الجوار والاخاء الذي يربط اليمن بأشقائه في منطقة الجزيرة العربية والخليج بأبعاده الحضارية التاريخية العقائدية هو بكل تأكيد مهم إلاّ ان هذه الاهمية تكبر وتتضاعف اذا جعلنا من هذه الوشائج والاواصر والصلات قوة تراكمية إيجابية تؤسس لعلاقات تكاملية نوعية سياسية وإقتصادية وثقافية بين اليمن وأشقائه في مجلس التعاون الخليجي.. ولكن هذا يحتاج منا ومن الاشقاء في الخليج إدراك الأهمية الحيوية الاستراتيجية الجيوسياسية والاقتصادية التي نشكلها معاًَ في هذه المنطقة الحيوية للمصالح العالمية والتي في محصلتها النهائية تمثل عاملاً حاسماً في مضمار استمرار رقي وإزدهار وتقدم شعوبنا على قاعدة راسخة من الامن والاستقرار تستجيب لمتطلبات الحاضر وتلبي إستحقاقات المستقبل. وبدون شك فإن مثل هذه الروابط والتلازم المصيري، بين اليمن وأشقائه أصبح حقيقة مستوعبة من القوى الدولية المؤثرة في إتجاهات السياسة العالمية التي ربما من موقع وعيها بمصالحها وصلت الى هذا الاستنتاج والمعبر عنه في أن أمن واستقرار اليمن لا يمكن النظر اليه بصورة منفصلة عن أمن واستقرار الجزيرة العربية والخليج ومنطقة جنوب البحر الاحمر.. وهذا يقتضي حرصاً متبادلاً على الاستقرار بمدلوله الشامل السياسي والاقتصادي والعسكري والامني الذي يوجب التسريع بخطوات الشراكة على نحو يتمثل الوضع الاقليمي والدولي في معطياته الراهنة والمستقبلية التي استقراؤها برؤية استشرافية يخلص الى المحصلة التي ينبغي ان تكون عليها مسيرة التكامل الاقتصادي المؤدي الى تحقيق مصالح دولنا وشعوبنا بصورة متلازمة ومتوازنة مرسخة مداميك قوية لعلاقات وطيدة تعزز بنى التنمية المتوازنة خدمياً واستثمارياً وبما يعود بالنماء والتطور لنا جميعاً في منطقة الجزيرة والخليج.. وهذا يستدعي تحريك دواليب مسيرة اندماج اليمن في منظومة مجلس التعاون الى الامام بشكل أكثر سرعة وديناميكية تتجاوز حدود البقاء في نطاقات محدودة خاصة وان اليمن يواصل مسارات بناء الدولة المؤسسية الديمقراطية الحديثة التي تتعزز بصورة مستوعب فيها المصالح الوطنية واوضاع المحيط الاقليمي والفضاء العالمي التي تتحقق فيه. هذه الدلالات التي تحدثنا عنها تأتي في سياقها مضامين رسالة الرئيس الامريكي جورج دبليوبوش لفخامة الرئيس علي عبدالله صالح مؤكدةً واقع أن استقرار اليمن يشكل أهمية كبرى لاستقرار المنطقة -ونحن نضيف أيضاً- لنمائها وتقدمها ورقيها.. وتبقى الاشارة الاهم التي حملتها رسالة الرئيس الامريكي المعبرة بصورة أكيدة عن نجاحات سياسة اليمن الخارجية والمنبثقة من توجهات نهجه الديمقراطي وإحترامه لحقوق الانسان ونجاحه في الاصلاحات الاقتصادية التي ربما فهمها الآخرون تحت تأثير الزوابع التي تثيرها قوى داخلية موتورة ترى في هذه المكانة المرموقة التي تحققت للوطن تحجيماً لها وللدور الذي تمارسه بصورة سلبية مفرطة في الانانية جعلتها تنظر الى إنجازات ونجاحات اليمن الدولية وبالصورة التي عبر عنها نجاح مؤتمرالمانحين لدعم اليمن المنعقد في العاصمة البريطانية لندن العام الماضي ومؤتمر فرص الاستثمار المنعقد في صنعاء هذا العام والذي يعد التوجه الإقتصادي العملي لمؤتمر لندن.. لذا هؤلاء يحاولون جاهدين إظهار الامور في اليمن، على غير حقيقتها، معطين رسالة خاطئة وسلبية عن الأوضاع بهدف الحيلولة دون تدفق الاستثمارات وتقديم الدعم لليمن معتقدين بذلك أن الفرصة سانحة للوصول الى غاياتهم الشريرة بعد افراغ النجاحات والانجازات الاقليمية والدولية التي تحققت لليمن من محتواها والتي يتمثل بعدها الاقتصادي بالتركيز على مشاريع تسهم في الحد من البطالة ومكافحة الفقر.. ولكن كل ما يقومون به ليس إلا «زوبعة في فنجان» ولن يؤثر على مسارات تعزيز العلاقات الأخوية اليمنية - الخليجية، نحو التعاون والتكامل والشراكة.. ولا على مكانة اليمن الدولية لأنها لا ترتبط بأسباب ظرفية آنيّة مؤقتة بل بعوامل مبنية على رؤية استراتيجية مستقبلية هي أكبر وأعمق وأبعد من أن يستوعبها هؤلاء الموتورون!!