي بالسفر نحو الشرق قادمة من شمال الأرض، لا لشيء فقط تريد رؤية تعاليم بوذا تمشي على الأرض، وسلوكيات كونفوشيوس الحية التي تتجسد في حياة الكثير من المثقفين، الحياة بالنسبة لها اكتشاف العادات والتقاليد وتجريب مالم تجربه في مدينتي سانتياغو وكراكاس. تحلم كزملائها بالحصول على عقد عمل في جامعات الخليج حتى لو كانت في السعودية حيث تقام جدران الفصل العنصري بين الجنسين، تبحث عن محرم وتدعو الله أن يوفقها لتُضيع عشر سنوات من عمرها، لا يهمها أمر تجاعيد وجهها ولا شعرها الذي يريد سباقها في الذهاب إلى رحلة الحج، المال سيد قلبها وجل شغفها، الوظيفة هي زوجها وطفلها ووالدها، عشر حجج لم ترهق موسى فلتكن إذاً. مراهق يقبع هناك خلف حاسوب والده، يلعب ويدفع مقابل الحصول على تنزيل الألعاب خفية من أمه، يريد أن يتقدم في كل معارك الخيال إلا معركة المدرسة المملة. تريد أن تغني وتهز خصرها النحيل وتظن أنهم معجبين بصوتها وطريقة ترديد كلمات الاغاني، أعينهم كانت تطوف في أماكن شتى من جسدها الهزيل، ليسوا مهتمين بالفن كاهتمامهم بخلفتيها الفنية. يقف على ناصية الطريق وسط المدينة يتلفت يمنة يسرة عله يرمق فتاة بجوار البارات المتناثرة، يسأل إحداهن :"هاه كيف السوق اليوم؟" فتخبره بكسادها، لم يعد للشباب في هذه المدينة المزيد من المال، وهي لا تتعامل بالدين، بكم الساعة إذا؟ سألها. فأخبرته أن الوقت لديها بالدقيقة لا بالساعة لحظات من السعادة تستاهل خمسون دولارا، فيلوح لها بكلتا يديه وينصرف مكسور القلب بعد أن شاهد حذائها مرقع ومتسخ من كثر ما قطعت من المسافات بحثا عن رزقها. يبحث عن مصروف يومه وقيمة الولعة، القات الذي أكل ضروسه المصابة بالتسوس ولثته المتهالكة هي أيضاً لا تمنعه من مضغ القات مع الخُبرة، يومه مثل أمسه وأنس الله حالكم، ورحم الله الزعيم كانت أيامه عز، أي والله عز قبل أن تأتي الثورة والأحزاب والانقلاب والعاصفة، "كنا في نعمة نقتسم العلاقي نصين أنا وأمي وكل منا يروح يخزن مع خبرته" أمه متفرطة في السنينة وهو صايع في شعوب والله يرحم الزعيم بكسر الياء. فاشل في المدرسة توسطت له خالته الحجة الفاضلة عند صديق زوجها وقبله في الكلية بتزكية شيخ وشيخة شهدوا أنه يحفظ عشرة أجزاء من مصحف قديم، وبالبركة خرج من الكلية كما دخل، لكنه للأمانة مثقف عوضه الله من بحور علمه روايات وشعر وفلسفة القراءة الحرة أفضل من الدراسة في أكسفورد، ومن "معتل لا معتل فرج" صار من كبار المثقفين وبمشيئة خالته الفاضلة أيضاً صار نجماً في الإعلام، الإعلام موهبة لا يحتاج بكالوريوس ولا حتى دبلوم، مع أن "الدباليم" صارت على قفى من يشيل، مدربو التنمية البشرية ينفخون العلم في زبائنهم كما ينفخ الطاحون كيس الدقيق في دقائق معدودة، مدرب دولي وشهادة معتمدة من معهد "دونشركب" في موريشيوس، اللهم لا حسد. هي توظفت عن طريق وكيل وزارة عبر مراسلات الواتس اب، الحياة حلوة والكلمة الحلوة تكسر الوزير اليابس حتى لو هي عن بُعد، اشتهرت باختياراتها الفنية للأغاني المرسلة لمعارفها في الوزارة، إنها بحق فاتنة وفنانة جعلت الوزارة كلها ترقص على وحدة ونص. ذهب يحمل السيرة الذاتية لصديقه وبعد وصوله لمكتب المدير اكتشف أن عدد المنتظرين يزيدون عن عشرين ، كل واحد منهم يحمل ملف، انتظر دوره وبمجرد أن ولج قام المدير من مكتبه وهات يا أحضان وهات يابوس، طالت جلسة الإقناع وهو يشرح مؤهلات صديقه ومن كلمة إلى كلمة حتى قرب الفجر والحمدلله قبلوه مستشار، ولم يحالف الحظ صديقه. تنتظر رسائل صديقها من بعد الحادية عشرة مساء، التزمت دوماً بفارق التوقيت، مكنها "ترعلة" وحب وغرام وآخرها حدثت له مشكلة مع زوجته التي قرأت الرسائل، فأرسلت لها تقول :"اتقرصي العافية هذا الآدمي مجحوز من زمان ومعه طفل بتفاحتين وزوجة أجمل منك وأنصحك تشربي حمر وليم ممكن تتنشط ذاكرتك وتدركي أنه أبعد عليك من عين الشمس". كانت الأخبار القادمة من الصين مرعبة ووخان غرقت بفعل شخص يريد زيادة الباءة فشرب مرقة خفاش يتيم الأبوين مطبوخ مع نصف ثعبان أسمر اللون، وبالفعل زادت قوته عن تسعين حصان فدق القارات الخمس مرة واحدة! وبلغت نشوته الآفاق، والناس بين مصدق ومكذب يا كورونا يا فيروس!! بنات ووهان بكين بكل اللغات والناس يقولون عادي، صينيون يستاهلوا يأكلون كل شيء وقذرين ولديهم أطماع في غزو العالم، والفيروس هو نتيجة عمل عسكري معملي، وكثرت التكهنات وإذا بالعالم يتحول إلى صين أخرى انتشر فيه الوباء بسرعة فائقة. التنبؤ بتغيرات عالمية اليوم مجرد تحصيل حاصل، لقد تغير العالم فعلاً لدرجة أن لا أحد يستطيع حك أرنبة أنفه، الحكة والهرش توقفت والنظافة بدأت ومعجون الأسنان تحرك في كل فم وورق الحمام صار عزيزا، الخيار عدم من السوق وتبعه العدس. متدينوا هذا العصر من مختلف النحل، رأوا أن كورونا من جند الإله ولا يمكن أن تصاب طوائفهم فهو مرسل من ربهم لأعدائهم فقط، تكرر المشهد من إسرائيل إلى إيران وماليزيا تجمعات للشيعة والسنة والهندوس والحريدم والنصارى، وبدأت الأدوية من تركيا تنهال؛ حوائج وقرفة وقسط هندي هناك حيث الدراويش وجدوا مأوى تحت مسمى الطب البديل، لم يكونوا وحدهم فهذا موسم التكسب من ظهر كورونا. عُدت لهدوئي لم يعد يزعجني شيء، أغلقت باب الرسائل أمام الكثير من المزعجين، فقط رسائلي مع قلبي مازالت متواصلة. كورونا استطاع حصارنا كبشر، لكن قلوبنا مازالت خارج نطاق الفيروسات، أعيننا ترنو للغد، مازالت أجمل القصائد لم تُكتب بعد وأجمل اللحظات لم تأت بعد، وعطور مازالت في طور التكوين حتماً ستفوح في القريب.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.