كلمة زعيم الوطن فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في قمة مجموعة ال77 والصين الثانية التي افتتحت اعمالها في العاصمة القطرية الدوحة بحضور 132 رئيس دولة وحكومة ورؤساء وفود من قارات آسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وممثلي 20 منظمة اقليمية ودولية عبرت بعمق مضامينها ووضوح معانيها عن رؤية ليس فقط عن المصالح الوطنية لليمن والأمة العربية والاسلامية ولكن ايضاً عن مصالح كل دول الجنوب الفقيرة في القارات الثلاث المكونة لمجموعة ال77 مجسداً فخامة رئيس الجمهورية بنظرته الثاقبة مدى استيعابه للمتغيرات المتجاوزة لمتطلباتها في صورتها الراهنة الى ماهو ابعد الاستحقاقات المستقبلية- التي نتبين من استقرائه التحليل لمعطيات متغيرات تحولات الوضع الدولي في انعكاسات تجلياته السلبية اقليمياً وعربياً وقارياً على دول العالم الثالث.. معطياً حيزاً لمنطقة الشرق الاوسط لما يكتسبه من أهمية محورية احداثه المتسارعة والعاصفة في ايضاح حجم الاختلال في النظام الدولي لتحمل افرازات تداعياتها المؤشرالاكثر دلالة لطبيعة العلاقة المختلة بين شمال الكرة الارضية الغني وجنوبها الفقير التي تسعى الى بناء منظومة على اسس جديدة مغايرة لما كان متوقعاً ان تكون بعد انتهاء فترة الحرب الباردة التي كان مفترضاً منها ان تفضي الى نظام عالمي اكثرتوازناً وتكافؤاً وعدالة مغلباً القيم والمصالح الانسانية المشتركة المحققة للشراكة والندية في العلاقات الدولية المؤدية الى ترسيخ السلام وتعزيزالاستقرارعلى قاعدة الحوار والتفاهم والاعتراف بتنوع الثقافات وهو تلاقيها في نسق تكاملي للحضارات الانسانية.. واضعاً فخامة الرئيس علي عبدالله صالح المشاركين في القمة الثانية لمجموعة ال77 امام الصورة الحقيقية بدلاً من حوارها ونزعة الهيمنة الهادفة الى قيام نظام عالمي ذي بعد واحد الديمقراطية في جوهرها معناها ليست اكثر من تعبير «حداثي» لشمولية فترة الحرب الباردة.. هكذا تحدث فخامة الرئيس في قمة دول مجموعة ال77 فكان صوته الأكثر وضوحاً والاقوى تعبيراً عن قضايا العالم الثالث بمطالبته الدول الغنية الاخذ بيد الدول الفقيرة لتتغلب على تحديات التنمية ومكافحة البطالة والفقر والغاء المديونيات المتراكمة عليها يتصدراولويات تصحيح العلاقة غيرالمتوازنة بين دول الشمال الاكثر ثراءً والجنوب الاكثر فقراً محدداً في هذا السياق مسؤوليات مجموعة دول ال77 تجاه نفسها للخروج من حالة السلبية التي بها تتعاطى مع تأثيرات المتغيرات الدولية على نحو يمكنها من المواكبة الايجابية لتحولاتها في اتجاهات تخدم مصالح شعوبها خصوصاً بعد ان اصبح مدركاً من مجموعة دول ال77 بالاضافة الى الصين. ان تلبية استحقاقات المرحلة توجب عليه اعادة النظر في اسلوب عملها عبر تطوير آليات منظومة عملها بصورة تستجيب لضرورات احتياجات شعوبها في الاصلاح السياسي بالتحول صوب الديمقراطية بماهي تعتبر نابع من إرادة وطنية منسجمة مع تطلعات شعوب دول العالم الثالث لا نتاجاً لأجندة خارجية تفرض عليه كإملاءات تصب محصلتها النهائية في صالح الدول التي فرضتها، وليس في صالح نماء وتطور وتقدم شعوب دول العالم الثالث.. مقدماً خبرة التجربة الديمقراطية اليمنية كنموذج ريادي متميز موائماً برؤية استباقية بين الديمقراطية والمصالح الوطنية، منطلقاً بذلك من فهم يعي