الأواصر والصلات التي تربط اليمن بأشقائها في دول مجلس التعاون الخليجي ليست حديثة النشأة وتمليها مستجدات الوضع الاقليمي والعربي والدولي -على اهميتها- بالنظر الى تداعيات صعوباته وتعقيداته على منطقتنا التي قدر لها ان تكون محل تلاقي وتقاطع المصالح العالمية.. لكنها علاقات نشأت وتنامت وتعمقت عبر تراكم تاريخي طويل في مساحة جغرافية واحدة حُدد على أساس الوجود الأخوي- بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى- ليصير ليس بين مجموعات بشرية متباينة ولكن بين جماعة واحدة تربطهما وشائج القربى وصلات الرحم لتكون النواة التي انبثقت منها الامة العربية والاسلامية.. مع تأكيدنا في هذا المنحى على الأهمية التي تكتسبها المعطيات المعاصرة بكل متغيراتها وتحولاتها وتأثيراتها وانعكاساتها السياسية والاقتصادية والأمنية وهو مايعني استيعاب كل هذه التأثيرات على نحو ايجابي باتجاه يعطي العلاقة بين اليمن واشقائه في الجزيرة والخليج ابعاداً مستقبلية في سياقات تجسد مضامين المعاني التاريخية الثقافية ومتطلبات حاضر هذه العلاقة وتطلع أبناؤها المستقبلي. وهنا يأتي اجتماع وزراء خارجية ومالية دول مجلس التعاون الخليجي واليمن ليمثل خطوات تمهيدية لتأسيس قاعدة متينة من التعاون والشراكة بين اليمن واشقائه في الخليج ولما سيكون عليه حجم دعم الاشقاء لليمن في مؤتمر المانحين الذي سينعقد في الايام القادمة في لندن والذي يجعل اليمن يستند الى اشقائه في انجاح هذا المؤتمر وتحقيق اهداف انعقاده بإسهام فعلي وحقيقي في النهوض التنموي والبناء الاقتصادي المؤدي الى إحداث تطور نوعي يسهم في تضييق فجوة الفروقات بين بلادنا وشقيقاتها دول مجلس التعاون الخليجي من خلال عمل تنموي واستثماري جدي يسهم بفاعلية في جهود مكافحة البطالة والفقر وتوفير فرص عمل جديدة وعلى نحو يعطي الشراكة قوة باتجاه اندماج الاقتصاد اليمني باقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي على طريق انتقال هذه المنظومة الاقليمية العربية الى تكتل اقتصادي يخدم كل دول وشعوب الجزيرة والخليج عبر إحداث تكامل يرتكز على دور الحكومات والاستثمار الخاص بفتح الآفاق واسعة امام تطور متكافئ متوازن ومتوازٍ يحقق في المحصلة النهائية مصالح الجميع ويعزز الامن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية للمصالح العالمية. ان فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح قد اختزل كل هذه المعاني والدلالات في حديثه اثناء استقباله لوزراء خارجية ومالية دول مجلس التعاون الخليجي المشاركين في اجتماعات صنعاء «الخليجية- اليمنية»، مبيناً بوضوح الدور الكبير لهذه الاجتماعات كونها تمثل نقطة انطلاق بالاتجاه الصحيح تسهم في الإرتقاء بالمنظومة الخليجية من خلال توجهات التسريع من جهود إنضمام اليمن إليها والذي بكل تأكيد يمثل وجوده مع اشقائه رافداً لا غنى عنه وعمقاً استراتيجياً سياسياً واقتصادياً وأمنياً يقوي ويرسخ ويسرع من عملية انتقالها الى مستويات تتناسب مع الامكانات والقدرات لمجموع دول المجلس والتي سوف تتعزز بانضمام اليمن.. مقدماً فخامته الرؤية العملية للكيفية التي بها سيتم الاستفادة من هذا الدعم من خلال انشاء صندوق خاص باليمن تسهم فيه دول مجلس التعاون لتمويل مشاريع استراتيجية وتنموية واستثمارية تعود بالفائدة على الشعب اليمني وتكفل النهوض بمستوى حياته ويدفع بمسيرة التنمية والتطور لابنائه. ومن الاهمية بمكان الاشارة الى أن نجاح اجتماعات وزراء الخارجية والمالية الخليجيين واليمن في صنعاء ونجاح مؤتمر المانحين منتصف هذا الشهر في لندن بضمان الدعم المنشود لليمن، فان ذلك سوف يعني ان اليمن امام مرحلة جديدة في مسيرة نمائه وتطوره وتقدمه وازدهاره، وهو بدون شك ايضاً سيصب في مصلحة الاشقاء من حيث ان هذا يسرع حركة الاندماج الاقتصادي والتنموي مع بقية الاشقاء في مجلس التعاون الخليجي وبالتالي الانضمام الى منظومته ليكون اضافة نوعية لمكوناتها ويعطيها دوراً ومكانة تلبي مصالح وتطلعات كل ابناء دول الجزيرة العربية والخليج في الحاضر والمستقبل.