تتقدم خطوات الاندماج اليمني في الإطار التعاوني لأشقاء الجيرة مع كل قمة خليجية تنعقد حيث أقرت دورتها التاسعة والعشرين التي اختتمت أعمالها يوم أمس في مسقط انضمام اليمن إلى هيئات جديدة في مجلس التعاون الخليجي. وتكتسب الخطوة أهمية خاصة وإضافية من مكان اتخاذها في مسقط وهي ذات العاصمة العزيزة التي صدر منها القرار الأول بالموافقة على انضمام اليمن لعضوية مجلس التعاون في قمة ديسمبر 2001م. ويزيد الحصيلة جدية قرار الانضمام تأكيداً إلى جانب تجديد الدلالة على أعلى مستويات الرعاية والدعم اللذين تحظى بهما متطلبات التطبيق والتجسيد الواقعي لمعالم التعاون اليمني الخليجي. وكذلك هو الحضور اليمني المتواصل وعلى مستوى القمة في كل دورة للمجلس من خلال الرسائل التي يهتم الأخ الرئيس علي عبدالله صالح بتوجيهها إلى قادة الخليج ويجدد التأكيد عبر سطورها على مبدئية الخيار والتوجه اليمني صوب التلاقي مع أشقائه في إطار التعاون والتكامل. والانتقال من الجيرة إلى الشراكة هو ما ألزمت اليمن نفسها بالعمل من أجله وتحقيقه وقد تركز الاهتمام والجهد المبذول من قبل قيادتنا السياسية على إقامة القواعد والأسس الاقتصادية لتشييد وقيام بنيانه. ولقد قدرت وقررت أن يكون المدخل الاستثماري سبيلها إلى ذلك لكمونه على مقومات إنجاز شبكة واسعة على درجة عالية من الحيوية والقدرة على خلق روابط قوية لعلاقات إنمائية مستدامة محاطة بمصالح مشتركة ومنافع متبادلة لا تقبل الفكاك. وأن يتولى القطاع الخاص الدور الريادي في رسم معالم هذا التوجه وإنتاج شواهده الحياتية ففيه ما يوفر مصدراً في غاية الأهمية والفاعلية للتعزيزات الشعبية الداعمة للمواقف الرسمية. وبالعمل المشترك مع الأشقاء في الخليج أمكن قطع أشواط هامة وفي زمن قياسي يستبق المواعيد المحددة في إتمام المهام والمتطلبات التي تقرب من موعد الاندماج الكامل. ويدرك أشقاؤنا تماماً ما يتوافر عليه بلدهم الثاني من مقومات اقتصادية كمصدر للتزود بالمواد الأساسية زراعية وغيرها وكمجال للتسويق السلعي للمنتجات الخليجية صناعية وسواها. ويقف الجميع بهذه الخطوة الاندماجية على أعتاب تحقيق الإنجاز التاريخي بمعنى الكلمة، إن لم يكن الكل على موعد مع عملية فتح حضاري وصناعة وتدشين تاريخ جديد في المنطقة، مفتوحة صفحاته الناصعة لوقائع الشراكة الاقتصادية والوئام السياسي، ومغلقة في وجه كل ما من شأنه تعكير صفو العلاقات الرسمية والصلات الاجتماعية. وتنطبق الحقيقة الأزلية بأن دول ومجتمعات المنطقة وجدت لتتواءم وتتعايش بالتعبير الجغرافي لدوافع الجوار. وللجوار مترتباته وواجباته التي تحتم على كل طرف أن يعنى بأحوال جاره ويمده بأسباب الأمان والازدهار بماله من انعكاسات ومردودات إيجابية على استقراره الاجتماعي. وإذا أضفنا لذلك عوامل الارتباط اللغوي والديني وأواصر القربى وروابط الدم فإننا نكون أمام حالة مؤهلة للالتقاء في إطار نموذجي لعلاقات تعاون وشراكة شاملة ودائمة. ولا تبديل لذلك ولا فكاك منه بحكم الجغرافيا والتاريخ ووحدة العقيدة