اتجاهات التحولات العالمية لتكتسب الديمقراطية طابع الممارسة المتكاملة لتعبيراتها المجسدة في التعددية السياسة وحرية الرأي والتعبير واحترام حقوق الانسان، معترفاً فخامة الاخ الرئيس بالصعوبات والتحديات التي جابهتها الديمقراطية اليمنية مختزلة اهمية الديمقراطية في النظر الى أن مساوئها وسلبياتها الأسوأ منها غيابها. ان الشجاعة والصراحة والوضوح في كلمة الاخ الرئيس التي حظيت باحترام وتقدير كافة الدول المشاركة في قمة ال77 كان لها صداها في وسائل الاعلام العربية والدولية والتي تعد تأكيداً على مكانة اليمن ودوره الفاعل عالمياً رغم المحاولات البائسة من قبل بعض القوى الاساءة اليه والتقليل من نجاحات تحولات تجربته الديمقراطية التي لاتعكس مطلقاً حقيقة الانجاز الديمقراطي الذي على مداميك اساساته القوية والراسخة يقوم البناء المؤسسي للدولة اليمنية الحديثة التي اضحت مسيرة تطورها امام العالم حقيقة يصعب حجب سطوع انوارها بافتآت عقول مريضة تجاوزها الزمن معتقدة ان ركوبها موجة الديمقراطية يخفي انتماءها الى الماضي وحنينها الى عهود التخلف والشمولية يفضحها عدم قدرتها اخفاء انشدادها الى الماضي الذي ما فتئت تتغنى به وتمجده غير مدركة ان الديمقراطية من الشفافة التي يصعب معها ممارسة التهريج السياسي والسفسطة وصولاً الى تشويه صورة الوطن في اعين الآخرين مستندين الى فهم ملتبس لبعض تداعيات المتغيرات الدولية اقليمياً متوهمين ان بإمكانهم عبرالمتاجرة بقضايا الوطن ومصالح ابنائه يستطيعون قلب الحقائق والعودة باليمن الى الماضي عبر المؤامرة والدسيسة التي تجاوزها اليمن بالديمقراطية رغم تحدياتها وصعوباتها وحتى سلبياتها تظل افضل من الشمولية.. وبكل تأكيد القبول بخياراتهايعني امتلاك القدرة على مواجهة تحدياتها بما يقطع الطريق على امكانية العودة الى الخلف، لتبقى الديمقراطية هي خيار حاضر الوطن ومستقبل اجياله القادمة متجاوزة باليمن امكانيات فرض الاملاءات الخارجية عليه. لقد كانت دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في قمة الدوحة الى اعادة النظرة في اسلوب عمل دول مجموعة ال77 تعنى في جوهرها المزيد من التضامن والتآزرالمحقق لمصالح شعوبها والذي ينبغي ان يأخذ طابعاً عملياً يرتفع الى مستوى تضامن دول الشمال الغني التي تبلور تلاقي مصالحها تنسيقاً تضامنياً جاد ومسؤولاً، ويكسب قراراتها- بعد التصويت عليها ديمقراطياً- طابعاً تطبيقياً صارماً. ولان بداية تشكل دول ال77 في النصف الأول من ستينات القرن الماضي، والحرب الباردة على اشدها ارتبط بالأمم المتحدة فقد كانت جزءاً من المنظمة الدولية فمن هنا هذا يمكن الربط التلازمي للاخ الرئيس بين تجاوز مجموعة ال77 اوضاعها السابقة التي املتها ظروف مرحلة مختلفة تجاوزها العالم .. وإصلاح الاممالمتحدة التي قيامها ارتبط بفترة مابعد الحرب العالمية الثانية والتي انتهت بانتهاء فترة الحرب الباردة لذا اصبح اصلاح المنظمة الدولية ضرورة توجبها المتغيرات الدولية وتحولات الوضع العالمي الذي مع بقاء الاممالمتحدة دون اصلاح يجعل منها اداة لتحقيق مصالح الاقوياء على حساب الضعفاء وفي هذا نتبين مدى تشخيص الاخ الرئيس علي عبدالله صالح الدقيق لجوهر معضلة اختلال التوازن في المنظومة العالمية لصالح دول الشمال القوية والغنية في مواجهات دول الجنوب الضعيفة والفقيرة.