من مآثر الصحابي اليماني الجليل المقداد بن الأسود الكندي رضي الله عنه دوره الفذ في تحويل المسار باتجاه المواجهة وتصليب موقف المسلمين في موقعة بدر الكبرى حيث كان التوازن مفقوداً بين قوات المسلمين وقوات المشركين وذلك عندما طلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المشورة من الصحابة. وقد جاء في قول المقداد: يارسول الله امض لأمر الله فنحن معك والله لانقول كما قالت بنو اسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ولكن اذهب انت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه». تذكرت وتأملت هذا المشهد العظيم الذي جرت أحداثه في 17 رمضان ومشهداً آخر جرى في وطننا وفي نفس التاريخ 17 رمضان .. وفي نفس الظروف حيث تتداعى بما يعرف بلجنة الحوار الوطني كان لأحزاب المعارضة وما يعرف بتكتل اللقاء المشترك نصيب الأسد وأعلن عن وثيقة «الانقاذ الوطني» ونادت بوقف الحرب على صعدة. لقد غدا حالهم وأمام الملأ وازاء ما تعرض ويتعرض له الوطن من فتنة المتمردين الحوشين بقول اذهب انت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون. إنا ههنا قاعدون لأن الحرب في صعدة أصبحت في نظرهم مجرد ازمة تعصف بالبلاد وتدفع بها سريعاً إلى حافة الانهيار إنا هاهنا قاعدون لاننا نعرف جيداً كيف نحيك الدسائس ونصطاد في المياه العكرة ونذرف دموع التماسيح وحربنا من نوع آخر حرب الدعاية والتحريض وتصدير الإشاعات وخدش وجه الوطن. إنا هاهنا قاعدون وكأن الذين يقاتلون في صعدة من اجل نظام وسيادة واستقرار الوطن لا ينتمون الينا ولا دماؤهم مثل دمائنا. إنا هاهنا قاعدون لأن لغة صناديق الاقتراع هزمتنا ولان علامة «*» ارتبطت بنا ومن قبل شعبنا..!! إنا هاهنا قاعدون مكرشون مهترئون متريشون نحن الذين سبقنا الزمن وأصبحنا أسيرى الحلقة المفرغة بل وأصبح كل منا نيرون جديد يشعل الحرائق ويصب الزيت على النار ويغني..!! إنا هاهنا قاعدون نتقن فقط تصدير الأزمات وعندما تعصف بالوطن محنة ما نهرع إلى إصدار وإعلان وثيقة تحت اي مسمى ولغرض في نفس يعقوب..!! نعم إنا هاهنا قاعدون حيناً خلف طاولة مستطيلة وحينا آخر خلف طاولة مستديرة وفي أكثر الأحيان في غرف مظلمة ..!! ثم حيناً خلف ميكرفون مشبوة وحيناً آخر خلف ميكرفون مأزوم وفي اكثر الأحيان خلف ميكرفون مأجور!! والخلاصة: فلتظلوا قاعدين وعلى قارعة الطريق وتحت عمود ضوء مكسور. لقد تعبنا من ضجيجكم وصراخكم وعويلكم وحتى من إطلالتكم من شاشات تلفاز نعرف نواياها وهي تعرف من أين تؤكل الكتف. مع التذكير فقط ان هذا الوطن الذي انتصر لثورته ولجمهوريته ولوحدته علمنا وحصننا ضد المؤامرات والدسائس وكيف تحطمت تلك المؤامرات على صخرة الصمود والتصدي والوعي الوطني. علمنا وطن الايمان والحكمة ان حبه عباده والموت في سيبل أمنه واستقراره شهادة وأنه كان وسيكون وعلى مر التاريخ مقبرة للغزاة والطامعين وأصحاب القلوب المريضة. هذا وطن طيب لقوله تعالى «بلدة طيبة ورب غفور» ووطن مبارك لدعاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له: «اللهم بارك لنا في يمننا». إذن من ذا يستطيع المساس بأمنه واستقراره ووحدته الوطنية ومنجزاته ومكاسبه من ذا الذي يستطيع تغطية عين الشمس والضوء ويحاول أن يعيدنا إلى قمقم التخلف والانفلات.