في عصر العولمة والحداثة اكتسحت المعرفة التطبيقية الحدود القائمة بين البلدان وربطت أطراف الأرض وجعلت العالم وحدة متشابكة. هذه حقيقة نلمسها اليوم في الاتحادات والتكامل بين الشعوب الأوروبية والنمور الأسيوية ولكننا لم نع نحن العرب أن هذا التواصل المتزايد بين تلك البلدان يؤدي إلى حل المشكلات الأساسية التي تعانيها تلك الشعوب كالتكاثر السكاني والفقر والإرهاب وقلة الفجوة الاقتصادية بين اقتصاديات الفقراء والأغنياء وفتح الحدود وتقليص الإنفاق العسكري إلى حد كبير وإيجاد مناطق آمنة واستقرار سياسي واقتصادي وعسكري وكادت تختفي الحدود التقليدية لتحل محلها المعارف والعلوم المختلفة. فبرغم التقارب الجغرافي والحدود المشتركة والدين واللغة والثقافة العربية والجامعة والتجمعات العربية الأخرى فلم نستطيع أن نحقق تكاملاً عربياً لا سياسي لقضايا الامة‘ ولا اقتصادي لرخاء شعوبها وملايين الفقراء والأميين والعاطلين عن العمل حيث لم تصل التجارة البينية بين العرب 7% . فإذا لم تشفع لنا هذه الصفات المشتركة للتكامل ومع صعوبة الوضع في العالم العربي في الظروف الراهنة من تمزق وشتات وتدهور خطير في العلاقات العربية – العربية.. و من قضايا الامة العراق وفلسطين ومحاربة الفقر والإرهاب والتشدد في إغلاق الحدود وبناء الحواجز والأسلاك والإنفاق العسكري بأكثر من 50 مليار دولار سنويا. كل هذه العوامل قد تزيد من تفرقنا وفقرنا وتخلفنا وزيادة عدم الاستقرار في المنطقة وتكثر من الإرهاب المتطرف وقد نجد أنواع جديدة من التطرف الديني أو المذهبي والعقائدي أو القبلي الذي يغذيه البؤس والتميز والفقر بدرجه أساسية وأولية. فالإرهاب لم يعد محاربته حكرا على دوله بل مشكله عالميه يجب تعاون جميع بلدان العالم للقضاء عليها ومعرفة الأسباب. وبعد احداث 11 سبتمبر وربط الولاياتالمتحدة الإرهاب بالإسلام جاء رد جان كريتيان رئيس الوزراء الكندي الذي أعلن في جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة عن التنمية إلى التسليم بأن أحداث 11 سبتمبر كانت نتيجة لشعور دول في العالم الثالث بالإحباط.. فقد ربط كريتيان بين الفقر والإرهاب داعيا إلى مواجهة هذه الحقيقة والعمل على اساسها .. وفي الاونة الاخيرة ربط الغرب وخاصة أمريكا وبريطانيا الإرهاب بالفقر واتت عدة تصريحات بهذا الشأن من طوني بلير وبوش الابن‘ وأكدوا على دعمهم للدول الفقيرة لمحاربة الإرهاب من خلال المساعدات الاقتصادية لتخفيف من الفقر والبطالة وكذا تصريحات الرئيس الامريكي الاسبق بيل كلينتون في المنتدى الاستراتيجي العربي في دبي والذي حث دول الخليج على دعم اليمن في جميع المجالات للتخلص من الفقر من اجل التخلص من أسباب الارهاب. فالفقر يولد عدم الاستقرار ليس لليمن وحدها بل لدول الجوار فالفقراء يسعون بكل الطرق لكسب لقمة العيش وقد يستغلهم ليس المتطرفون فقط وانما تجار الحرب من خلال تهريب السلاح وايجاد اسواق جديدة في المنطقة وكذا المخدرات والسلع المختلفة التي تدخل بكل الطرق وحدودنا البحرية الكبيرة وهذا يوثر على امن المنطقة والامن غير قابل للتقسيم وهو يجب ان لا يقتصر على اليمن وان يكون متعادلا للجمبع وان كان مصدرة أي دوله في المنطقة فمشاركة الكل حقيقة وواقع حتمي. فاليمن ومنذ قيام الجمهورية عام 1962 م مر بظروف صعبه للغاية وحروب داخليه وانقلابات عدة وحربين بين الشطرين وانفلات امني‘ وحرب 1994 م وساعد في هذا الواقع المر بعض الدول بدعم مالي كبير ليس لمساعدة اليمن اقتصاديا بل لمزيد من الخراب والدمار والحرب بدعم جهة يمنية ضد أخرى يمنيه اكان داخل الشطر الواحد او دعم شطر من اليمن ضد الشطر الاخر وامتلاءات وتبعية سياسيه أرهقت اليمن حكومة وشعبا وعودة الملايين من اليمنيين من دول الخليج وعدة عوامل اخرى ادت