تحل على الوطن والأمة العربية والاسلامية في مشارق الأرض ومغاربها مناسبة دينية عظيمة وجليلة، مباهج أيامها السعيدة مرتبطة افراحها بأداء المسلم لفريضة الصوم في شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار رمضان المبارك.. انه عيد الفطر السعيد الذي معانيه تتجلى ليس فقط بمظاهر فرائحية وحسب بل تعبر عن جوهر مشاعر المسلمين وخلجات أحاسيسهم بقبول الله سبحانه وتعالى لصيامهم في الشهر الفضيل لينالوا الجزاء رحمة وغفراناً من ربهم مكملين فريضته التعبدية بالتسامح وصلات ذوي القربى والأرحام والتكافل في إطار الاسرة والمجتمع المسلم، وصولاً الى الأمة كلها التي دلالاتها تعطي عيد الفطر المبارك معانٍ روحية إنسانية سامية من خلالها تتجسد عظمة قيم الاسلام الحقة كدين عدل ومحبة وتسامح ووسطية واعتدال وتراحم فيما بين ابنائه وتجاه البشرية جمعاء، كون رسالته العظيمة والنبيلة لاتقتصر على بشر بعينهم ولاقومية أو عرق بذاته ولكنها موجهة للعالمين. ولأن مناسبة عيد الفطر المبارك تهل علينا اليوم والأمة العربية والاسلامية تعيش أوضاعاً أحداثها الصعبة والمعقدة في مرحلة دقيقة وحساسة تحدياتها ومخاطرها تقتضي من ابنائها التأمل والوقوف على عوامل ماوصلوا إليه من الفرقة والضعف والضعة والشتات علَّهم -شعوباً ودولا-ً يجدون مخرجاً مماهم فيه من هوان ليستعيدوا تضامنهم ووحدة مواقفهم وتلاحم وتماسك صفوفهم ليتمكنوا من مواجهة مايحيق بهم من أخطار أسبابها ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية تتعدد وتتنوع، ولكن يبقى الفهم القاصر من قبل البعض في التعاطي المسؤول مع قضايا إمتهم وهو ماكان خلله مدركاً من وقت مبكر في يمن الايمان والحكمة الذي حمل أبناءه رسالة الاسلام وتسامحه الى ارجاء المعمورة، مقدمين القدوة الحسنة والتمثل النموذجي لتعاليم الاسلام ومبادئه، مسجلين أنصع الصفحات المجسدة لجوهر الاسلام في مختلف العصور، مقدمين الدعوة الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، ليكونوا النموذج المعبر عن حقيقة الاسلام ومعانيه الجليلة. وبهذا السلوك استجاب لدعوة الاسلام شعوباً وأمماً بكاملها، فكانت السجايا والخصال الحميدة التي حمل بها الانسان اليمني لواء الرسالة المحمدية الى أرجاء الارض هي ماينبغي اليوم ان نستلهمها لتكون حاضرة كما كانت طوال التاريخ الاسلامي وهو مايجب ان نتمثله، ونغرسه في النفوس قولاً وعملاً حاضراً ومستقبلاً حتى يظل اليمنيون مثلما كانوا دوماً، معبرين عن روح ديننا الاسلامي الحنيف وعلى ذلك النحو الذي يجعل من أمة الاسلام.. أمة وسطى وشاهدة على الناس في أجناسهم وأعراقهم، نابذين كل مايفرق الأمة، متمسكين بكل مايجمعها ويوحدها، لامكان في إيمانهم الصافي النقي للغلو والتشدد والتعصب والتطرف، مستوعبين أن مثل هذه السلوكيات التي يرفضها الاسلام، كونها تعد سلوكاً غير سوي وخروجاً عن مبادئ الدين وأخلاقه الانسانية. هذه المضامين حملها خطاب فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الى أبناء شعبنا في الداخل والخارج وأبناء الأمة العربية والاسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر المبارك، وفيه تأكيدات واضحة لموقف اليمن المعلن مراراً وتكراراً تجاه ظاهرة الارهاب، باعتبارها ظاهرة سلبية مدمرة تقوض الأمن والاستقرار والسلام العالمي، لاترتبط بدين محدد ولاتختص بها أمة بعينها، فالإرهاب لادين له ولا وطن ولاجنس، وهو آفة عانت منها كل الأمم والأديان والقضاء عليها واستئصال شأفتها يتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي مع إدراك ربط هذه الجهود بالعمل على إزالة الأسباب والمناخات المسهمة والمشجعة لبروزها واستفحال خطرها على ذلك النحو الذي وصل إليه اليوم، ومجدداً يؤكد الاخ الرئيس في خطابه إصرار وعزم بلادنا على مواصلة جهودها المبذولة لتعزيز شراكتها مع الاسرة الدولية لمكافحة الإرهاب وترسيخ النجاحات الأكيدة الملموسة التي حققها اليمن في مضمار مواجهة هذه الظاهرة بالتعاون مع أشقائه واصدقائه منطلقاً في ذلك ممايدعوننا إليه ديننا الاسلامي الحنيف وهو الانخراط مع كل قوى الخير ومحبي العدل والسلام في العالم. ان عيد الفطر المبارك مناسبة تتصل إتصالاً متيناً وحميماً لكل أعمال الخير والتفاني في عطاءات البر والاحسان وتتكامل فرحته بتلازم أداء المسلم لفريضة الصوم مع إخراجه زكاته وتقديم الصدقات للمحتاجين لاشاعة روح المسرة والسعادة والاجتهاد في حياة أبناء المجتمع اليمني المسلم ومنه تمتد الى كافة ابناء هذه الأمة، ذلك ان التكافل والتعاون والتراحم تعد صفات المسلم، المؤمن، وتمثل الرباط الوثيق الذي يقوي جسور الوحدة في نسيج المجتمع وفي الكيان الاسلامي ككل، موثقاً عرى الترابط بين ابنائه.. وهنا تكمن السعادة والحضور بمناسبة عيد الفطر المبارك اعاده الله على شعبنا بالخير واليمن والبركات وعلى امتنا العربية والمسلمين جميعاً وقد تجاوزوا كافة ماهم فيه من أوضاع صعبة ومحنٍ، موحدين كلمتهم وصفوفهم لما فيه خير أمتهم وكل ابناء الجنس البشري قاطبة، وكل عام وانتم بخير.