قُوبل القرار الذي أصدره فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بالعفو عن المحتجزين على ذمة التمرد الذي قاده الصريع حسين بدر الدين الحوثي ووالده .. وكذا العفو والإفراج عن المتورطين في أحداث الشغب الأخيرة ، وإعلان فخامته تعويض أسرة آل حميد الدين عن ممتلكاتهم الخاصة التي يمتلكون بها وثائق قانونية وشرعية بارتياح وثناء وتقدير كل المواطنين والشخصيات السياسية والحزبية والاجتماعية وذلك بعد أن لمس الجميع في ذلك القرار الحكيم المقاصد النبيلة والدلالات الإنسانية التي لا تصدر سوى عن زعامةٍ فذة تتميز برؤية سديدة ونظرة ثاقبة ، وحنكةٍ سياسية تستمد منهجيتها من روح التسامح والتكافل والترابط بين أبناء المجتمع.. - وتلك الخصائص هي من ارتبطت بالعهد الميمون للرئيس علي عبدالله صالح بعلاقة وثيقة .. وتؤكد ذلك العديد من الشواهد الماثلة .. فقد تم العفو عمَّن ألحقوا الضرر بالوطن في أحداث المناطق الوسطى سابقاً.. ومن أشعلوا فتنة الردة والانفصال في صيف 1994م .. إلى جانب كل من أنساقوا وراء نزواتهم وعمدوا إلى إشعال الحرائق وإثارة الفتن ومعاداة مصالح شعبهم ووطنهم .. لتتاح أمامهم الفرصة من جديد لإصلاح أنفسهم والعودة إلى جادة الحق والصواب والتكفير عن ذنوبهم عن طريق تقويم الذات ومراجعتها على أساسٍ سليم وواقعي وبما يحميها من تكرار الأخطاء والاستفادة من كل الدروس. ولذلك فقد كان لحالة الارتياح التي سرت عقب إصدار فخامة الرئيس علي عبدالله صالح .. العفو عن أتباع الحوثي ، وتعويض أفراد أسرة آل حميد الدين عن ممتلكاتهم الخاصة .. مبعثها الأصيل الذي ينم عن تقديرٍ واعٍ لهذا القرار الشجاع الذي عكس ترجمة أكيدة على أن الثورة اليمنية هي من اتكأت على أهداف ومبادئ قيمية لا مجال فيها لنوازع الأحقاد والثأرات السياسية ، وان هذه الثورة حينما اتجهت لاسقاط النظام الإمامي الكهنوتي وتغيير الأوضاع في اليمن إنما هدفت بذلك إخراج اليمن من ذلك الكابوس الرهيب والعزلة التي فرضت عليه من قبل الحكم التسلطي البائد الذي اكتوى بمآسيه وظلمه واستبداده كل أبناء الشعب اليمني. - وبالتالي فإن الثورة اليمنية كانت ضرورة وليست ترفاً ومسألة حتمية لانقاذ هذا الشعب من ربقة تلك الأوضاع المفعمة بالسواد وعوامل التخلف والتجهيل والبؤس المطلق. وباستشراف هذا المدلول يغدو من الواضح أن الثورة اليمنية بما اختزلته من آمالٍ وطموحات الحاضر والمستقبل قد اكتسبت الريادة التي أسهمت في ترسيخ مداميكها وتعميق جذورها وإقامة بنيانها الشامخ على قاعدةٍ صلبة لتصبح على درجة عالية من الثبات والاقتدار ، وبما لا يجعلنا نخشى عليها من أي مخاوف على المدى القريب والبعيد.. ،كما أن ما حققته من تحولات كبيرة ومكاسب عظيمة بمختلف مناحي الحياة .. قد هيأ لها الفرص لضمان الديمومة التي تسمح لها اليوم بإبراز مضمونها الإنساني تجاه كل من ناصبوها العداء. ومثل هذه الغايات لا يمكن أن تحيط بها سوى ثورة عظيمة كهذه الثورة التي حملت على عاتقها مبدأ تكريس العدالة الاجتماعية وإحلال هذا السلوك في ثقافة أبنائها ورموزها بل وكل من ضحوا لأجل انتصارها. وبلا شك بأن ثورة جعلت العدل مصدرها .. فإنها في غنى تام عن الممتلكات الخاصة بأسرة آل حميد الدين خاصة وهي من سبق لها وأن أعادت ممتلكات السلاطين الذين كانوا في جنوب الوطن في إجراء يعكس الالتزام الحقيقي لدستور الجمهورية اليمنية الذي يصون الملكية الخاصة. وعليه فإن من المنطق والموضوعية أيضاً ألا يُفسر القرار بتعويض أسرة آل حميد الدين عن ممتلكاتهم الخاصة .. خارج نطاق تلك الأبعار الإنسانية الواضحة ، ومن يفهم ذلك القرار بغير ذلك إنما هو الذي تغلب عليه الرغبة في المزايدة واعتساف الحقائق والأهواء السياسية والحزبية كما هو حال البعض ممن لا يتركون فرصة إلا وسعوا لاستغلالها من أجل أنفسهم ومصالحهم الذاتية. مع أن الأحرى بأمثال أولئك وبدلاً من المزايدة على الثورة أن يتوجهوا إلى تقديم الحقائق والمعلومات للشباب عن تاريخ الثورة اليمنية ومعطيات النضال الوطني حتى يلم هؤلاء الشباب بظروف الماضي الصعبة والمشاق التي عاش في كنفها الآباء والأجداد .. وكيف أصبح عليه حال اليمن اليوم من تطور وازدهار .. حتى يدرك الجيل الجديد الفارق الكبير بين الحالتين والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال المقارنة بينهما. ونعتقد بأن مثل هذا الدور يعد من أهم عناصر الوفاء للثورة اليمنية التي نستظل بعطائها الوافر من المنجزات ونستنشق هواءها من خلال عبير الحرية والديمقراطية .. وما ينعم به شعبنا من عزة وكرامة ونهوض واستقرار.. ومن لا تدفعه وطنيته للقيام بذلك الدور فلا حاجة له أن يزايد على الثورة أو يدعي الخوض عليها لأن الثورة محمية بأبنائها وهي كما قال الأخ الرئيس راسخة كرسوخ الجبال الرواسي.