موقف شجاع ان يعلن السيد محمود عباس «ابو مازن» رئيس السلطة الفلسطينية حقيقة الدور الامريكي المتحيز الى اسرائيل.. ويكشف حقيقة مماطلة الحكومة الصهيونية بزعامة بنيامين نتنياهو التي لم تنفذ بنداً واحداً من كل الاتفاقيات التي تمت تحت رعاية امريكية لتحقيق السلام وحل الدولتين وايقاف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات.. وهو الامر الذي جعل الرئيس محمود عباس يؤكد عدم ترشحه في الانتخابات الرئاسية القادمة حتى لا يتعرض لمزيد من الاحراج امام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والاسلامية.. ويكفي ما مورست عليه من ضغوطات خلال الفترة السابقة وتقديم التنازلات لاسرائيل لعل وعسى تستجيب لنداءات المجتمع الدولي بحل القضية الفلسطينية وتحقيق السلام في المنطقة.لا شك ان البعض قد يفسر هذه الخطوة الشجاعة التي اتخذها الرئيس محمود عباس كنوع من الضغط على الادارة الامريكية لكي تتحرك وتثبت انها صادقة فيما تبذله من جهود على استحياء لاقناع الحكومة الصهيونية للتجاوب مع مبادراتها, ثم بعد ذلك يعود ابو مازن الى سيرته الاولى كما عودنا الزعماء العرب الذين يقولون ما لا يفعلون، وخاصة اذا كان الامر متعلقاً بالحكم حيث من الصعب على اي منهم مغادرة الكرسي إلا الى القبر او السجن او النفي خارج البلاد.. وان كان الامل كبيراً في ان يفعلها الرئيس محمود عباس ويصر على موقفه هذا ولا يتراجع عنه على الاقل ليفتح الباب امام نظرائه من الزعماء العرب، ويثبت لهم ان بالامكان ان يكونوا كغيرهم من الرؤساء في الدول المتقدمة ملتزمين بما جاء في الدستور والقانون. لكن الأهم من ذلك كله هو ان الرئيس الفلسطيني كشف وبشكل سافر جداً ان مسألة تحقيق السلام في فلسطين هي اوهن من خيط العنكبوت.. وان المراهنين على الموقف الامريكي سواء كانوا عربا او اوروبيين او غيرهم من المنتمين الى الشعوب المحبة للسلام قد خرجوا من مراهنتهم خاسرين وعليهم ان يعلموا انهم اضعفوا الموقف الفلسطيني برهانهم الخاسر على الادارة الامريكية حتى لو كان على رأسها الرئيس باراك حسين اوباما، الذي لا يملك من امره شيئاً سوى تنفيذ ما هو مرسوم في الأجندة للسياسة الامريكية.ومن يقرأ الموقف الامريكي ازاء القضية الفلسطينية في عهد «اوباما» لا يجد فارقاً كبيراً بين ما كان يحدث في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، الذي اعلن موقفه المتعصب الى جانب اسرائيل صراحة، وكذب على العرب بما كان يعلنه عن اهمية قيام الدولة الفلسطينية المستقلة الى جانب اسرائيل بل واكد في اكثر من تصريح له ان موعد قيامها سيتحقق في عهده فأنتهت ولايته الثانية وغادر البيت الابيض والدولة الفلسطينية مدرجة على الورق كعملية تخدير لدغدغة عواطف الحكام العرب ممن يحسنون الظن في الادارة الامريكية.. وبالرغم من ان دولاً كثيرة عربية وغير عربية قد حذرت العرب من اسرائيل والاعبيها وحذرت ايضاً السلطة الفلسطينية، إلا ان المكابرة جعلتهم يستمرون في عنادهم ويراهنون بكل ثقة على الموقف الامريكي للضغط على اسرائيل لتقديم بعض التنازلات التي من شأنها ان تؤدي الى عودة عملية التفاوض، لكن المفاجأة جاءت هذه المرة على لسان الرئيس الفلسطيني نفسه عندما كشف كل شيء بصراحة، واراد ان يعفي نفسه من الاحراجات والضغوط التي تمارس عليه للقبول بالامر الواقع من خلال عدم ترشحه في الانتخابات القادمة وهو موقف حكيم فليس عيباً الاعتراف بالحقيقة والرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل. ان الشعوب العربية ستقف الى جانب الرئيس محمود عباس اذا ما اصَّر على موقفه.. اما اذا تراجع وخذلها فستفقد الثقة فيه نهائياً. وكان الله في عون الشعب الفلسطيني الذي يدفع الثمن غالياً بسبب المواقف العربية المتخاذلة من قضيته!!