الثورة اليمنية قامت من اجل الانسان اليمني وتحريره وخلاصه من ربق التخلف الذي اثقل كاهله لردح طويل من الزمن يعيش أوزاره حياة بائسة تحت وطأة ثالوث الفقر والجهل والمرض الذي كرسها طاغوت الاستبداد والقهر والجور والتجبر لنظام بناء حكمه على أفكار وتصورات لاتعترف بكينونة وجود الانسان الا بماهو مخلوق مسخراً لمصالحه ورغباته ونزواته الشيطانية.. مصوراً نفسه انه يستمد سلطته من ارادة عليا جعلت منه ظلها على الأرض، ومايقوم به غير قابل للمراجعة والمحاسبة من البشر.. مهدراً ليس فقط كرامة الانسان، وانما ايضاً حقه في الحياة ككائن بشري كرمه الله بالعقل لإعمار الارض، لذا كانت الثورة اليمنية ثورة انسانية عظيمة بامتياز، وهي ليست ثورة نجمت عن تناقضات او صراعات كالكثير من الثورات التي شهدها التاريخ المعاصر، بل ثورة شعب حضاري عريق عانى الكثير من الويلات والمآسي.. مطبقاً عليه ظلم وظلام حالك السواد فرضه ذلك النظام الكهنوتي الامامي البائد.. ليعيش الشعب محروماً من أبسط مقومات الحياة.. معتقداً ذلك النظام انه يؤبد حكمه.. غير مدرك بان ماكان لشعب شيد واحدة من أعظم الحضارات الانسانية ان يخضع أو يستكين لكل ذلك البغي والطغيان مهما طال أمده، وكان لابد لساعة الحسم ان تأتي ليضع حداً فيها لكل ما أحاق به طوال تلك العهود المظلمة، وازاحة كابوسها الجاثم على صدره.. مفجراً ثورته «26سبتمبر» عام 1962م المنبثقة من صميم الإرادة اليمنية التواقة للحرية والتقدم والعزة والكرامة لكل ابناء اليمن.. مشكلة نهاية لنظام الكهنوت الامامي وللمستعمر الغاصب، ولأنها ثورة قامت من أجل الانسان فقد هب اليمانيون من كل الوطن لحمايتها والدفاع عنها.. مقدمين التضحيات الجسام حتى تحقق النصر للجمهورية والحرية والاستقلال الناجز برحيل المستعمر من على الأرض اليمنية. لقد كانت الثورة اليمنية وستبقى ثورة انسانية محورها بناء الانسان الجديد الواعي المنتج المبدع القادر على المواكبة لكل التطورات والمتغيرات العالمية.. مركزة رغم ماواجهته من تحديات وصعاب وأخطار على التنمية والبناء والنهوض الشامل.. محققة انجازات كبرى في مختلف المجالات ومناحي الحياة العصرية الحديثة، ولم تجعل من شحة ومحدودية الامكانيات عائقاً امام متطلبات وتطلعات الانسان اليمني.. معوضة مافاته في عهود الحرمان من تطور ونماء وازدهار.. محققة تحولات معها أصبحت المقارنة مستحيلة بين ماكان عليه قبل «46» عاماً وماهو عليه اليوم، فعلى سبيل المثال لا الحصر يكفي فقط الاشارة الى الجهل والأمية التي كانت تكبل عقول ابناء اليمن، والاعداد القليلة ممن يعرفون القراءة والكتابة ممن حصلوا على تعليم محدود ومحصور وتقليدي متوارث من قرون خلت، وبين اقتحام ابناء اليمن لشتى مناحي حقول العلم والمعرفة على مختلف مستوياتها وجوانبها بكل متغيرات ايقاعات تطورها المتسارع.. فالمدارس والمعاهد والجامعات تخرج سنوياً مئات الالاف من الكوادر المؤهلة تأهيلاً علمياً تخصصياً، ناهيك عن آلاف خريجي الدراسات العليا من داخل الوطن وخارجه وعلى هذا الأساس يمكن القياس في مجالات الصحة والطرقات والزراعة والسدود والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمياه والكهرباء والتي في ظل راية الثورة والوحدة تتسع افقياً وتتطور رأسياً بصورة مستمرة ومتواصلة على نحو يستوعب احتياجات الانسان اليمني بآفاقها المفتوحة.. فالتطور لاحدود له، وتطلعات الانسان لاتتوقف، وفي هذا استمرارية للثورة اليمنية وهي تمضي صوت المستقبل. وفي هذا السياق فاننا لايمكن ان نفصل مسارات التطور السياسي عن التطور الاقتصادي اللذان يشكلان معاً التطور الاجتماعي، وهذا يتجلى في التوازي بين الانجازات السياسية المجسدة بالنهج الديمقراطي التعددي بماهو حرية الرأي والتعبير، والتداول السلمي للسلطة، واحترام حقوق الانسان، والذي أصبح بنية مؤسسية يقوم عليه نظام الحكم في يمن الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية.. وهذا يخلص بنا الى القول بأن الثورة اليمنية ثورة انسانية بكل المقاييس!!