خصوصية علاقات الصداقة اليمنية - الالمانية وتميزها، تجلت أنصع صورها في الزيارة التي يقوم بها لبلادنا دولة المستشار جيرهارد شرودر وتتعاظم دلالاتها العميقة في كونها أول زيارة لمستشار الماني لليمن يضاعف أهميتها الوفد الكبير المرافق له من الحكومة والبرلمان ورجال الأعمال والمستثمرين الألمان بالاضافة الى الوفد الاعلامي الذي اصطحبه معه مما يكسب تلك الزيارة طابعاً عملياً يعبر عن مدى التطور المتنامي في كافة مساراتها السياسية والاقتصادية والثقافية .. وهي زيارة مهمة مقدر لها ان ترتقى بمجالات التعاون بين البلدين والشعبين الصديقين الى مستويات نوعية ديمقراطية وتنموية تجارياً واستثمارياً، ونتائجها دون شك تفتح آفاقاً رحبة وانطلاقة جديدة مؤسسة على علاقات قديمة صوب فضاءات شراكة أوسع مداميك بنيان حاضرها مرسخة بالقواسم التاريخية المشتركة في حضارة الشعبين العريقة، ولعل التعبير المعاصر لهذا التشابه والتماثل والتلاقي في معاناة ظروف مرحلة التشطير التي عاشتها اليمن والمانيا وارتباطها بفترة الحرب الباردة بلغ حد التطابق بتزامن استعادة الشعبين - اليمني والالماني لوحدتيهما اللتين مثلتا نهاية اكيدة لمرحلة في التاريخ العالمي المعاصر أثرت سلباً على مسيرة تطورهما، وفي هذا يكمن فهم ديناميكية حركة علاقتيهما المتسارعة الى الأمام خلال عقد ونصف من تاريخ اليمن والمانيا الموحد. من المؤكد في هذا السياق ان للزيارات المستمرة المتبادلة لقيادتي البلدين المتمثلة بزيارة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح المتكررة لالمانيا وزيارة فخامة رئيس جمهورية المانيا الاتحادية لليمن، وكذا زيارة المسؤولين الحكوميين وقيادات وأعضاء السلطة التشريعية في مجلسي النواب اليمني «البوندستاج الالماني» تعكس خصوصية الروابط التي ميزت العلاقات اليمنية -الالمانية في نطاق العلاقات العربية - الأوروبية وهذا ما يعطيهما امكانية الاسهام بدور اكبر في توثيق الاواصر والصلات الحضارية والثقافية في نطاقها الاكبر - الوطن العربي وأوروبا- على نحو يلبي تحديات المتغيرات والتحولات الدولية في مضامين ابعادها الاوروبية - الشرق أوسطية، لاسيما وان الحوار العربي- الاوروبي كان وسيظل في تأثيراته المتبادلة الجيوبولوتيكية له اهمية استراتيجية لكل منهما، وتزداد هذه الاهمية في الظروف الراهنة التي يعيشها عالمنا المعاصر. ومن الاهمية بمكان ونحن نتحدث عن جوامع العلاقات اليمنية- الالمانية واضطراد تطورها باتجاهات تحولها الى شراكة مثمرة، الاشارة الى ما تقدمه المانيا من مساعدات كبيرة لليمن أسهمت في دعم برامج التنمية والبناءالاقتصادي الشامل في مختلف المجالات التنموية والخدمية والثقافية، وفي جهود مكافحة الفقر والبطالة ناهيك عن اسهاماتها الداعمة للديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني دون شروط أو مَنِّ، وهذا هو بالضبط ما جعل علاقات المانيا باليمن تتجاوز النمطية الرسمية في العلاقات بين الدول الى علاقة بين شعبي البلدين معززة بالقواسم المشتركة التي على اساسها تشيد صروح المصالح والمنافع المتنامية المؤسسة على علاقات نموذجية جوهرها الندية والاحترام المتبادل والنابعة من إدراك واعٍٍ لخصائص تطورهما التاريخي السياسي والحضاري المشترك، الذي محتواه لا يتوقف عند حدود الماضي والحاضر، بل يمتد الى المستقبل.. مستلهماً اليمن من المعجزة الاقتصادية الالمانية توجهاته نحو البناء والتقدم والرقى والازدهار والرفاهية لأجياله القادمة، وبالمقابل فإن المانيا تنظر الى تحولات التجربة الديمقراطية في اليمن باحترام وتقدير كبيرين، فما تحقق في هذا المضمار بالنظر الى التحديات الداخلية والخارجية الموضوعية والذاتية تجعل الانجاز الديمقراطي مقارنة بمحيط اليمن الإقليمي أشبه بمعجزة أسست قاعدة انطلاقة حقيقية لاسهامات اليمن الفاعلة والدؤوبة لترسيخ دعائم الاستقرار في المنطقة، ومن خلال علاقات البلدين الصديقين المتينة ومواقفهما المعبرة عن سياستيهما الخارجية المتوازنة يسهمان بقدر اكبر في توطيد السلام العالمي، وفي هذا يتضح تلاقي الافكار وتطابق الرؤى لقيادتي اليمن والمانيا تجاه مجمل القضايا الدولية بصفة عامة والشرق أوسطية بصفة خاصة، ومن هنا يفهم موقف اليمن الداعم لعضوية دائمة لالمانيا في مجلس الامن لما لذلك من اهمية لممارسة دور ايجابي في القضايا العالمية وبالمقابل تنظر المانيا الى اليمن كشريك موثوق من منطلق دوره الاقليمي المتنامي في تعزيز الاصلاحات السياسية والديمقراطية ومكافحة الارهاب . وزيارة دولة المستشار الالماني جيرهارد شرودر لليمن تحمل كل هذه المعاني وتنتقل بالعلاقات اليمنية -الالمانية الى مستويات نوعية، تأخذ فيها المصالح والمنافع المتبادلة، صورة الشراكة الواعدة بكل ما يخدم الشعبين الصديقين واسهاماتهما في التطور العالمي.