حوار/ حمود مثنى - حمدي البهلولي عن أبرز ما تشهده الساحة القضائية ووزارة العدل من تحولات وما تواجهه قيادتها من صعوبات وعن أهم ما تم تنفيذه من قرارات وتسويات. محاور عدة تحوي في طياتها الكثير من التساؤلات طرحناها على فضيلة القاضي مرشد علي العرشاني وزير العدل الذي استقبلنا بتواضع ورحابة صدر وأجاب على تساؤلاتنا فإلى تفاصيل الحوار: * ينتقدكم البعض بأنكم تنفذون أجندة حزبية في التعيينات خلافاً لما ترددونه في خطاباتكم وتصريحاتكم؟ بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، نرحب بكادر الصحيفة القضائية في اللقاء الثاني وأشيد بدور الصحيفة القضائية في نشر التوعية القضائية والقانونية وفي خدمة المواطنين وإبراز نشاط قيادات وأعضاء السلطة القضائية، وهذا هو الحس الصحفي الذي يعول عليه، وبالنسبة للسؤال بالفعل أنا تكلمت في بداية تعييني في وزارة العدل عندما التقيت بالإخوة الموظفين وقلت لهم إن كل الإخوة العاملين في الساحة القضائية كلهم على مسار واحد وأنا عند وعدي ولا توجد تعيينات من لون واحد أو شريحة واحدة وما حصل من تعيينات عبارة عن تعيينات ضرورية أملتها ظروف العمل في تلك المرحلة وعينوا من داخل الإدراة ذاتها، فمثلاً المدير العام إذا غير عين نائبه ولكن الناس يتصيدون الأعمال ويفسرونها على غير مقتضاها ويؤولونها على غير الحال التي هي عليه والسبب أنه لا يوجد إنصاف في التعاطي مع الوقائع والأحداث وهذه هي مشكلتنا في هذه الحقبة وهذه الفترة التاريخية من تاريخ اليمن، فأرجو من كل الإخوة الذين يتعاطون الأخبار والمعلومات ونقلها وتداولها وكتابتها أن يتحروا الصحة ولا يرموا التهم جزافاً وخلافاً لأمر الله عز وجل حيث قال: (يا أيها الذين أمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا..) فالأصل في الأخبار والوقائع عندما تنقل التبين والتمحيص بغض النظر عن الاجندات التي يقف عندها هذا أو ذاك لكن وكما قال تعالى: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا هو أقرب للتقوى).العدل ليس فقط في الأحكام وإنما العدل في الأقوال وفي التقييم، وفي الخبر على الأقل تقول الحقيقة دون مجازفة أو تحامل. * كما ينتقدكم البعض بالسعي لتخفيض نسبة القبول في المعهد العالي للقضاء من جيد جداً إلى جيد سعياً لتسييس القضاء وإفساح المجال أمام طلاب كلية الإيمان؟ موضوع المعهد العالي للقضاء كبوابة أساسية لقبول التعيين في السلطة القضائية لا شك أن له أهمية خاصة واهتماماً كبيراً وهناك معايير، والمعايير المعني بها ليس وزير العدل في الأساس، بل مجلس القضاء الأعلى هو الذي يضع معايير القبول في المعهد العالي للقضاء، وهذه القراءات واستباقية نقل الأخبار هي من قبيل التحامل ومن قبيل رمي التهم جزافاً للآخرين دون التحري والتمحص والتمعن، الناس عندما يريدون أن ينتقدوا شخصاً أو يقيموا أداءه ينبغي أن يقيموه من موقعه، فهل صدر مني توجيه بهذا الصدد أو صدر مني إجراء أو قبول لأي شخص خلاف المعايير التي يتبعها مجلس القضاء الأعلى للقبول في المعهد العالي للقضاء، وتخفيض النسبة هي ميزة وليست عيباً أصلاً، المشكلة هي أن المعيار يتمثل في أن نسبة جيد جداً في القبول من بين المتخرجين حرم محافظات عديدة من المحافظات النائية التي نحن في أمس الحاجة إلى قبول القضاة منهم مثلاً (حضرموت) لا يوجد قبول منهم و(شبوة، صعدة، أبين، المهرة،..