بعد دقائق قليلة من الاعتداء على المسيرة هرعت سيارات الإسعاف إلى مسرح الجريمة, نقلوا العشرات من الجرحى, وصلت بعض تلك الحالات مستشفى جامعة العلوم الذي اكتظ قسم الطوارئ فيه بالجرحى والحالات الحرجة, استقبل قسم الطوارئ أول شهيد الذي ما زال حتى كتابة الخبر مجهول الهوية، التف حوله الأطباء والجراحون علهم يدركون فيه بقايا حياة غير أن سماعة الطبيب لم تفده بأي جواب. توافدت سيارات الإسعاف واحدة تلو الأخرى, وصل عبد الجليل عبد الله ناصر، مفارقا الحياة برصاصة قناصة اخترقت عنقه الطاهر. الأطباء والمسعفون المنتشرين في قسم الطوارئ هنا وهناك استقبلوا الحالات وتعاملوا معها بسرعة فائقة, تعبر عن الروح الإنسانية العالية والمهنية التي يتحلون بها. تشعر انك في ساحة مستشفى كبير فعلا، وسط كادر طبي مميز, لا أحد يمكنه أن ينسى دورهم في احتضان شهداء وجرحى الثورة منذ انبلاج فجرها مطلع فبراير الماضي. وصل الشهيد صدام الشرجبي مضرجا بدمائه الطاهرة التي نزفت جراء رصاصة سكنت رأسه. ثم يأتي الشهيد مهني عبد الغني القباطي إلى قسم الطوارئ بطلعته البهية, وهو أحد الحفاظ الذي تربوا على مائدة القران.. حاول أحد حراس المستشفى أن يخاطب المتجمهرين، لإخلاء المكان أمام ثلاجة الموتى، اكتظ المكان بالصحفيين والمسعفين وأقارب الشهداء.. كان اثنان من أقرباء احد الشهداء يجلسان إلى جانب الثلاجة وهما يجهشان بالبكاء.. وهكذا توقف الحارس أمامهما فلم يستطع, أمام هذا المنظر، إلا أن يجهش معهما بالبكاء مغادرا المكان. هذا لمن فاته المشهد في مستشفى جامعة العلوم, التي ستظل المواقف والمناظر للشهداء والجرحى لعنة تطارد هذا النظام وشاهدة على جرائمه.