مع ولوج شهر رمضان المبارك نتضرع إلى المولى عز وجل أن تكون أيامه خيراً على أمتنا وشعبنا ووطننا وأن نستلهم من روحانيته قيم التوحد والتعاضد والتكافل والتعاون على البر والتقوى ونبذ كل ما يزرع الفرقة ويبث الكراهية والبغضاء بين أبناء الشعب الواحد والوطن الواحد. صحيح أن هناك بعض المنغصات التي تفسد على الناس الأجواء الرمضانية المباركة كما هو الحال في ممارسات بعض التجار الذين دأبوا على تعكير صفو رمضان الخير بإشعال فتيل الأسعار واحتكار سلع أساسية وإحداث أزمات مثل أزمة الغاز التي باتت ترافق مقدم رمضان في كل عام.. إضافة إلى مظاهر الانطفاءات الكهربائية التي تتكرر بشكل يفقد الكثيرين أعصابهم نتيجة تأثيرها على تعطيل وتأخير وإنجاز أعمال منزلية، وتأثيرها على حرمان الكثيرين من متابعة الفضائيات سواء بالنسبة لمن يحرصون على متابعة الصلوات وخصوصاً صلاة التراويح من المسجد الحرام.. أو الشباب والعائلات التي تتابع برامج ومسلسلات دينية ودرامية وكوميدية بات يعج بها الشهر الكريم. لكن برغم كل ذلك هناك الكثير مما ينبغي أن ننظر إليه بتفاؤل ونتطلع إلى أن يجسده الجميع عبر مراجعة ومحاسبة للذات تجعل الميسورين ينظرون إلى أن هناك الكثيرين ممن يعيشون حالة فقر مدقع وأوضاع صعبة ينبغي العطف عليهم ومد يد العون والمساعدة والتراحم والتكافل اتساقاً مع ما أوجبه الإسلام. كما أن أولئك الذين أفسدوا كثيراً وحصلوا على ثروات وامتيازات ومكاسب غير مشروعة ومارسوا أعمالاً أضرت بالمال العام وبالنظام والقانون وأدت إلى انعكاسات اقتصادية واجتماعية وسياسية سلبية وخطيرة على المجتمع والوطن مطالبون بأن يستلهموا من هذا الشهر قيم الخير والمحبة، وأن يتقوا الله في أنفسهم وفي شعبهم ووطنهم ويدركوا أن أعمالهم وممارساتهم السيئة ستكون وبالاً عليهم في الدنيا والآخرة، مثلما أنها كانت وبالاً على هذا الوطن بما قادت إليه من زيادة الظروف المعيشية صعوبة وجعلت من ظاهرة الفقر وظاهرة البطالة وغياب الالتزام بالنظام والقانون أرضية خصبة لبروز مظاهر تخريبية وتدميرية تحت يافطة مطالب وحقوق مجتمعية. وإذا كنا جميعاً نتفق على أن الدولة مطالبة بأن تقوم بواجباتها الدستورية وتتصدى بحزم وحسم لكل أعمال التخريب والتدمير أكانت تحت دعاوى طائفية ومذهبية أو عنصرية أو مناطقية وجهوية.. فإننا بالمقابل نتطلع إلى مسار آخر موازٍ للمعالجات المطلوبة يتمثل في الحوار والالتقاء على كلمة سواء بين كل القوى الوطنية والسياسية والحزبية من أجل تجاوز كل الإشكالات والأزمات وتغليب مصلحة الوطن على كل المصالح الذاتية والأنانية والحزبية والفئوية. فهذا الوطن الذي قال عنه سبحانه وتعالى «بلدة طيبة ورب غفور» وهذا الشعب الذي وصفه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله: «جاءكم أهل اليمن هم أرق قلوباً وألين أفئدة، الإيمان يمان والحكمة يمانية» يستحقان من الجميع التعامل بمسئولية وبالتزام وطني وديني وأخلاقي، وبنوايا صادقة ومخلصة.. وأنا على يقين أنه إذا ما وجدت هذه النوايا الصادقة فستصغر كل الإشكالات والمعوقات وسيكون ما يجمع أكثر مما يفرق، وما يوحد أكثر مما يشتت.. وسيكون الجميع هو الرابح وليس هناك من خاسر سوى دعاة الفتنة والمتربصين بهذا الوطن والمتآمرين الذين يريدون له أن لا يكون موحداً ولا آمنا ولا مستقراً ولا مزدهراً. [email protected]