المجازر الوحشية البشعة التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي على مرأى ومسمع العالم كله بدم بارد ضد الشيوخ والنساء والأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة لم تحرك الضمير العالمي ولم توقظ فيه حتى الآن شيئاً من الصحوة أو أدنى شعور بالإنسانية.. وفي ظل نفاق دولي مخزٍ ومشين وتخاذل عربي مفضوح وانقسام فلسطيني داخلي مؤلم تتوالى المآسي الإنسانية المحزنة وتتعاظم الجرائم اللاأخلاقية التي ترتكب بحق شعب أعزل محاصر ومظلوم ومقهور من ممارسات لا إنسانية وبشعة من مجرمي حرب صهاينة تفننوا في ممارسة القتل والإبادة وتضليل الرأي العام العالمي وقلب الحقائق وإستلاب الإرادة الدولية التي تبدو عاجزة ومتخاذلة بل ومتواطئة وشريكة في ارتكاب الظلم والعدوان.. وهو مظلوم أيضا من ذوي القربى وشركاء الأرومة الواحدة والمصير الواحد الذين عجزوا حتى الآن عن تقديم أي شيء نافع ومجدٍ غير الصراخ والعويل يستطيعون من خلاله كبح العدوان وإنقاذ المحاصرين الفلسطينيين مما يطوقهم من حصار جائر وخانق لم يستطيعوا في ظله حتى معالجة جرحاهم ناهيك عن توفير الغذاء والدواء واحتياجاتهم الإنسانية الضرورية .. وفي ظل هذا الصمت المريب وتهاوي كل القيم الأخلاقية والإنسانية وكل المبادئ والمواثيق والقرارات التي لطالما رفعت شعاراتها ولوح بها البعض في هذا العالم بين حين وآخر في وجه دول عديدة نظر إليها المروجون لكل تلك الشعارات بأنها مارقة أو متمردة على الشرعية الدولية تظل إسرائيل هي الوحيدة المستثناة من تطبيق كل تلك المعايير عليها في ظل ما تجده من غطاء ودعم بلا حدود وتفهم لمبرراتها وإعلانها التحدي والاستمرار في عدوانها المتصف بالصلف والعنجهية وحيث لا تضع اعتباراً لأي جهة أو شيء من كل ذلك.. وفي ظل ما أصاب هذا العالم بكل مسمياته وتقسيماته الجغرافية والسياسية والأثنية من حالة العجز الفاضح او الغياب غير المبرر لقول كلمة الحق في وجه الاستكبار والطغيان الإسرائيلي والداعمين له .. تبرز بعض الأصوات النادرة الشجاعة من هنا أو هناك لتعلن كلمة الحق التي ينبغي أن تُسمع بعد أن هزت ضمائرها الحيًة مشاهد القتل الجماعي والدمار المرعب في غزة وتفجرت في نفوسها مشاعر الغضب والألم وهي ترى بشاعة ما يرتكب من جرائم يندى لها الجبين الإنساني أو ما يصل إلى مسامعها من أصوات استغاثة ملهوفة للذين تطحن صغارهم ونساءهم وشيوخهم وشبابهم آلة الموت الإسرائيلية التي لا ترحم وفي مقدمة هذه الأصوات الشجاعة ذلك الصوت الأتي من فنزويلا ممثلاً في رئيسها "تشافيز" والأخر القادم من بلاد الأناضول مجسداً في "أوردغان" رئيس الوزراء التركي وإذا كان ثمة أصوات أخرى قد جاءت من المحيط العربي مملوءة غضباً وحزناً وكمداً إزاء ما يجري لأشقائهم في غزة وفي طليعتها ما عبر عنه اليمن العربي المسلم قيادة وحكومة وشعباً وفعاليات سياسية واجتماعية وثقافية من مواقف صادقة ومميزة تضامناً مع أشقائهم المنكوبين في غزة بمحنة العدوان والحصار وما يتعرضون له يومياً من مجازر وحرب إبادة بكل المعاني والصور .. فان ذلك أقل ما يمكن النهوض به من واجب اخوي وإنساني إلا أن الحاجة تبرز مًلحة إلى توظيف كل ما يمكن توظيفه من علاقات ومصالح عربية وإسلامية سواء مع إسرائيل نفسها لمن يربطهم بها أي شكل من علاقات التعاون او التطبيع أو تلك الجهات الدولية التي تستند إليها إسرائيل في غطرستها وتحديها لأي إرادة إقليمية أو دولية وعدم اكتراثها لأي صوت شجاع يرفض عدوانها وهمجيتها التي فاقت كل الحدود والتصورات وفي مقدمة تلك الجهات الولاياتالمتحدةالأمريكية التي مازالت حتى الآن تعيق إصدار قرار أممي يطالب إسرائيل بالكف عن عدوانها وإيقاف مجازرها وإنهاء حصارها.. وإزاء كل ذلك كم تبدو حاجة هذا العالم المنغمس معظم قادته في نفاقهم المخزي أو صمتهم المريب إزاء ممارسات إسرائيل العدوانية إلى أصوات شجاعة (كشافيز) و(أوردوغان) وليتهم يفعلون أو يقتدون بما فعله هؤلاء ! عسى أن تحرك ساكناً او تغير واقعاً مؤلماً في هذا العالم بكل ما فيه من البشاعة والظلم والقبح !. وللفلسطينيين الصامدين في غزة كل التحية والاحترام والعزة وكان الله في عونهم وناصرهم في مواجهة هذا الهولوكست الإسرائيلي البشع والطغيان والوحشية التي يرتكبها هؤلاء المجرمون والنازيون الجدد في إسرائيل الذين لا كابح لهم وهم حتماً سوف يهزمون بأذن الله أمام إرادة الصمود والتحدي لأهل غزة ومن هم وراءهم من أصحاب الضمائر الإنسانية الحيًة التي ستظل شاهداً على جرائم إسرائيل في هذا العصر القبيح وحيث لن ينجو المجرمون الإسرائيليون من عقاب السماء قبل الأرض مهما كان النفاق طاغياً لهم أو اختلت موازين العدل البشرية أو طال الزمان !.