لعلنا لا نتجاوز الحقيقة إذا ما قلنا أن العناصر الخارجة على النظام والقانون والدستور، التي قامت بإشعال فتنة التمرد والتخريب في بعض مديريات محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان بعمران، ليست سوى جماعة ظلامية وكهنوتية اعتنقت فكر الإرهاب لتنفيذ مشروعها العنصري المقيت، الذي يستند إلى ادعاء كاذب واعتقاد زائف، يتصادم مع روح الإسلام ومنهجيته ومبادئه السامية وقيمه السمحة التي لم تعط فرداً أو جماعة الوصاية على أمر المسلمين والادعاء بالحق الإلهي في الحكم، حيث جعل الأمر شورى بين الناس لاختيار من يصلح لحكمهم، وتسيير شؤونهم، وهو المبدأ الذي وجد تطبيقاته الأولى في الطابع الذي اتسم به اختيار الخلفاء الراشدين عقب وفاة الرسول الكريم محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم. حيث لم يظهر هناك من يدعي حقاً إلهياً في الخلافة، بل كانت الشورى هي السمة الناظمة لهذا الأمر، ولذلك فإن أسوأ ما أصيبت به قيادات التمرد والتخريب والإرهاب بصعدة، هو تلك الغواية الشيطانية التي زينت لها أنها تمتلك صكاً إلهياً في الحكم، ليعشعش هذا الفكر الضال في عقلياتها المريضة التي لم تعد تفقه أن ذلك افتئات على الدين والناس ونكوص عن المعاني العظيمة للإسلام. وإنه لمن المحزن والمؤلم لكل منا أن تطل علينا مثل هذه الحالة البائسة والفكر المنحرف بعد 47 عاماً من قيام الثورة اليمنية المباركة، التي حررت الإنسان اليمني من غيبوبة الجهالة والتخلف وغيمات الكهنوت السوداء، ونقلته إلى فضاءات الحداثة والمعاصرة والتطور، التي لا مجال فيها لتضليل الناس بمثل تلك الترهات والمفاهيم الضالة التي لا يقبلها عقل ولا منطق. وإذا ما استعرضنا مسلسل أحداث هذا التمرد، منذ المواجهة الأولى صيف عام 2004م سنجد أن هذه العناصر قد أخذت المنحى الإرهابي واتجهت إلى تنفيذ أجندة خارجية تستهدف اليمن وثورته ووحدته وأمنه واستقراره، ولم يكن ترديد شعار «الموت لأمريكا» «الموت لإسرائيل» سوى غطاء استخدمته قيادات التمرد لتضليل بعض الشباب من صغار السن وغير الراشدين وغسل أدمغتهم ودفعهم إلى محرقة الموت، بدليل أن من ظلوا يرفعون ذلك الشعار ومعهم أتباعهم ممن تم التغرير بهم والتدليس على عقولهم القاصرة قد وجهوا أسلحتهم لقتل اليمنيين من المواطنين الأبرياء وتدمير منازلهم، وسلب ممتلكاتهم، واستباحة أعراضهم، وقطع الطرقات الآمنة، وانتهاك حق المجتمع في الأمن والاستقرار وشن الاعتداءات الغادرة على أفراد القوات المسلحة والأمن. والأسئلة التي تطرح نفسها اليوم: كم إسرائيلياً قام بقتلهم أولئك الإرهابيون أصحاب ذلك الشعار في محافظة صعدة أو خارجها؟ وهل المسألة تكمن فقط في ترديد الشعار والتعبير عن كرههم لأمريكا وإسرائيل..؟ أم أن هناك أهدافاً أخرى سبق وأن عبر عنها الإرهابي عبدالملك الحوثي في أول ظهور له في تسجيل مصور عرض على شبكة الانترنت نهاية الشهر الماضي وحرص على أن يظهر وإلى جانبه لوحة بذلك الشعار متقمصاً أسلوب تنظيم القاعدة وخطاباته ومحاكياً مخططات هذا التنظيم الإرهابي، في واحدة من أبرز القرائن الدالة على مدى ارتباط هذا التمرد بالتنظيمات الإرهابية وأنه صار ينهل مع تلك التنظيمات من نبع واحد، فما يهم الإرهابي الحوثي هو بلوغ أهدافه الدنيئة، دون إدراك أن ما يساوره من أوهام وأحلام يستحيل لها أن تتحقق لتعارضها مع سنن الحياة وإرادة الشعب اليمني التي هي من إرادة الله. وما لم يدركه أيضاً هذا الإرهابي المخبول أنه لا هو ولا دهاقنة الإرهاب ولا أصحاب المشاريع الصغيرة ولا كل من يضمرون لليمن الشر سيتمكنون من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء واسترجاع أزمنة القهر والاستبداد الكهنوتي والنظام الإمامي المباد وأزمنة التجزئة والتشطير، التي سقطت تحت أقدام أبناء الشعب اليمني بانتصار ثورته المجيدة 26 سبتمبر، 14اكتوبر وقيام وحدته المباركة في ال22 من مايو 1990م، وبالتالي فإن ما يحلمون به هو من سابع المستحيلات. وليس أمام هذا الإرهابي إلاّ أن يختار نهايته إما بالرضوخ للنقاط التي حملتها مبادرة الحكومة لإيقاف العمليات العسكرية أو السقوط الحتمي تحت ضربات أبطال القوات المسلحة والأمن، ومن خلفهم كل أبناء الوطن الشرفاء، الذين عزموا على اجتثاث فيروس الفتنة وقطع دابر الإرهاب وعناصره المجترئة على الله والدولة والدستور والقانون، وتخليص اليمن من أخطار هذا الفيروس اللعين، وأفكاره الضالة ونوازعه الإجرامية، التي تسعى إلى إغراق اليمن في مستنقع التعصب والتطرف والإرهاب ودفعه إلى مهاوي الضياع.