تبرز الأهمية الإستراتيجية لليمن بالنسبة لدول مجلس التعاون، حيث يمثل عمقًا استراتيجيًا للجزيرة والخليج يجعل منه عاملًا مهمًا لأمن واستقرار المنطقة، ومن ثم لا يمكن الاستغناء عنه أو إقصاؤه في الوقت الذي يشهد فيه العالم تحالفات إقليمية، وتهديدات مستمرة ومتزايدة للمنطقة. فهناك حاجة خليجية ليمن آمن ومستقر من أجل مواجهة الأخطار المشتركة، هذا فضلًا عن أهمية الموقع الاستراتيجي اليمني، وما يمثله من مجال حيوي- فهو يطل على البحر الأحمر والبحر العربي والمحيط الهندي- حيث يمثل خليج عدن ومضيق باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، أهمية مضاعفة في تأمين عبور السفن البحرية الدولية والإقليمية، وما يمثله خليج عدن من أهمية، حيث يمر منه ويلتقي عنده أهم ثلاثة ممرات مائية بحرية دولية، تتمثل في: الخط القادم من الخليج العربي، والخط القادم من شرق وجنوب شرق آسيا، والخط االقادم من شرق أفريقيا وجنوبها إلى البحر الأحمر. وتؤثر هذه الخطوط الثلاثة في حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي يمثل ممرًا مائيًا شديد الحيوية لحركة النقل البحري وحركة التجارة العالمية، يربط من جهة بين جنوب شرق آسيا، وجنوب أفريقيا، وأوروبا والأمريكتين من جهة أخرى. علاوة على ذلك، تقع هذه الممرات للملاحة البحرية في منطقة شديدة التوتر والصراع والفوضى الأمنية، ابتداءً من الصومالوجيبوتي وحتى إريتريا وإثيوبيا، وما يمثله الوجود الأجنبي على سواحل وأراضي هذه الدول (القوات الأمريكية المتمركزة في جيبوتي والوجود الصيني الإيراني في الصومال، والوجود الإسرائيلي الأمريكي في إريتريا) من تحديات لأمن الخليج. ويعود الوجود العسكري الأجنبي في هذه الدول إلى تحولها إلى دول فاشلة وغير قادرة على حماية نفسها، أو تأمين المجال الحيوي الذي تمر منه الناقلات النفطية، وأكثر من 15 ألف سفينة بحرية سنويًا، ومدخل جنوبي وإستراتيجي لحقول النفط العربي. ومما زاد من حجم الوجود العسكري الأجنبي بروز ظاهرة القرصنة البحرية، مع انعكاسات كل ذلك على أمن المنطقة، ودول مجلس التعاون بصفة خاصة. يحظى ملف اليمن باهتمام بالغ في الأوساط الخليجية والعربية والدولية، وخصوصا بالنسبة إلى دول "مجلس التعاون لدول الخليج العربية" التي ترقب أولا بأول التطوّرات في الشأنين الداخلي والخارجي لليمن، لما لها من انعكاسات مباشرة على المنطقة، إذ يمثل اليمن البوابة الجنوبية لشبه الجزيرة العربية، ومن المؤكّد أن دول مجلس التعاون تعتبر نفسها معنية بالدرجة الأولى بأيّ تطورات سلبية تحدث في هذا البلد، لأن من شأنها أن تؤثر في أمنها القومي بصورة مباشرة بحكم الجوار الجغرافي، ولاسيّما أن اليمن يمثل الحلقة الأضعف في السلسلة الأمنية لدول الخليج العربي.