من المضحك والمبكي في آن واحد، أن يتقمص البعض رداء الوطنية ودور المصلح الحريص على مصالح البلاد والعباد، على الرغم من أنه يعلم علم اليقين أن ما يمارسه من زيف وخداع ومكر بغية تلميع نفسه ومحاولة الظهور كصاحب دور على الساحة، هو سعي مفضوح لا يمكن أن ينطلي على أحد من أبناء الشعب اليمني، الذين لا يجهلون حقيقته ودوره الانتهازي ومسلكه الذي تفوح منه روائح الفساد النتنة، والتي أصبحت مضرباً للأمثال، إزاء ذلك الأسلوب الرخيص الذي يتبعه هذا الصنف من الناس، من أجل إشباع نهمه من المال الحرام وتحقيق الثراء بطرق غير مشروعة. والأعجب من كل ذلك أن يعمد هؤلاء المتطفلون على الحياة السياسية والحزبية إلى ذرّ الرماد على العيون، وتسول مشاعر التعاطف في الداخل والخارج، من خلال محاولته الإيحاء للآخرين بأنه يتمتع بثقل في الساحة السياسية والوطنية، مع أن الحقيقة أن من يلتف حوله ليس سوى مجموعة محدودة ممن يغدق عليهم بالأموال، أو من هم على شاكلته من الباحثين عن أدوار، أو أولئك الذين لفظهم الزمن أوصاروا خارج العصر، ويعتقدون أنهم، وعبر هذه النافذة، سيخرجون من قبو الأموات إلى كراسي السلطة التي يحلمون بالقفز إليها من الأبواب الخلفية، بعد أن عجزوا عن ذلك، عبر بوابة الديمقراطية وصناديق الاقتراع. ومن العجيب والغريب أن يتدثر هؤلاء بلباس الوطنية والزهد والصلاح دون حياء أو خجل من هذا الشعب الذي يتحدثون باسمه زورا وبهتانا، أو إدراك أن مثل هذا التغابي لن يخرجهم من الدائرة الضيقة التي وضعتهم مواقفهم فيها، بسبب إمعانهم في التآمر على هذا الوطن، وسعيهم الدائم لإجهاض عملية التطوير والتحديث، ونسجهم للتحالفات المشبوهة مع أعداء اليمن والطامحين إلى تمزيق وحدته وزعزعة أمنه واستقراره، وافتعالهم للأزمات التي انعكست بتأثيراتها في تخويف الاستثمارات مما أدى إلى عزوف أصحابها عن القدوم إلى اليمن، ليلحقوا بذلك الضرر البالغ بقطاع واسع من أبناء هذا الشعب، الذين كانوا يأملون أن تؤمن لهم تلك المشاريع الاستثمارية فرص العمل والحصول على مصادر الرزق، والتحرر من عناء البطالة. فكيف لمن حرم الآلاف من لقمة العيش أن يدعي حرصه على هذا الوطن ومصالح أبنائه؟. بل وكيف لعاقل أن يصدق أن من انغمس حتى أذنيه في أوحال الفساد والصفقات المشبوهة يمكن أن يصبح بين ليلة وضحاها زاهداً ونقياً من الخطايا وهو الذي تلبسته النزوات إلى درجة أنه يستحيل عليه العيش بمعزل عنها؟! والأسوأ من ذلك.. كيف لمن لم يتورع عن المتاجرة بقضايا الوطن والتمصلح من ورائها واتخاذها مجالا للمساومة والابتزاز بهدف جني بعض المغانم المادية، أن يتحدث عن الوطنية والمصلحة العامة؟! وهل يمكن أن يرتجى خير أو نفع من شخص أو أشخاص تطبعوا على الشمولية ويسعون إلى الانقلاب على الديمقراطية وتجاوز الشرعية الدستورية وسلطات المجتمع المنتخبة ومبدأ التداول السلمي للسلطة، وإرادة الشعب في صناديق الاقتراع، من أجل فرض أنفسهم أوصياء على هذا الشعب أن تتوفر لديهم أهلية الشخصية المتزنة والسوية، التي يمكن أن تحوز على ثقة الناس؟! إن من الغباء أن يظن هؤلاء أنهم ومن خلال أساليب الخداع والزيف سيتمكنون من إخفاء أهدافهم ونواياهم، السيئة خاصة بعد أن صارت حقيقتهم مكشوفة لكل أبناء الشعب اليمني، الذين هم وبلا شك يرقبون ويرصدون تحركاتهم المشبوهة، ويعملون على مجابهة وإسقاط محاولاتهم الرامية إلى الانزلاق بالوطن إلى مهاوي الفوضى والانفلات. والغريب والمريب أن تصبح بعض الكيانات الحزبية مرتعا خصباً لأنشطة هذه العناصر النفعية والمتطفلة التي لجأت إلى استخدام الأحزاب التي تنتمي لها، كمظلة لحمايتها ونشاطها التآمري على الديمقراطية، دون أي اعتبار لبرامج وأنظمة هذه الأحزاب والأسس الناظمة لعملها في الساحة السياسية. ولاندري أين ذهب العقلاء داخل هذه الأحزاب ولماذا غلب عليهم الصمت إزاء تلك الممارسات التي تسيء إلى أحزابهم والمعايير المحكومة بها. وهل يعي أولئك الذين تركوا الحبل على الغارب لبعض المعتوهين لممارسة عبثهم داخل هذه الأحزاب، أن التاريخ لن يرحم، ولن يغفر لأي كان تساهله وعدم انتباهه لما تحمله أجندة هذا الصنف من النفعيين والمتخاذلين الذين لا يهمهم سوى تأمين مصالحهم ومنافعهم وصفقاتهم المشبوهة، حتى ولو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية. وعار وأي عار.. الاّ يكون لكل الشرفاء والمؤمنين بالنهج الديمقراطي موقف صريح من تلك الألاعيب التي يمارسها بعض الطائشين لمجرد إشباع نزواتهم المقيتة، التي يعتقدون أنها ستخرجهم من مربع الإدانة المعززة بالحقائق والشواهد والوقائع. ومتى نعلم أن الصغار سيبقون صغاراً ولا يمكن لهم ان يبنوا وطناً؟!!