يتحول الحديث عن الفساد، إلى مسرحية هزلية «سخيفة» كلما استخدمته أحزاب المعارضة شعاراً للتربص والاستقواء، ضد خصومها من السياسيين، والمنافسين. فعلى الرغم من إدراك قيادات هذه الأحزاب انهم مفسدون حتى العظم، الا انهم لايستحون من كيل الاتهامات للحكومة بالفساد كلما سنحت لهم الفرصة للظهور في أي ملتقى ومحفل نحن نعلم، كما يعلم بقية الشعب، بما فيهم قواعد هذه الأحزاب، أن قيادات المشترك لم يأتوا من المريخ، وانما كانوا قياديين في الحكومة، قبل ان يحالوا للتقاعد، أو يقالوا بسبب عدم كفاءتهم ، أو نزاهتهم وأنهم أثروا من الوظيفة الحكومية والمال العام وشيدوا القصور في الداخل والخارج، من قوت المساكين، وعرق «الكادحين»، الذين كانوا يحكمونهم أيام التقاسم.. ومنهم من أسس آنذاك الشركات، وأصبح من كبار رجالات المال والأعمال بفضل استغلاله نفوذه ومركزه في تهديد وابتزاز من يحاول الاستثمار في اليمن فلا تتاح لهم الفرصة إلا إذا قاسموهم المال، وشاركوهم في الأعمال ..ولسنا في حاجة لإيراد الشواهد، لأنها معلومة للجميع. لقد تعامل هؤلاء مع مكتسبات الشعب، بأساليب القراصنة وقطاع الطرق، فتحولت في عهدهم العديد من القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والثروة السمكية إلى مغانم شخصية، تاجروا بها وحولوها إلى سلع للمزايدة والكسب الرخيص، رغم انها تؤدي خدمات إنسانية نبيلة، والضحية هم المواطنون وأبناء الشعب .. والثمن مدفوع من صحتهم وحياتهم وأموالهم .. ولا تزال الحكومة تعمل جاهدة على معالجة ماتسبب به أولئك المفسدون من أضرار، وتعمل على إعادة الاعتبار لهذه الوظائف ذات الصلة بحياة الانسان ومستقبل الوطن. لسنا بصدد فتح الملفات .. وما أكثرها .. وإنما من باب التذكير، الذي يفترض، انه ينفع المؤمنين، فالوطن وأمنه واستقراره ومصالحه العليا، ينبغي ان لا تتحول إلى وسائل للابتزاز والمكايدات.. وسلع للبيع والشراء .. والتقرب زلفى للأجنبي .. ومن حق الجميع ان يسعى للوصول إلى السلطة، ولكن بالطرق المشروعة، والوسائل التي كفلها الدستور وأقرتها القوانين النافذة.. أما الدعوات الهدامة والمخالفة للدستور فإنها تدخل في إطار المماحكات، ومن ذلك الدعوة لإلغاء اللجنة العليا للانتخابات، أو تغييرها، رغم أنّ لهم أعضاء فيها.. وتم تعيينها وفقاً لإرادة نواب الشعب..ولكنهم يريدون الانقلاب عليها لمجرد أنها رفضت الخضوع لمساومتهم وابتزازهم.إن بث الاشاعات، وكيل الاتهامات، وظيفة الضعفاء والمهزومين، ولم تعد تنطلي على الناس، بعد أن تعرض غالبية المواطنين للنصب والابتزاز من قبل قيادات حزبية استغلت الدين في إقناع الرجال والنساء والشيوخ والولدان بتقديم أموالهم كي يستثمروها لهم على الطريقة الإسلامية .. حدث ذلك في أكبر عملية تدليس واختلاس شهدتها اليمن منذ قيام الثورة المباركة .. وكانت النتيجة أنهم أكلوا أموال الناس واستحلوها .. ولم يرحموا دموع العجزة والمساكين الذين باعوا مدخراتهم وقدموها لهم ! إن إعلام المشترك وهو يهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور .. ويرسم صورة قاتمة لأوضاع الوطن وحال المواطنين، عاجز عن تقديم أية وثائق أو حقائق، تدين أحداً من الفاسدين، رغم كثرتهم ، لأنهم مشغولون، بإثارة الغبار في وجه الحقائق الناصعة.. ولم يعد يخفى على الناس ان معظم قضايا الفساد تم كشفها والإعلان عنها في كثير من خطابات رئيس الجمهورية.. بلسان فصيح . ومعالجات صارمة.. مما يؤكد ان بلادنا ليست نقية وطاهرة من أمثال أولئك المفسدين ، مثلها مثل كل دول العالم ، ولكن المشكلة تكمن فيمن يدعون أنهم مصلحون رغم علمهم بأنهم من كبار الفاسدين.. وليس أسوأ من الفساد .. إلا تبجح الفاسدين بمحاربته.. وهم الذين ينطبق عليهم القول: « رمتني بدائها وانسلت » .. نعلن هذا ومن كان منهم بلا قضية فساد .. فليرجمنا بالحجارة ! * رئيس تحرير صحيفة الجمهورية: