اليمن مكانياً وزمانياً وجغرافياً وتاريخياً.. مكوّن حضاري سياسي واقتصادي وثقافي وجزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي والجغرافي لمنطقة الجزيرة والخليج العربي واندماجه في منظومة دول مجلس التعاون الخليجي هو القاعدة التي ينبغي العمل من أجل تحققها لأن بقاءه خارجها هو استثناء ينبغي ألّا يستمر، والخطوات العملية الجادة لإندماجه في مجلس التعاون الخليجي السياسية والاقتصادية والأمنية تمضي متسارعة وبوتائرعالية من أجل أن يصبح اليمن جزءاً من هذه المنظومة الاقليمية العربية بشكل كلي وكامل.. وهي خطوات تنسجم مع منطق التاريخ والجغرافيا وتمليه معطيات متطلبات مواجهات تحديات الحاضرواستحقاقات وتطلعات وطموحات المستقبل. في هذا السياق جاءت نتائج زيارة الاخ عبدالرحمن العطية امين عام مجلس التعاون الخليجي لبلادنا مطلع هذا الاسبوع لترسي أسساً لشراكة نوعية راسخة تعبد الطريق أمام اليمن ليكون بين اشقائه في مجلس التعاون الخليجي.. وبدون شك هناك فجوة اقتصادية تنموية يجب ردمها في طريق الوصول الى النهاية الصحيحة المرجوة عبر تنفيذ مصفوفة الاصلاحات التي نفذتها اليمن وهي قطعاً تحتاج لامكانية تمويلية هائلة لانجازها على نحو يستجيب لمقتضيات التسريع من خطوات الارتقاء بالاقتصاد اليمني تنموياً وخدمياً واستثمارياً إلى مستويات الاشقاء في الجزيرة العربية والخليج، حتى يمثل الاندماج اضافة نوعية لاقتصاديات دول مجلس التعاون وهذا عبء كبيرفوق قدرات وامكانات اليمن الذي يحتاج الى دعم متعدد ومتنوع في كافة المجالات المستهدفة بمصفوفة الاصلاحات والتي في النهاية لن تعود ثمارها على اليمن وحده ولكن ايضاً على كل شعوب دول مجلس التعاون الخليجي ذلك ان الدعم الذي سيقدم سيأخذ في جانب كبير منه صورة الشراكة الاستثمارية بين اليمن ودول المجلس وحتى الدعم الذي يقدم للقطاعات التنموية هو الآخر يندرج في هذا الاطار وبالتالي كان التركيز في مباحثات امين عام مجلس التعاون الخليجي مع وزارة التخطيط والتعاون الدولي على ضرورة اعداد الدراسات لمعرفة احتياجات التنمية اليمنية.. وعلى انعقاد مؤتمر يحضره رجال أعمال (يمنيين وخليجيين) لاستكشاف الفرص الاستثمارية في اليمن، وكذا انعقاد مؤتمر دولي للمانحين ليسهموا في دعم انجاح مصفوفة الاصلاحات الاقتصادية. ومن خلال ذلك سيتم الانتقال الى مرحلة جديدة من التعاون والتكامل والشراكة المبنية على أساس متين يستوعب مصالح الجميع برؤية منبثقة من إدراك واعٍ بطبيعة المتغيرات والتحولات الى التعاطي الايجابي معها يوجب ان يكون على الاشقاء في المنظومة الخليجية استيعاب دول هذا الاقليم أو تعزيز الشراكة معها وعلى نحو يكسب تلك المنطقة طابع التكتل الاقتصادي، وهنا تتجلى أهمية وجود اليمن في اطار يحمل دلالة انتقال مجلس التعاون الخليجي الى مستوى جديد في مسيرة تطوره باتجاهات تمكنه من مواجهة استحقاقات التحديات السياسية والاقتصادية والأمنية بقوة وفاعلية تخدم ابناء كافة دوله في الحاضر والمستقبل. وهذا يخلص بنا الى القول أن دعم ومساعدة اليمن بصورة نظامية جماعية من دول الخليج هو بحد ذاته استثمار لصالح التنمية والتطور والازدهار.. وقبل هذا كله لصالح الاستقرار والأمن الجماعي في هذه المنطقة الحيوية من العالم التي تنتظرها مخاطر وتحديات، مجابهتها تستدعي فهماً لماينبغي القيام به لأن قطار التحولات يمضي سريعاً دون محطات انتظار.. وماكنا قادرين على تحقيقه بالأمس هو اليوم غير ممكن.. ومايمكننا ان نحققه اليوم ولم نفعل لن نحققه غداً، هذه حقائق اصبحت مدركة ومستوعبة منا في اليمن ومن الاشقاء الخليجيين ومؤشرات ذلك أكدتها قرارات قمة (ابو ظبي) الخليجية العام الماضي وأجندة الزيارة الناجحة للأخ امين عام مجلس التعاون الخليجي هذا الاسبوع لبلادنا التي كانت نتائجها الايجابية مصدر تفاؤل كبير لمستقبل واعد معه تصبح الاخوة ووشائج أواصر القربى وصلة الرحم محمية بروابط المصالح التي تشكل جسوراً لشراكة تعمق الاحساس بالمصير المشترك لأبنائه وتعزز الثقة بالغد وبأننا لن نتمكن ونحن في منطقة تموج بالأحداث من مواجهة الأخطار والانتصار عليها الا اذا كنا مجتمعين في تكتل اقتصادي حقيقي يقوم على أسس صحيحة وسليمة على مداميكه تبنى شراكة الحاضر من أجل المستقبل.