من خلال اكثر من مائتي ألف عنوان.. بعضها غير موجودة في المكتبات التجارية والعامة.. وبمشاركة أكثر من ستمائة دور للنشر تنتمي الى اكثر من ستة عشرة دولة.. بجانب مشاركة اكثر من سبعين باحثاً وباحثة ومفكراً ومفكرة من العديد من دول العالم في فعاليات المعرض الذي زاره خلال الفترة من 27فبراير وحتى التاسع من مارس 2007م قرابة سبعمائة الف زائر وزائرة.. مثل معرض الرياض الدولي للكتاب حراكاً ثقافياً استثنائياً في المملكة العربية السعودية الشقيقة. فلقد اعطيت دور النشر المشاركة وبشهادة مسؤوليها حرية اختيار عناوين الكتب الثقافية والسياسية والفكرية والدينية والاجتماعية.. دون اي تدخل كما كان الحال قبلاً!.. مما اوجد كتباً في المعرض كان يصعب ان لم يستحيل تواجدها.. حيث كتب نزار قباني.. بما فيها السياسية بكل ما تحمله من هجوم جلي على النفط واراضي النفط! وروايات تركي الحمد وعبدالرحمن منيف وامثالهما.. وبعض الكتب التاريخية لكمال الصليبي ومن على شاكلته.. وكذلك بعض مؤلفات نصر حامد ابو زيد.. وغير ذلك من الكتب التي كان يصعب تواجدها داخل المملكة حتى الامس القريب!! مما يؤكد لامثالي.. مدى التحول الهائل الذي طرأ على التوجهات السياسية والثقافية والفكرية والاجتماعية على ارض المملكة ارضاً وانساناً .. والذي يتمثل بصور عدة.. منها معرض الرياض الدولي للكتاب . تم .. وهو الأهم .. تواجد المرأة السعودية في المعرض .. قارئة ومحاضرة ومناقشة.. ومقتنية للكتب .. ليدحض هذا التواجد وبهذه الصورة المشرقة.. ما يصر البعض على تثبته لدى يعض الرأي العام من خلال ما ينشر او يبث بكون المرأة السعودية يقتصر اهتمامها على كل ماله صلة بعالم الموضة والتزيين. مع ان نجاح المرأة السعودية لم يعد مقتصراً على الجوانب الثقافية والفكرية.. وانما تعداها الى العديد من الجوانب .. بما في ذلك عالم المال والاعمال.. فها هي.. لبُنى العُليان.. المديرة التنفيذية لمجموعة شركات العليان.. التي أسسها والدها - سليمان الصالح العليان قبل خمسين عاماً.. تدير بكل ثقة واقتدار هذه المجموعة ذات الابعاد العالمية والنشاطات المتعددة.. والتي باتت تتمتع بسمعة دولية واحترام استثنائي.. بسبب مراكز قوتها ومدى تأثيراتها وتحالفاتها المتجاوزة للحدود الجغرافية.. والحواجز الثقافية.. هذه المجموعة التي تتمثل بعشرات الشركات المتنوعة في السعودية واوروبا وامريكا.. تديرها ابنة الرياض السيدة/ لبنى سليمان الصالح العُليان بجانب شقيقها خالد بكل حكمة وثقة واقتدار.. ولذا لا غرابة أن تختارها مجلة: (فوربس) الدولية العام المنصرم.. ضمن أقوى مائة شخصية مؤثرة في العالم؟!.. - وما يقال عن السيدة لبنى العليان.. يقال ايضاً عن العديد من القيادات النسائية السعودية - خاصة في مجال عالم المال والاعمال.. اذ لم يعد اقتصار نجاح المرأة السعودية في الجوانب الثقافية والفكرية!. مع ان حضورها اللافت والمفاجئ لدى البعض في معرض الرياض الدولي للكتاب اكد لأمثالي الدور الثقافي الذي باتت تضطلع به المرأة السعودية .. وهو ما يفند اهتمام البعض ببعض الهوامش والتي منها عدم قيادة المرأة السعودية للسيارة.. والذي لا يعتبر هذا الجانب موقفاً دينياً بقدر ما هو اجتماعي.. حسب فهمي؟! - لقد كان هناك جهد كبير في تنظيم المعرض.. واعترافاً بالجميل لرواد الفكر والادب.. سواء من حيث تكريم بعض الشعراء والمفكرين السعوديين.. او من حيث تثبيت أسماء خمسة عشر رائداً سعودياً من رواد الشعر والادب والفكر والصحافة ممن تزينت أروقة المعرض بأسمائهم تقديراً وعرفاناً.. - وبجانب حسن التنظيم والأداء والاشراف.. كان لنجاح لجنة الرقابة الخاصة بالمعرض في الحد من الرقابة على معروضات دور النشر المشاركة.. دور كبير في تفاعل عشرات الآلاف من السعوديين رجالاً ونساءً ممن جاءوا الى المعرض لغرض الاطلاع واقتناء الكتب.. وبكل حرية واطمئنان.. ولا يعني ان ما مثله المعرض من جرأة غير مسبوقة جاء عبر حرية