في سياق الحديث عن احتمال شن حرب أمريكية جديدة على إيران بعد الحرب على العراق وفي ظل الاستعدادات العسكرية الأمريكية المتواصلة لهذه الغاية في المنطقة ترتفع أصوات متزايدة محذرة من هذه الحرب ومن نتائجها التي تتجاوز كل التصورات المسبقة. في هذا الاطار نشر موقع الكتروني في الخامس من شباط فبراير الجاري مقالاً يستند إلى شهادة أدلى بها «زبغنيو بريجنسكي» مستشار الرئيس كارتر لشؤون الأمن القومي حول حرب العراق والحرب المحتملة ضد إيران ونظراً لأهمية ما ورد في هذا المقال بادرنا إلى ترجمة فقراته الاساسية علّ ذلك يفيد في إلقاء الضوء على تطورات خطيرة يجري الإعداد لها في منطقتنا وفيما يلي الترجمة. انتقد السيد «زبغنيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر - أثناء شهادته أواخر كانون الثاني يناير الماضي أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ - حرب العراق بشدة وحذر من أن سياسة الرئيس بوش ستؤدي إلى حرب مع إيران وما يترتب عنها من نتائج تفوق الحسبان بالنسبة لأمريكا والشرق الأوسط والعالم. بريجنسكي الذي عارض الحرب على العراق في آذار مارس عام 2003 والذي أدان هذه الحرب أمام الملأ بوصفها خطأ عملاقاً في السياسة الخارجية الامريكية بدأ ملاحظاته حول ما يسميه بخيار الحرب معتبراً "أنها فضيحة تاريخية واستراتيجية وأخلاقية" " لأنها تمت بناءً على معلومات خاطئة وأضاف" إنها تدمر شرعية الولاياتالمتحدة في كل أنحاء العالم .إن ضحاياها المدنيين والمخالفات التي ارتكبت تسيء إلى السمعة الأخلاقية للولايات المتحدة وهي تفاقم اللااستقرار في المنطقة." وهاجم مفهوم "الكفاح الأيديولوجي الحاسم " الذي ورد في خطب بوش معتبراً أنه "تبسيطي وديماغوجي" ونعته " بالرواية التاريخية الأسطورية" التي استخدمت من اجل تبرير حرب مازالت "مستمرة ومرشحة للتوسع" وأوضح" إن التحجج بان الولاياتالمتحدة تخوض حرباً في المنطقة ضد التهديد الإسلامي الواسع و مركزه إيران هذا التحجج ينطوي على اختراع نبوءة ومن ثم العمل على تحقيقها" وتحدث عن "سيناريو محتمل لصراع عسكري مع إيران" كاشفاً" أنه يقوم على افتراض أن أهداف الحرب على العراق لم تتحقق وأن إيران مسؤولة عن هذا الفشل ومن ثم "يتم عمل استفزازي في العراق أو عمل إرهابي في الولاياتالمتحدة ينسب إلى إيران و يترتب عنه عملية عسكرية دفاعية تقوم بها الولاياتالمتحدة ضد هذا البلد وان تم ذلك فهذا من شأنه أن يغرق أمريكا المعزولة في مجمرة اكبر وأعمق يمكن أن تشمل العراق وإيرانوأفغانستان وباكستان" . وأعرب بريجنسكي عن شكوكه" حول الخصائص "الدفاعية" للعمل العسكري الذي يجرى تحضيره "ذلك أن أمريكا تتقصد البحث" عن مبرر لضرب إيران. معلوم أن بريجنسكي يحتفظ بعلاقات وثيقة مع بعض الأوساط العسكرية والإستخباراتية الأمريكية ما يعني أن ما يقوله يستند إلى معطيات حقيقية وأن يدلي برأيه علناً فمعنى ذلك أنه يطلق تحذيراً أمام مجلس الشيوخ مفاده أن التحضير للحرب على إيران جدي للغاية. من المؤكد أن بريجنسكي يعرف عما يتكلم فهو نفسه قد نظم عمليات استفزازية عندما كان مستشارا للأمن القومي في عهد جيمي كارتر. لقد اعد في نهاية السبعينات مخططا سريا لتجنيد المجاهدين لأصوليين الإسلاميين من اجل قلب النظام الأفغاني المقرب من السوفييت ولجر الاتحاد السوفييتي إلى حرب كوارثية في أفغانستان. أثناء جلسة الاستماع لفت بريجينسكي إلى تحقيق نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 27 مارس عام 2006 حول " لقاء خاص بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء البريطاني طوني بلير و نشر اللقاء استنادا إلى مذكرة صاغها مسؤول بريطاني كان حاضرا الاجتماع" في المقال بحسب بريجنسكي" يؤتى على ذكر الرئيس الذي يعرب عن قلقه من عدم وجود أسلحة دمار شامل في العراق وانه من الضروري برأيه إيجاد أعذار لمواصلة الحرب" ويخلص إلى القول" لو كان الأمر في العراق يتصل بعدو شرس يتوجب التخلص كان يمكن فهم هذا السلوك الذي يمكن اللجوء إليه في بعض الحالات. لكن أخشى من انه إذا استمر الوضع في العراق على حاله وانه إذا ما بدا أن إيران مسؤولة عما يحصل أو متورطة بطريقة أو أخرى أو مستفيدة من هذا الوضع أخشى من أن يصبح هذا السيناريو قابلا للتطبيق" وحمل بريجنسكي على طريقة اتخاذ القرارات الاستراتيجية في الإدارة الحالية فقال" يحيرني أحيانا عندما أرى بان قرارات استراتيجية أساسية تتخذ في دائرة ضيقة من الأشخاص أو وربما قبضة من الأشخاص لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة. في حين أنهم أنفسهم الذين اتخذوا القرار الرئيسي بشن الحرب والذين استخدموا مبررات الدخول في الحرب." وفي الختام يسأل كاتب المقال مستشار الأمن القومي السابق: سيد بريجنسكي برأيك من يمكن أن يقوم بالاستفزاز الذي تحدثت عنه؟ بريجنسكي: لا اعرف. كما قلت. لا يمكن التنبوء بمثل هذه الأمور. هذا يمكن أن يقع بطريقة عفوية. هل تعتقد أن ذلك يمكن أن يأتي من الحكومة لأمريكية نفسها؟ ما أقوله هو أن هذا الوضع برمته يمكن أن يفلت من السيطرة و كل الحسابات يمكن أن تخلق وضعاً ملتبساً حيث من الصعب التوصل من بعد إلى تحديد أصوله.