في واحدة من روايات فرار الرئيس التونسي المخلوع زين الهاربين بن علي قولهم أن أحداً في قصره روج لشائعة مفزعة بأن الثوار باتوا على مشارف قصره وأنه سيبلغونه وسيمزقونه كل ممزق ، الأمر الذي جعله يرتبك ويجمع ما خفّ وزنه وعظم ثمنه ويلوذ بالفرار حتى دون أن يعرف الوجهة والدولة التي يمكن أن تستقبله وبقي يطير في السماء حتى حصل على بطاقة عضوية في نادي الديكتاتوريات السعودي . وأياً تكن الروايات المظنونة والمشكوكة حول فراره يبقى اليقين المؤكد والثابت أنه قد استطاع أن يفر وعائلته وأنه ينعم اليوم برعاية النادي سيء الصيت . قبل فترة قالت وسائل الإعلام بأن القضاء التونسي أصدر أحكاماً على المخلوع بن علي في أكثر من مائة قضية وطالبت جهات قضائية وقانونية السعودية تسليمه لتونس لتتم محاكمته على ما اقترف بحق شعب أبي القاسم الشابي طيلة فترة حكمه الطويلة . ومن المؤكد أيضاً أن السعودية تتجاهل تلك المطالب التونسية المشروعة ولن تقوم بتسليم الطاغية التونسي أو أي أحد من عائلته الشهيرة بالفساد . في اليمن ، قدمت حادثة النهدين في اليمن لعلي صالح فرصة زيارة السعودية للاستشفاء من عملية الاغتيال المشبوهة التي لم يكشف بعد سرها الأصلي ولم تفك شفرتها ويبدو أن الراقص على رؤوس الثعابين يعلم عنها شيئاً يخالف تماماً تلك الخزعبلة التي حدثنا عنها حميد الأحمر وأترابه وأبواقه حول ضلوع أحمد علي في عملية اغتيال أبيه فيما يروجون أيضاً وفي نفس الوقت وثائق لويكليكس تتحدث عن أن احمد علي شخصية ضعيفة ولا يصلح للحكم ، وأظن أن ضلوعه في محاولة قتل أبيه رواية ضعيفة أما انه شخصية ضعيفة فهي رواية قوية ، وهذا يعني أنّ الولد الهش ليس قوياً إلا بأبيه وبالتالي لا يمكن إلا أن يكون مرآة له على قاعدة من شابه أباه فما ظلم ، ولأجل ذلك يمكن تفسير المجازر التي حصلت في غياب والده والتي للأخير ضلع بها ولحاضنته الرياض ضلع اكبر بما قدمت وتقدم من دعم عسكري وسياسي لهذا النظام العائلي فضلاً عن تقديم جناح سعودي آخر لآل الأحمر في الضفة الأخرى دعماً مالياً ولوجستياً يمكنهم من الاحتراب مع القسم السنحاني الأحمري على هامش الثورة أو باسم حمايتها والدفاع عنها فيما يحولون شباب الثورة المعتصمين سلمياً وضعوا تحت كلمة ( سلمياً ) ما شئتم من الخطوط إلى دروع بشرية لصراعهم على السلطة والكعك الذي نملكه ولا نتذوقه منذ توليهم مقاليد الحكم في البلاد قبل أكثر من ثلاثة عقود عجاف . لا أدري لماذا لم يستفد علي صالح من فرصة سفره إلى السعودية ومن المبادرة ( المؤامرة الخليجية ) وينفذ بجلده وعائلته ولكن ما أستطيع التيقن منه هو أنه عاد مجدداً إلى حتفه ، وعاد ربما إلى قدره الذي تريده الثورة ،على ان أهل المشترك العصيماتي يريدون القول بأن الشعب يرفض عودة صالح وان الثورة لاتريده فيقوّلون الثورة ما لم تقله ، فيما الثورة السلمية تقول منطقياً بأنها ترحب بعودة علي صالح لينال عقابه ويحاكم إلى جانب نجله وعائلته على ما اقترفوه من جرائم قتل وتدمير وإرهاب وفساد هم وبقايا نظامهم العائلي الأحمري بشقيه وكل من ساعد على تثبيت حكمه وترسيخ دعائم فساده طوال 33 عاماً . في أيام المجازر الأخيرة التي ارتكبها نظام صالح بواسطة نجله وأنجال أخيه كان الثورجيون المحشورون في الثورة السلمية حشراً سعودياً مشبوهاً يقولون من خلال أبواقهم المصروف عليها سعودياً بأن أحمد علي أضرط من أبيه ، فلماذا إذاً يخشون عودة الأب ؟ ولماذا وقد عاد إلى قدره المطلوب ثورياً منذ البداية وحتى النهاية الحتمية القريبة يحاول سراق الثورة أن يقولوا بأنه غير مرحب به.. أليس وراء الأكمة ما وراءها ؟! أليس الصراع على السلطة من يحكم كل هذه المواقف المضطربة والتي باتت مكشوفة للجميع إلا من لم يرحمه ربي . من الصعب التكهن حول ما سيحصل بعد عودة السفاح المرحب به ثورياً ، ولكن القدر المتيقن منه أنه بعودته هذه قد أعاد للرقص على رؤوس الثعابين ألقه بعد أن تحول إلى برع سنحاني – عصيماتي ، وأنه أيضاً بعودته هذه قد وضع المؤامرة الخليجية المرفوضة ثوريا وشعبيا في أقرب مزبلة ، وأنه بعودته هذه قد يحسم مسألة الصراع على السلطة ليعود للثورة السلمية ألقها بعد أن دسّت الفرقة أنفها في ساحة التغيير وتريد تحويلها إلى الثورة السلمية / المدرعة ، وأنه بعودته هذه سيتيح لأهالي الشهداء وضحايا هذا النظام فرصة الاقتصاص لأهاليهم ، وأنه بعودته هذه سيتيح للثورة أن تحقق كامل أهدافها بمحاكمة النظام وكافة رموزه ، وانه بعودته هذه سيوفر على القضاء اليمني الثوري الكثير من الجهد وسيجعله في منأى من مغبة مخاطبة نادي الديكتاتوريات في الرياض للمطالبة بتسليم السفاح وأبنائه إلى اليمن كما يفعل التونسيون اليوم . [email protected]