الى تدهور اقنصادي وفقر وطابور كبير من العاطلين زد على ذلك الآلاف من الاجئيين الصوماليين ومن بعض الدول العربية. وفي فترة الاستقرار والديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الصحافة بقيادة الرئيس الصالح وعدم التبعية وعدم التدخل بشوون الدول واحترام نهج وسيادة الدول وحل مشاكل الحدود المتراكمة حلا نهائيا وبسياسة انفتاح على الغير وعلى الدول المجاورة خاصة‘ فتقدم اليمن عدة مرات للانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي ولكن بدون جدوى وأسباب واضحة.. اننا نطالب بالامن والاستقرار والتقارب ومحاربة الفقر والارهاب والتكامل الاقتصادي ولكن لانجد اذاناً صاغية من الاشقاء من دول الجوار. فالرئيس اليمني يقوم بجهود كبيرة وبتحرك دبلوماسي كبير ومكثف من اجل التقارب العربي والتكامل الاقتصادي ومحاربة الارهاب من خلال ايجاد الحلول المناسبة للتقليل والقضاء على الفقر وامن المنطقة وايجاد سوق عربية مشتركة وورقة عمل لتفعيل دور الجامعة العربية وكذا المساهمة الفعالة والنشطة لحل المشكلة الصومالية وتقريب وجهات النظر بين دول القرن الافريقي لخدمة امن المنطقة بما يكون به مصلحه لليمن ودول الخليج والقرن الافريقي.. وهي اهداف استراتيجية تأتي بثمارها على المستوى الاقتصادي والأمني ومحاربة الفقر والإرهاب. إن الأمن الاقتصادي بين دول المنطقة يؤدي الى تنقية العلاقات السياسية وهو جزء هام لا يتجزاء من النظام الشامل للامن لان الحلول السياسية وحل النزاعات والتناقضات الحادة وحل مشاكل الحدود يمكن ان تكون ثمارها قليلة اذا لم تحل المشاكل الاقتصاديه على اساس عادل. ان الشراكة الاقتصادية والتجارة الحرة بين بعض الدول العربية والولاياتالمتحدة واسرائيل وتركيا واوروبا كل على حدة يبرهن فشل التكامل العربي الاقتصادي ويفرض شروطاً صعبة على مستقبل تلك الدول وتعاملها مع الدول العربية. ان التجارة والدبلوماسية الغربية قائمة على مبدأ ( لاتوجد صداقة دائمة ولا عداوة دائمة بل مصالح دائمة )‘ فالاتحاد الاوروبي قام بضم دول اوروبا الشرقية الى الاتحاد وهو يسارع الزمن رغم التفاوت الاقتصادي الكبير وبذلك يحقق مصلحة مشتركة من الاستثمار المشترك وخلق فرص عمل جديدة واسواق جديدة وتحسين حياة الشعوب بما يضمن الامن والاستقرار لاوروبا. ويتوسع التعاون في رابطة دول جنوب اسيا ( اسيان ) حيث تم الاتفاق على بناء عدد من المؤسسات الصناعيه لخدمة حاجات جميع بلدان الرابطة وانشاء بنوك استثمارية مشتركة براس مال مشترك. ان اتساع االهوة الاقتصادية في منطقة الجزيرة والخليج يؤثر على الاستقرار والامن ويخلق تحالفات وتحديات قد تؤدي الى صراعات بين الدول . لكل بلد مصالحه الخاصة في المنطقة وهو يدافع عنها ولكن توجد مصالح مشتركة واستراتيجيه بين الدول ومنها تذليل الفوارق السلبية بين الغنى والفقر بين البلدان التي تزداد ثراء وبين البلدان التي تزداد فقراء ولدينا موارد طبيعيه هائلة واحتياطات الثروات المعدنية والتربة الخصبة والمناخ الملائم للإنتاج الزراعي وعدة مجالات للاستثمار في الصناعة والسياحة والأسماك ومشاريع البناء التحتية والربط الكهربائي واحتياطاته الضخمة في الخليج ووفرة الأيدي العاملة ولذلك فإن الاتجاه نحو اتساع التعاون الاقتصادي حقيقة لا جدال فيها من خلال تشجيع برامج التكامل الاقتصادي على جميع المستويات واستحداث اشكال جديدة من التعاون وايجاد منظمة عمل مشتركه او اتحاد لدول الجزيرة والخليج. ان الفقر والارهاب توأمان فلا يمكن محاربة الارهاب دون القضاء على الاسباب‘ ولان المشكلة شاملة للمنطقة فحلها ليس مقتصراً على التطور الوطني والاقتصادي لكل بلد فهي مهمة جميع الدول وان عدم حلها يودي الى تزايد الاحتمالات الصدامية الخطرة وفي اقرب دراجاتها الارهاب