من جديد يأتي التأكيد على لسان فخامة الأخ الرئىس علي عبدالله صالح بأنّ مواجهة آفة الإرهاب كانت نابعة من إرادة وطنية صرفة ولم تفرض من أي طرف خارجي أو تملى علينا من أحد. ومثل هذه الحقيقة تجد تجسيداتها في العديد من الوقائع والشواهد الدالة على أن اليمن كان في مقدمة بلدان العالم التي عانت شرور الإرهاب وأفعاله الإجرامية وأن اقتصادنا الوطني قد استهدف بشكل مباشر من قبل عناصر التطرف والإرهاب منذ وقت مبكر سبق هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي تعرضت لها مدينتا نيويورك وواشنطن عام 2001م. والثابت في هذا الجانب أن جهود اليمن في مكافحة الإرهاب قد أملتها المصلحة الوطنية ومسؤولية الحفاظ على الأمن والاستقرار وحماية الاقتصاد الوطني من عبث تلك الخلايا الإرهابية التي تشكلت في معظم الدول العربية عقب عودة الآلاف ممن عرفوا باسم «المجاهدين العرب» من أفغانستان التي مثلت صمام القلب لضخ تلك البنية البشرية المنحرفة إلى مختلف دول العالم. ولم تكن اليمن بمنأى عن تلك الحالة التي ولّدت لدى أولئك الشباب الاندفاع المغامر بعد أن شحنت عقولهم بفكر التطرف والتشدد والغلو إلاّ أنه وبرغم الأضرار التي حاقت بقطاعات السياحة والاقتصاد والاستثمار جراء الأفعال الإرهابية فإن اليمن نجح في إعادة الكثير من أولئك الشباب المغرر بهم إلى جادة الصواب عن طريق الحوار والإقناع وتبصيرهم بحقيقة الدين الإسلامي وقيمه السامية التي تحض على التسامح والوسطية والاعتدال. وفي جانب آخر ظلت المتابعة الأمنية مستمرة للمتورطين في أعمال الإرهاب وليس من المبالغ فيه القول أن الأجهزة الأمنية قد استطاعت تطويق وتحجيم الخلايا الإرهابية وإسقاط رهاناتها بل أنها تمكنت من إفشال الكثير من المخططات الإجرامية لتلك الخلايا وإحباطها. ومما يجب أن لا يجري إغفاله أو التغافل عنه، أنه وبعد هزيمة الاتحاد السوفيتي في افغانستان، اتجهت التنظيمات الإرهابية المتسترة بالدين والمفهوم المغلوط للجهاد إلى البحث عن نصيب لها من الغنائم التي ظفر بها شركاؤها في الغرب خاصة وقد تضخم لديها الشعور بأنها كانت السبب المباشر الذي مهد الطريق لانهيار المعسكر الاشتراكي ونهاية الحرب الباردة. وهو ما برزت ملامحه في ظهور حركة «طالبان» في افغانستان التي سارعت إلى إعلان هذا البلد إمارة إسلامية عالمية ترنو إلى إخضاع جميع شعوب الأرض لحكم «ملالي» تلك الحركة. ويفهم من كل ذلك أن جهود اليمن في مواجهة آفة الإرهاب التي أصبحت آفة عالمية لا دين لها ولا وطن تنطلق مما تفرضه مصالحه الوطنية، كما أن تعاونه في إطار الحملة الدولية المصوبة نحو مكافحة هذه الظاهرة، التي تتهدد بمخاطرها الأمن والسلم العالميين، يستند إلى عميق إيمانه بأن الأمن الإقليمي والدولي حلقة متشابكة وأن أي تعاون في هذا الجانب هو من المسؤوليات التي تقع على الجميع بلا استثناء ودون أن يلغي ذلك حق التوافق والاختلاف حيال مسألة رؤية كل طرف لمفهوم الإرهاب. ولهذا فقد دعت قيادتنا السياسية ممثلة بفخامة الأخ الرئىس علي عبدالله صالح المجتمع الدولي أكثر من مرة إلى وضع تعريف محدد لمفهوم الإرهاب، ينهي الخلط الذي نجد بعض مظاهره في مايطلق على المقاومة الفلسطينية ونضالها المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، على الرغم من أن كل المواثيق الدولية تقر حق الشعوب في التحرر ونيل استقلالها. وفي كل الأحوال ما كان لليمن إحراز كل تلك النجاحات في حربه ضد الإرهاب دون تعاون كل أبنائه الذين يلتقون على رفض ظاهرة الإرهاب وأفعالها المنكرة وتجمعهم القناعة المشتركة بأن من لا يرعى حرمة دماء وأموال وأعراض المسلمين والمستأمنين ليس بمسلم أو على ملة الإسلام.