الحصار الجائر والعقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على أكثر من مليون ونصف فلسطيني في قطاع غزة وإن كان يدعو إلى تحرك عربي حقيقي وعاجل لإنقاذ اخوان لهم يتعرضون لأبشع أنواع الإذلال والقهر والتجويع والحرمان من أبسط وسائل الحياة كالكهرباء ومياه الشرب والأدوية والمواد الغذائية، فإن هذا المشهد المأساوي الذي يشعر معه كل ذي ضمير حي بالألم والحسرة.. قد عكس حالة من السقوط الأخلاقي والإنساني ليس لدى الكيان الإسرائيلي العنصري وحسب بل لامتداد هذا السقوط إلى المجتمع الدولي الذي ماتت لديه كل القيم والمعاني الحضارية إلى درجة لم يعد يأبه معها بمعاناة شعب اغتُصبت أرضه وشرد أبناؤه وانتهكت حقوقه وها هو يتعرض اليوم لعقاب جماعي على مرأى ومسمع شعوب الأرض قاطبة بعد أن حل النفاق محل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.. ويبلغ الأمر مداه من الألم حينما نجد إسرائيل وهي من تشن حرباً وتطلق العنان لآلتها العسكرية لتقتل وتدمر وترتكب المجازر فيما لم تتجاوز ردود الفعل العربية عتبة الإدانات الباهتة التي لا يعيرها الكيان الإسرائيلي أي اهتمام، وما من شك فإن العرب بهذا الموقف البائس يمهدون الطريق أمام إسرائيل لخوض حروب قادمة على أراضيهم يكونون فيها الطرف المستضعف الذي عليه أن ينصاع لإرادة القوة الإسرائيلية الغاشمة التي وجدت في الضعف والتخاذل العربي ضالتها ومبتغاها لتستفرد بالشعب الفلسطيني ولا يعلم إلا الله من سيكون الضحية القادمة، وإدراكاً من الجمهورية اليمنية بخطورة هذا الوضع واستشعاراً بمسئولياتها القومية وما تفرضه علاقات الإخاء تجاه الشعب الفلسطيني، فقد بادرت يوم أمس بدعوة الجامعة العربية للاضطلاع بواجبها حيال الحصار والعقاب الجماعي المفروض على قطاع غزة أملاً في الوصول إلى حل ينقذ الأرواح الفلسطينية من الكارثة التي تنتظرها، حيث لا يجوز وفي ظل هذا الظرف المأساوي أن يكتفي العرب بالإدانة والاستنكار في حين أن بإمكانهم القيام بأكثر من ذلك إذا ما اتجهوا نحو استخدام أوراقهم ذات الصلة بالمصالح المتبادلة مع الآخرين. إذ أنه وما لم تستخدم هذه الأوراق من أجل إنقاذ شعب شقيق، فما الجدوى منها وما فائدتها أصلاً إن لم تضع حداً لجريمة تستهدف حوالي مليون ونصف المليون إنسان عربي محسوبين على تعداد هذه الأمة. فيا عرب- لاتتأخروا عن واجب غير قابل للتأجيل!!