مطلقة.. وانما جاء ذلك عبر حرية منضبطة بالثوابت الشرعية والاجتماعية والوطنية والتي سادت بجوهرها معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أوجد تكامل غير معهود وغير متوقع بين وزارة الثقافة والاعلام المشرفة على المعرض وبين هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر! مع ان هذه الحرية والانفتاح غير المعهود بالمعرض .. لم تقف حائلاً امام تصدر الكتب الاسلامية والفكرية والثقافية عما عداها من كتب الروايات الطارئة وغيرها! فكتاب: (عمر والتشييع) للمؤلف العراقي الشيعي - حسن العلوي وكتاب: (لا تحزن) للشيخ الدكتور عائض القرني.. كلها وأمثالها سجلت رقماً قياسياً في كثافة البيع والاقبال؟! - وفي نفس الوقت.. تواجدت العديد من دور النشر الخاصة والرسمية امثال الهيئة المصرية العامة للكتاب.. والمجلس الوطني للثقافة والفنون والتراث القطرية.. ووزارة التراث والثقافة العمانية.. مما اصابني كيمني بالحسرة.. لغياب وزارة الثقافة. والهيئة العامة للكتاب.. حتى ولو من باب الدعاية والتسويق للوطن.. وان كانت حسرتي تلك سرعان ما انجلت حينما تذكرت بعض الفجوات الخاصة والعامة بين الجهتين الرسميتين!.. والتي يأمل امثالي بانتهائها بعد التعيينات الجديدة.. خاصة وان الضحية في غياب الجانب الثقافي اليمني عن الفعاليات الثقافية والفكرية العربية والدولية.. هو الوطن ارضاً وانساناً بالدرجة الاولى. - ان معرض الرياض الدولي للكتاب.. حقق نجاحاً كبيراً عرضاً وجوهراً بفضل مرونة الرقابة التي كان لها السبق في نجاح هذا المعرض الذي جمع بين الاصالة والمعاصرة بحق وحقيقة.. كما ان هذا الحدث الثقافي الاستثنائي .. والنجاح الكبير الذي بات حديث المجالس الخاصة والعامة.. داخل المملكة وخارجها.. كان وراءه رجل اكاديمي مستنير.. هو الاستاذ الدكتور عبدالعزيز محمد السبيل .. وكيل وزارة الثقافة والاعلام للشؤون الثقافية.. المشرف العام على المعرض.. والذي ظل يتنقل بين ردهات المعرض.. مشرفاً ومساعداً.. ومستفسراً وملبياً. كما كان لخلفيته الثقافية والفكرية والاجتماعية.. وتمتعه بتقدير واحترام الخاصة والعامة.. نجاحاً خاصاً.. بجانب النجاحات الاخرى.. والذي تمثل بحسن تصرفه مع الرقابة؟! بجانب ما عرف عنه من تواضع جم.. ومن ذلك.. تأكيده في تصريحات صحفية.. وجود العديد من الاخطاء التي صاحبت معرض الرياض الدولي للكتاب.. رغم النجاح الاستثنائي له.. وبشهادة الناشرين والزائرين والمشاركين في ندوات المعرض الثقافية!. - وبعد.. - لقد كان المعنيون في القرن المنصرم .. يرددون مقولة: ان الكتاب العربي.. يكتب في القاهرة.. ويطبع في بيروت.. ويقرأ في بغداد.. لكن بيروت أصبحت مشغولة وضائعة بين الاكثرية وبين حزب الله واتباعه؟!.. كما اصبحت بغداد.. بفضل بعض أبنائها العاقين تتحدث (الفارسية) أكثر من :(العربية)؟!.. ولذا.. يمكننا القول اليوم: ان الكتاب العربي .. اصبح يكتب ويطبع ويقرأ في القاهرةوالرياض معاً.. فروايات غازي القصيبي وتركي الحمد وزينب الحفني وعبده خال.. وكتب عائض القرني.. وعبدالله الغذامي.. وغير هؤلاء .. باتت الاكثر إقبالاً ومبيعاً في الشارع العربي بوجه عام.. اضافة الى تقدم الحركة الشعرية كثيراً.. ويكفي ان قرابة خمسين ديوان شعر صدر داخل السعودية خلال عام 2006م وحدة.. مع ما باتت تساهم فيه الثقافة السعودية بوجه عام بما يخص الجوانب الثقافية والفكرية العربية.. ان هذا الحراك الثقافي السعودي.. وما مثله معرض الرياض الدولي للكتاب من نجاح.. يدفع بأمثالي الى تساؤل بريء.. لماذا لا توجد وزارة خاصة بالثقافة ترعى هذه الجوانب الثقافية والابداعية.. بجانب الجوانب التراثية والحضارية.. وتحصر اهتمامها بها وبكل ماله صلة بها؟. إنه مجرد تساؤل يمني.. لأن المثقف السعودي هو الادرى بما يعتقد بصلاحه له ولأمثاله!. - هذا هو معرض الرياض الدولي للكتاب.. الذي جمع بالفعل بين الاصالة والمعاصرة .. وبكل إيجاز ممكن!