إقدام شابين لم يتجاوز أي منهما الثامنة عشرة من العمر على تفجير نفسيهما الأسبوع الماضي في عمليتين إرهابيتين استهدفت الأولى فوجا سياحيا كوريا في مدينة شبام بحضرموت ، فيما كان - مسرح الأخرى - طريق المطار بالعاصمة صنعاء لا شك وأن مثل هذا العمل البشع والتصرف الأخرق، وبالقدر الذي قوبل به من الإدانة والاستنكار والاستهجان الشعبي الواسع، فإن فداحته قد تعاظمت أكثر في نفوس أبناء شعبنا بمجرد الكشف عن أن مرتكبي الجريمتين ، شابان في مقتبل العمر!! كان يفترض أن يكونا في عداد الجيل الجديد ، الذي نعول عليه مواصلة مسيرة البناء والتطور والانتقال باليمن إلى المستقبل الأفضل، لا أن نجدهما في عداد من غُسلت أدمغتهم ووقعوا فريسة للفكر المتطرف والضال وعناصره الإرهابية، التي انحرفت عن جادة الصواب وتجردت من أبسط القيم الدينية والأخلاقية واستبدلت الحق بالباطل والخير بالشر لتصبح وبالا على أمتها وعدوة للعقيدة التي تدعي زورا وبهتانا الانتماء إليها وخصما لدودا لأوطانها ومجتمعاتها. إن تلك العناصر الظلامية غدت خنجرا مسموما في يد المتربصين بالإسلام والمسلمين، بعد أن احترفت أعمال القتل وسفك الدماء وإزهاق الأرواح البريئة لينتهي بها الأمر إلى تجييش الشباب من صغار السن في مخططاتها الإجرامية. ولقد برهنت الكثير من الأحداث الإرهابية أن أولئك القتلة يبنون استراتيجياتهم على الاستقطاب عبر التضليل وإغواء الشباب وبالذات المراهقين منهم الذين يتم شحن عقولهم بالتعبئة الخاطئة والدفع بهم إلى محرقة الهلاك وقعر جهنم. والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح: كيف أمكن لعناصر التطرف والإرهاب الإيقاع ببعض شبابنا من صغار السن، في هاوية الانحراف؟ وهل لأولئك الشباب سواء منهم الانتحاريين اللذين فجرا جسديهما في شبام حضرموتوصنعاء أو من عممت وزارة الداخلية صورهم في وسائل الإعلام كمطلوبين أمنيا أولياء أمور، من آباء وأمهات يتعين عليهم تربيتهم التربية الصالحة ومتابعة ما قد يطرأ عليهم من سلوكيات منحرفة أو تصرفات خاطئة؟.. وكيف فات على أولياء أمور هؤلاء الشباب أنهم معنيون ومسؤولون عن تنشئة أبنائهم على خُلق الإسلام وسماحته ووسطيته وحمايتهم من مغبة السقوط في مستنقع التطرف والغلو والإرهاب؟. وهل من الحكمة والصواب أن يترك أولياء الأمور الحبل على الغارب لأبنائهم المراهقين لتتجه بهم بوصلة الإغواء للوقوع في براثن الغلو والتشدد والتعصب والاستغراق في التمرد على سماحة الإسلام ورحابته وإعلان العقوق والعصيان على أبائهم وأمهاتهم وأسرهم ووطنهم؟. الحقيقة أنه ما كان لجلاوزة الإرهاب الضالين والمضلين أن يسلبوا براءة بعض شبابنا ويستغلوا عواطفهم الدينية ويحولوهم إلى أشرار ومنحرفين وأعداء لأنفسهم ومجتمعاتهم ويضرون باقتصاد بلدهم ويلحقون الأذى بأهليهم وأسرهم لو أنهم وجدوا المتابعة وتم تحصينهم بالفكر المستنير ، الذي يجعل منهم نبتة خير وصلاح وعقولا متفتحة على البناء .. لا الهدم .. تشيع الأمان لا الخوف وتتحلى بقيم الإسلام العظيم - لا بثقافة العنف وقتل النفس التي حرم الله. وبدون مكابرة - فإن مثل ذلك العدد من الشباب ممن غرر بهم - هم مع الأسف الشديد - ليسوا سوى ضحية إهمال أسرهم في المقام الأول فلولا مثل هذه السلبية لما وجدنا شابا ينتمي لبلد الحكمة والإيمان ، يميل إلى الانغلاق والتشدد والعنف والتزمت ليصل الأمر به إلى الموت منتحرا!! خارجا على العقيدة والملة!!