وغيرها) السبب أنها مناطق شبه ريفية وطلابها قد لا يحصلون على مثل هذه النسب، ومن ثم تركزت النسب في بعض المحافظات، يمكن تكون ثلاث محافظات فقط التي فيها تعليم وفيها الناس عندهم الرغبة إلى تحصيل العلم وعندهم إمكانية أو فيها طلاب جادون وحريصون للحصول على هذه التقديرات فهنا أعتقد أنه الخلل، ينبغي أنا كوزير للعدل أن أنظر إليه بعناية ولابد أن أوجد توازناً، عندما أقول لابد أن يقبل قضاة من حضرموت، قضاة من سقطرى يسدون العجز في هذه المناطق لأن الناس يرفضون الذهاب إلى هذه المناطق هل هذا معيار شخصي أو معيار حزبي أو انتهازي؟! العملية هي لازالت عبارة عن فكرة ثم هل سيوافق عليها مجلس القضاء فبالنهاية صوت الوزير هو صوت من أصوات مجلس القضاء الأعلى فهي لازالت فكرة طيبة لم تدخل حتى حيز الإجراءات التنفيذية. * ألا تحتاج المحاكم إلى رفدها بأعداد أكثر من خريجي المعهد لتلافي انخفاض عدد القضاة أمام زحمة القضايا بالمحاكم؟ القدرة الاستيعابية للمعهد العالي للقضاء هي محدودة تقريباً بعدد الدفعة الحالية حوالي (110-120) وأكثر من هذا تعتبر دفعة كبيرة وغير قادر المعهد على استيعابها. * ماذا قدمتم للقضاة فيما يخص الحماية الأمنية؟ يمكن أن يعكس السؤال ماذا قدمنا لليمن في الجانب الأمني والقضاء هو جزء من هذا الوطن من هذا البلد من هذا الكيان الكبير فبقدر ما يتوفر للقضاء من حماية وتوفير جانب أمني هو بقدر ما يتوفر لغيره حقيقة ولكن في هذا السياق نحن خطونا خطوات جيدة جداً مع الأخ وزير الداخلية وتوصلنا إلى توقيع مذكرة بالاتفاق على توفير الحماية لمقار المحاكم والنيابات وشخصيات السلطة القضائية بصفة عامة وعلى أن تتوفر في كل محافظة الأعداد الكافية من الشرطة لاسيما من الأمن المركزي والنجدة الذين هم أكثر انضباطاً وبحيث تتحمل الداخلية كل نفقاتهم بما فيها التغذية الجافة والطازجة، ووزير الداخلية ما قصر حقيقة أصدر تعميماً لكل المحافظات بتنفيذ هذا الاتفاق بحذافيره والآن يتم التواصل بين الإخوة رؤساء محاكم الاستئناف ومدراء أمن المحافظات للسير في تنفيذ هذا الاتفاق، فهذا ما تم في هذا المضمار من الناحية النظرية فيبقى الآن حتى تهدأ الأمور في الجانب الأمني في كل المحافظات ويتسنى للإخوة رؤساء المحاكم أن يتواصلوا مع مدراء الأمن ليضعوا هذا الاتفاق في حيز التنفيذ فضلاً على أننا اعتمدنا لكل قاض وعضو نيابة مبلغ (15) ألف ريال كبدل حماية وإن كان مبلغاً زهيداً لكنه في إطار الممكن توفيره في هذه الفترة ونأمل في المستقبل أن توفر الاعتمادات ونرفع هذا المبلغ إلى الضعف إن شاء الله. * سعيتم إلى رفع مستوى القضاة، هل يأتي ذلك تلبية لمطالب القضاة؟ حقيقة هو تلبية لمطالب القيادة القضائية في تحسين أوضاع القضاة والإداريين بصفة عامة وحتى يتحسن وضع القضاء بشكل عام وهذه رغبة بدليل أننا وضعنا كل البنود التي سعينا إلى توفيرها في خطتنا في الموازنة العامة التي قدمت للحكومة على أساس أن تعتمدها رقماً واحداً ضمن موازنة الدولة غير أنها نزلت إلى النصف بأمر الأخ رئيس الجمهورية، ماجعلنا نعتمد النصف مما قد كنا خططنا له فجاءت مطالب القضاة من خلال الاحتجاجات وغيرها عبارة عن تتويج وتدعيم لتنفيذ خطة السلطة القضائية في هذا المضمار والحقيقة تحقق الشيء الكثير وإن كان نسبة (50%) مما نطمح إليه ولكنها في هذه الظروف وهذه السنوات العجاف تعتبر نسبة جيدة وخطوة إلى الأمام ومؤشراً إلى أننا سائرون في تحسين أوضاع القضاء إن شاء الله في المسقبل بشكل يلبي حاجة الإخوة القضاة وتوفير العيش الكريم لكل من يعمل في هذا الحقل سواء الإخوة القضاة أو الإداريين. * وما تأملون بعد ذلك؟ دائماً الحقوق تقابلها واجبات فإذا كنا نسعى إلى توفير الحقوق فيجب على الإخوة القضاة والإخوة الإداريين أن يؤدوا واجباتهم على الشكل الأكمل والأنصع ويجعلوا القضاء في صورته الوضاءة التي يأمل كل مواطن أن يجد قضاءه قضاءً محترماً وقضاءً عادلاً وقضاءً يلبي حاجاته ويسعى إلى توفير خدمة العدالة بأيسر طرقها وأسهل إجراءاتها وفي وقت وجيز، هذا ما نأمل حقيقة من الإخوة العاملين في ميدان القضاء ونرجو لهم التوفيق ونحن في الحقيقة نحسن الظن بقضاتنا وأملنا في الله عز وجل أن تتحسن أوضاع القضاة في القريب العاجل إن شاء الله. * وماذا عن الإداريين..وبحسب البعض منهم أنكم أعطيتموهم الفتات مقارنة بالقضاة؟ والله إنها مشكلة عندما يقارن الأخ الموظف نفسه بالقاضي فهي مقارنة غير موجودة ويقال في القياس إذا لم يكن المقيس في مستوى المقيس عليه فهذا يسمى قياساً فاسد الاعتبار، هكذا هو الأصل فأن يقارن الموظف نفسه بالقاضي ليس منطقياً إطلاقاً وبالعكس فالإخوة الإداريون كانوا أكثر اهتماماً من قبل الإخوة في القيادة القضائية بدليل أنهم أعطوهم بدل طبيعة العمل قبل القضاة وأعطوهم بدل طبيعة العمل (50%) بينما القضاة أعُطوا (30%) أنا أقصد أنهم عندما يقولون أنهم لا يهتمون بهم كثيراً فهذا غير صحيح مرتبات القضاة باعتبارها أرفع من الإداريين فحينما تضع نسبة تظهر بشكل واضح على مرتبات القضاة وتظهر بشكل باهت على مرتبات الإداريين وإلا فقد أعطي الإداريون كل الطلبات التي كانوا يطلبونها في احتجاجاتهم وتم الجلوس معهم وتحددت المطالب التي يطالبون بها في نقاط محددة وفي محضر موقع منهم ومنا جميعاً وأتينا على هذه البنود بنداً بنداً وغطيناها بحسب إمكاناتنا وبحسب المبالغ التي أتيحت لنا غطيناها جميعاً وغُطيت العلاوات من 2005م إلى 2011م وإن كانت إلى الآن لم تدفع ولكنها ستدفع خلال هذا الشهر أو الشهر القادم المسألة مسألة وقت لعموم موظفي الدولة وللعلم فتواها جاهزة وقد صدرت عن الخدمة المدنية وهي الآن في وزارة المالية. * ولكن نسبة كبيرة من أعمال ومهام المحاكم يتولاها الموظفون والإداريون والكتاب بالمحاكم ؟ الحقيقة أن المقارنة بين القضاة والإداريين في المحاكم في غير محلها ففي كل دول العالم والدول العربية الموظف موظف والقاضي قاضي فهو كلام ليس منطقياً فالتسوية بينهم وبين القضاة لا هو وارد قانوناً ولا عقلاً ولا تطبيقاً، فالمسألة غير واردة في القانون إطلاقاً، فذلك يحكمه قانون وذاك يحكمه قانون وذاك منوط به عمل وذلك منوط به عمل آخر فلماذا لا يقارنون أنفسهم بموظفي الجهاز الإداري للدولة الذين يحكمهم قانون واحد.. قانون موظفي الدولة فلو قارنوا أنفسهم بموظفي الدولة سيجدون أنفسهم ربما يتقاضون ضعف ما يتقاضاه نظراؤهم في أجهزة الدولة. * وماذا عن التسويات، جاءت الموازنة ولم تنفذ الوعود رغم وجود توجيهات صريحة بالتنفيذ وتضمينها خطة الوزارة خلال يناير يونيو لهذا العام، فما هو المبرر لتأجيلاتها المتكررة؟ التسويات نفذت بالمؤهلات وصدرت القرارات بشأنها وصرفت المبالغ تقريباً لمن قد سويت أوضاعهم، أما بالنسبة للتسويات بالدرجات فهذه خاضعة لقضية تصنيف الوضائف نفسها وتحديد مستويات المحاكم وهو أمر يحتاج إلى وقت طويل لأن تصنيف ما يقارب من (7000-8000) موظف من الصعب أن تنهيها في وقت وجيز لاسيما إلى الآن لم يصدر قرار بتصنيف المحاكم نفسها إلى المستوى الإداري والإدارة العامة أو مستوى الأقسام أو غيرها فالمسألة تحتاج إلى وقت، وما اتفقنا عليه في المحضر هو التسويات بالمؤهلات فقط أما التسويات بالدرجات فحتى يتم تصنيف المحاكم وعندنا مشروع التدوير الوظيفي فهي تحتاج إلى ترتيب أكثر وإن شاء الله سيكون في العام القادم. * يقال أن السبب الحقيقي عدم رضا شئون الموظفين عن تلك القرارات ألا يتحمل المسئولية عن المخالف منها (إن وجد) مصدر القرار دون المساس بحق المستفيد؟ هذا جانب لم نخض فيه حتى الآن حتى نقول أن شؤون الموظفين قصروا أو لهم وجهة نظر أو أعاقوا أو غير ذلك وقد شكلت لجان في هذا الموضوع لتصنيف الوظائف في المحاكم الاستئنافية والمحاكم الابتدائية وتصنيف المحاكم من قبل هيئة التفتيش نفسها ما يعتبر من فئة (أ، ب، ج) إلى آخره فهي عملية إلى الآن لم تنضج بعد. * مشروع قانون المحاماة..تشن حملة من بعض المحامين حول عدم رضاكم عن قانون المحاماة، وصلت إلى المطالبة بإقالة وزير العدل ماذا عن ذلك؟ بالنسبة للمحامين لا توجد بيننا أي مشكلة بل على العكس توجد بيننا علاقة طيبة وبيننا شريحة واسعة من الإخوة المحامين لاسيما المحامين المتميزين في أدائهم وأعمالهم ولنا معهم علاقات ممتازة وعلاقات محترمة وإذا كانت هناك حملة فهي من أشخاص عندهم رغبة أن يشتبكوا مع الآخرين ويوتروا العلاقة بينهم وبين الآخرين رغبة مكنونة في أعماقهم أما أن تكون هناك مشكلة تستدعي كل هذا التصعيد أو هذه الحملة الظالمة الآثمة أعتقد لا توجد مشكلة أصلاً. * يقال أن قاضياً طرد محامياً من جلسة المحكمة؟ إذا افترضنا أن ذلك وقع فهل هذا يستدعي أن تقع حملة شعواء ضد وزير العدل. * ماذا عن مشروع قانون السلطة القضائية، ما أبرز ما سيحتويه من تحولات؟ قانون السلطة القضائية معروض على مجلس النواب والمشكلة في قانون السلطة القضائية أن العديد من المشاريع تم تقديمها إلى جانب النص الأصلي وكلها معروضة على لجان العدل والأوقاف وتقنين الشريعة الإسلامية بمجلس النواب على أساس مناقشة هذه المشاريع ودمجها في مشروع واحد يلبي متطلبات التطوير والتحديث في إطار السلطة القضائية ويحقق الاستقلال التام للسلطة القضائية ويجسد نصوص الدستور التي أعطت للسلطة القضائية الاستقلال الكامل في الجوانب كلها المالية والقضائية والإدارية. * هل من تغييرات فيما يتعلق بوزارة العدل؟ وهل من جديد فيما يخص هيكلها التنظيمي؟ من حق كل واحد أن يطمح، والتطوير والتحديث مطلوب لأن الجمود على وضع واحد هو شأن الموتى وليس شأن الأحياء، لأن الأحياء يطمحون ويتمنون ويتوسعون ويتطورون، فنحن نطمح أن نطور من وضع السلطة القضائية في إعادة النظر في العديد من الجوانب كإعادة النظر في الجوانب التشريعية من قوانين ولوائح مختلفة وتحديثها حتى تواكب متطلبات المرحلة والعصر، نحن عندنا طموح أن نحدث في هياكل السلطة القضائية في مختلف المستويات سواء في الديوان العام في وزارة العدل أو مكتب النائب العام أو مجلس القضاء وغيره، وكذلك في جانب التوثيق عندنا طموح في إعادة النظر في هيكل التوثيق فبدلاً أن يبقى إدارة عامة نطمح أن يكون قطاعاً وعندنا طموح في إعادة النظر في هياكل المحاكم لاسيما محاكم الاستئناف بحيث نرتقي بمحاكم الاستئناف ذات الكثافة السكانية وتعدد الدوائر فيها إلى مستوى وكيل أو وكيل مساعد يديرها بدلاً عن مدير عام ومحاكم ذات مستوى معين وفق معايير موضوعية وعلمية أن تكون في مستوى إدارة عامة ومحاكم ممكن تكون بمستوى إدارة التي لا توجد فيها إلا شعبة واحدة أو شعبتان، هي عبارة عن فكرة تحتاج إلى تأمل وتحتاج إلى دراسة وتحتاج تقديم بحوث وإعادة نظر في اللوائح وفي القوانين ونأمل أن نسعى بهذا الإتجاه بإذنه تعالى. * هل تتبنون مستقبلاً تقليل بعض المحاكم المتخصصة؟ ويتوقع في القريب إلغاء محكمة الصحافة وربما الجزائية المتخصصة..ما صحة هذه التوقعات؟ نحن إلى الآن لم نتبن شيئاً بالنسبة للمحاكم المتخصصة لكنها ظلت محل تساؤل واسع أمام المانحين والمنظمات الحقوقية والعديد من المحامين والرأي العام تقرأون هذا في العديد من المواقع على أساس أنهم يصنفونها من صنف المحاكم الاستثنائية على أنها محاكم أمن الدولة أو شيء من هذا رغم أنها محاكم ذات اختصاص محدد في إنشائها وأنيط بها القضايا ذات الخطورة كعصابات المخدرات وعصابات الأسلحة والتقطعات والإرهاب وتزوير العملة إلى آخره، فإلى الأن هذا الموضوع لم نناقشه فمازلنا نبحث القضية من حيث عدد القضايا المرفوعة إلى هذه المحاكم وكميتها فإلى الآن لم نتخذ قراراً بشأنها ولكن لابد أن نزيل هذا اللبس الموجود عند هؤلاء الذين يتساءلون بأي طريقة في المستقبل إن شاء الله. * هل انتهت الاعتصامات أم عُلقت؟ كيف تم التوصل إلى حلول؟ في الحقيقة نحن لبينا كل الطلبات فإذا كان الدستور والقوانين أعطت الحق لأي مواطن أن يمارس حقه التعبيري بالصورة السلمية سواء بالاحتجاج أو بالمسيرات أو الاضرابات فهذا حق ونحن في السلطة القضائية قد أخذنا الحظ الأوفر، فإضرابات القضاة استمرت حوالي ثلاثة أشهر وكذلك الإداريين لفترة ووصلنا إلى اتفاقات سواء مع القضاة والإداريين ونفذنا هذه الاتفاقات على الواقع ولم يعد هناك أي مبرر أو مسوغ لبقائها واستمرارها وإن حصل فيعتبر إساءة في استخدام الحق نفسه فأنت عندما تستخدم حقك بصورة غير صحيحة فأنت تخرج عن الإطار القانوني الذي منحك هذا الحق لأن تستخدم حقك في إطار ما يوصلك إليه وإذا وصلت إليه وظللت تتعسف في استخدام الحق نفسه فأنت هنا تقع تحت طائلة القانون. * يشكو بعض أو كثير من القضاة من نشر محاسباتهم عبر وسائل الإعلام، بينما يشكو المواطن من عدم الشفافية في تفعيل مجلس القضاء لدوره الرقابي، كيف ستوفقون بين المطلبين وأيهما ترجحون أنه الأفضل؟ هذا من قبيل المثل القائل: إرضاء الناس غاية لا تدرك، إذا فعلت هذا أغضبت القضاة وإن فعلت ذاك أغضبت المواطن ومثل هذا السؤال المفروض يُسأل عنه رئيس مجلس القضاء الأعلى ولكني أقول لا إفراط ولا تفريط خير الأمور أوسطها، فالوسطية في حياة الناس هي المثال الذي أراده الله منا بقوله: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً)، فتجري المحاسبة ويكافأ المحسن ويحاسب المسيء ولكن التشهير على رأس الملأ ليس مطلوباً أن نشهر بهذا لأنه أساء وذاك لأنه أخطأ لا المطلوب منا أن نحاسبه وأن نجازيه بفعله طبقاً للقانون لكن أن أشهر به مسألة التشهير أعتقد ليست محببة وليست مطلوبة في القانون نفسه وأن نذيع بأن فلاناً قدم للمحاسبة وفلاناً عزل وأعتقد لم يشهر مجلس القضاء بأحد ولم يذكر اسم أحد وإنما كان يذكر وقائع، فهو عمل إداري يبقى في إطار الإدارة نفسها ويُبلّغ القاضي بصورة شخصية كما الأحكام فهل الأحكام نبلغ بها عن طريق وسائل الإعلام مثلاً فلان حكم عليه بالإعدام أو حكم ضده بكذا. * يلاحظ المار من أمام بوابة الوزارة اعتصاماً دائماً لشباب يطالبون بالتوظيف ويقولون بأن لديهم توجيهات عديدة بتوظيفهم ومع ذلك لم يتم الاستجابة لهم، لماذا؟ أنا مستغرب مثلكم أنا شخصياً لا أعرف تفسيراً لمثل هذه الحالة أن شخصاً يأكل ويشرب ويخزن ويسكن ويرتاح وينام في الرصيف لعدة أشهر من يعطيهم حق القات ومن ينفق عليه من يدفعه ومن يشجعه على هذا الفعل هذه محل تساؤلات كبيرة جداً وأنا مثلكم أتساءل فنحن كوزارة عدل نحن جهة منوط بنا تقديم خدمة العدل للمجتمع هذه مهمتنا، ليست مهمتنا أن نوظف فلاناً أو أن نشغل الكوادر العاطلة ومخرجات التعليم ومخرجات الجامعات أنا منوط بي فقط أن أقدم خدمة العدالة للمجتمع وعندما يساء في تقديم هذه الخدمة فمن حق المجتمع أن ينتقد وأن يضج، حقيقة هذا واجبنا لكن قضية التوظيف ونحوها ليست من مهام وزارة العدل ولا من مهام السلطة القضائية، بل من مهام الخدمة المدنية ومن مهام جهة التأمينات والشؤون الاجتماعية ليبحثوا للناس عن وظائف عن أعمال هذا واجبهم ونحن واجبنا أن نؤدي مهمتنا التي أنيطت بنا طبقاً للدستور والقوانين النافذة. * ولكن وزراء سابقين قاموا بالتوظيف؟ ربما كانت عندهم اعتمادات فائضة أو شيء من هذا القبيل لكن أنا ليس عندي اعتمادات فأنا قلت لهم من أول يوم لا توجد عندنا حاجة للتوظيف ولا توجد عندنا اعتمادات ولا يوجد عندنا احتياج للوظائف نفسها فطالما هذه كلها غير موجودة عندنا فكيف تطالب مني أن أوظفك أين أذهب بك هناك (60) ألف وظيفة اعتمدتها الحكومة خلال هذا العام، الآن يتم عرضهم على الوزراء ليقبلوا هذه الأعداد، نحن اعتذرنا أن نقبل أياً منهم فنحن غير قادرين على الاستيعاب وهؤلاء وظفوا وعندهم درجات وظيفية ويستلمون راتباً ومع ذلك اعتذرت أن أقبل أياً منهم فكيف بمن يريد التوظيف ابتداءً. * ماذا تم بخصوص تثبيت المتعاقدين، ومتى سيتم تثبيت الآخرين؟ تم تثبيت ما اتفقنا عليه وهو تثبيت (50%) وصدرت بهم القرارات ونفذت وهذه الخطوة اعتقد بحمد الله ممتازة في ظروفنا الراهنة في هذا العام ورغم شحة الموارد..موارد الدولة بشكل عام فهي خطوة طيبة أن نستوعب في حدود (400 إلى 500) موظف يبقى موضوع البقية إن شاء الله العام القادم، فالعام القادم إذا تيسرت الاعتمادات فسيكون لهم الأولوية بإذنه تعالى. * بالنسبة للمحاكم يشكو العديد من المواطنين من تأخر قضاياهم سنوات طويلة أرهقتهم، ماهي الحلول التي يمكن أن يلمسها المواطن بهذا الخصوص؟ موضوع الإجراءات هو قانون لا تستطيع أن تطول فيه ولا تنقص منه ولا تزيد فيه، فالقانون هو مازال قانون المرافعات فيما يخص القضايا المدنية والشخصية والتجارية وقانون الإجراءات الجزائية فيما يخص القضايا الجزائية ولكن ما نأمل ونسعى إلى تحقيقه هو تحفيز الإخوة القضاة والعاملين في السلك القضائي لرفع الوتيرة في إنجاز قضايا الناس وماذكرناه سابقاً من تحسين المستوى المعيشي للإخوة القضاة والإخوة الإداريين يعتبر في الحقيقة حافزاً وداعماً لتحقيق هذا الهدف، الأمر الثاني نحن سائرون إلى تحسين البنية التحتية فيما يخص التوسيع في مباني المحاكم والنيابات لتستوعب أيضاً نشاط الإخوة القضاة واستيعاب قضايا المواطنين لأن ضيق المحاكم لاشك في أنه يشكل عائقاً كبيراً جداً في عقد الجلسات جلسات نظر القضايا في المحاكم لأن المحكمة إذا عندها قاعة أو أثنتان وعندك (12) قاضياً فكيف يتناوبون على هذه القاعات، فالمسألة صعبة فنحن حقيقة نعيش في ظروف صعبة والقضاة يعملون في ظروف صعبة والمواطن يتطلع أن تنجز قضاياه وتقضى حوائجه في وقت قياسي كل هذه معادلات نحن نسعى إلى تحقيقها في سباق مع الزمن وعندنا عدد من المشاريع هذا العام نريد أن نستكملها في البنية التحتية وعندنا عدد من المشاريع التي وضعناها أمام الدول المانحة على أساس نحصل على منح لإنشاء العديد من المجمعات القضائية والمباني للنيابات والمحاكم وهذا كله نحن مدركون لأهميته ونسعى إلى تحقيقه إن شاء الله. * هل ممكن أن يعاد النظر في القوانين لتلافي الكثير من التأجيلات والاستشكالات والثغرات القانونية التي تطيل من عمر القضية؟ مراجعة القوانين هو هدف عندنا أن نراجع كل القوانين ولكن ليس من السهل مراجعة قانون، فمثلاً إذا أردت أن تراجع قانون المرافعات فلابد أن تعد استبياناً تعممه على كل القضاة العاملين في الميدان حتى يعطوك آراءهم في الثغرات التي تعتبر عائقاً في مسار القضايا وقيد على إنطلاق القاضي في إنجاز قضاياه، فتعد استبياناً وتنزله وتفرغه وتحيله إلى لجنة قانونية تبدأ في صياغة المواد القانونية كل هذا يحتاج إلى وقت وجهود، ولكننا إن شاء الله عازمون أن نعد خطة في هذا الاتجاه. * السجناء يعانون سوء المعاملة وأوضاعاً متردية بالسجون، من المسؤول عن ذلك وأين دور أجهزة القضاء وهل ستظل تلعب دور المتفرج؟ السجناء لهم مصلحة خاصة هي مصلحة السجون تتبع وزارة الداخلية وهي المعنية بتوفير المناخات المطلوبة للموقوفين في السجون سواء المحكوم عليهم أو الموقوفين على ذمة قضايا أو تحقيق، فهي مهمة وزارة الداخلية بالدرجة الأولى، نحن مهمتنا أننا ننجز قضايا الناس فيما يخص مراحل التحقيق، وفي مراحل المحاكمة، حتى لا يظل الشخص محبوساً على ذمة قضية يمكن أن يفرج عنه بالضمان، أو يمكن أن يقدم للمحاكمة ويأخذ حكماً بالبراءة أو يحبس أكثر من المدة التي يمكن أن يقضيها. * وماذا عن دور النيابة العامة الرقابي على السجون؟ النيابة العامة لها دور رقابي من نوع خاص أن لا يكون هناك سجين خارج إطار القانون، هذه مهمة النيابة العامة وأن لا يكون هناك مسجون انتهت محكوميته ويبقى بالسجن، أو مسجون يمكن أن يخرج بالضمان ولايزال مسجوناً، أو مسجون عنده قضية ولم تتحرك قضيته هذه مهمة النيابة العامة، أما قضية إصلاح السجون من حيث السعة ومن حيث الفصل بين المسجونين ومن حيث توفير الغذاء ومن حيث توفير الجو الملائم للسجين وتشغيله وتأهيله، فالمسألة تخص مصلحة السجون. * القضاة (القائمون بأعمال إدارية) يقترح البعض ومنهم نقابة الإداريين بالاستفادة منهم بالمحاكم، ما جدوى ذلك؟ وماذا تعتزمون؟ وهل يمكن الاستفادة منهم في جانب الرقابة على السجون؟ الاقتراح في محله، ما العيب أن يكون هناك قاض عنده درجة قضائية ويعمل إدارياً ليس عيباً، فالأصل أنه يعمل في المحاكم لكنه رضي لنفسه بذلك، وحقيقة هذا أن هؤلاء الإخوة الذين حصلوا على درجات قضائية ليسوا قضاة أصلاً ولا مؤهلين للعمل القضائي، ولكنهم إداريون حصلوا على درجة قضائية بطريقة أو بأخرى، وجاءت رمية الحظ فحصلوا على هذه الدرجة، وفي الحقيقة هو إداري تكوينه وأداؤه وخبرته. * بالنسبة لدعم المانحين كيف ترون مستوى الدعم الخارجي لتطوير وتحديث القضاء؟ نحن حريصون على استمرار التواصل والتعاون مع المانحين، لأن اليمن بحاجة إلى أي دعم في مجالات مختلفة وفي حقيقتها هو دعم مساند في المجال الإداري والتأهيلي، ولكن أن يكون لها تأثير في تطوير وتحديث السلطة القضائية، أنا شخصياً لم ألمس هذا الجانب حتى الآن، ماعدا منظمة اليونيسيف فيما يخص رعاية وحماية الطفولة، ولكن في المستقبل نأمل إذا تحققت الوعود التي وعدونا بها أن تسهم إلى حد ما في مساعدتنا في تطوير بعض جوانب السلطة القضائية لاسيما في جانب الربط الشبكي والحوسبة والمكننة القضائية، وفي جانب بناء القدرات والندوات والدورات ونحوها، والمانحون مازالوا في حالة ترقب حتى تهدأ الأوضاع في اليمن. * كلمة أخيرة؟ أدعو كل إخواني وزملائي في السلطة القضائية قضاة وإداريين أن يعملوا جاهدين في بناء مؤسستهم وحمايتها من أي اختلالات أو إعاقات أو اضطرابات حتى نتمكن من بناء هذه المؤسسة جميعاً فلنأخذ بأيدي بعض، فإذا كان الوزير سيقضي في هذه المؤسسة سنة أو سنتين فهم سيبقون عمرهم كاملاً في هذه المؤسسة، فيجب أن يكونوا أكثر حرصاً من غيرهم في بنائها وتطويرها وتحديثها، وفي بذل كل ما من شأنه أن يدفع إلى بناء السلطة القضائية وتطويرها إلى الأمام إن شاء الله.