من حق أي مواطن أن يتساءل عن تلك الحالة من الضبابية التي تطغى على مواقف أحزاب اللقاء المشترك، حيال الفتنة التي أشعلتها عناصر التخريب والإرهاب الحوثية في بعض مديريات محافظة صعدة، وأعمال العنف والفوضى التي يقترفها الخارجون على النظام والقانون في عدد من مناطق المحافظات الجنوبية، حيث أظهرت هذه الأحزاب مع الأسف الشديد بتلك المواقف المتلونة والسلبية، أنها تسير بالفعل عكس التيار، وكأنه لا علاقة لها البتة بما يحدث، وليست جزءاً من نسيج هذا البلد ومصفوفته السياسية والحزبية. والشيء الغريب حقاً أن تجنح أحزاب المشترك للصمت والتشفي إزاء ما يجري، في حين يقف كل أبناء الوطن من مختلف المناطق إلى جانب إخوانهم أبطال القوات المسلحة والأمن الذين يسطرون أنبل صور التضحية والفداء في مواجهة عناصر التخريب والإرهاب التي رفعت السلاح في وجه سلطة القانون وتمردت على الدستور وعاثت في الأرض فساداً، ومارست كل الجرائم، من خطف وقتل وتشريد للمواطنين في محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان. ونسأل قيادات هذه الأحزاب: أليس أولئك المواطنون الذين استبيحت دماؤهم وأعراضهم ونهبت ممتلكاتهم ومزارعهم من قبل عناصر غوغائية وفوضوية ومارقة، هي من ظلت تزايد بأنها من تدافع على مصالحهم وأمنهم وحياتهم؟ كما أن من تمتد إليهم أعمال التقطع والاختطاف في الطرقات الآمنة وإلحاق الأذى بهم، أثناء سفرهم إلى قراهم ومناطقهم من قبل بعض البلاطجة في الحبيلين أو في أي من الطرقات في بعض مديريات الضالع ولحج أليسوا من المواطنين الذين أصمت تلك القيادات الحزبية آذانهم بالشعارات الجوفاء والمزايدات الزائفة والإدعاءات الباطلة بالدفاع عن مطالبهم؟!. فلماذا عمدت قيادات هذه الأحزاب إلى الصمت وعدم التنديد واستنكار ورفض تلك الأفعال الإجرامية التي أحاقت بهم؟ وكيف يمكن تفسير هذا الصمت في قضايا جوهرية تمس المواطن والوطن بشكل مباشر؟ بل وكيف يمكن القبول بتخاذل كهذا تجاه شرذمة أعلنت الخروج على الدستور والشرعية الديمقراطية ومبادئ الثورة والنظام الجمهوري، ولجأت إلى الكهوف والمتارس لسفك دماء الأبرياء والاعتداء على المواطنين وأبناء القوات المسلحة والأمن؟ أليست هذه الأحزاب من ظلت تطالب الدولة بفرض قواعد النظام والقانون وتنتقد كل تصرف ينتهك هذه القواعد؟. وما دام الأمر كذلك فبأي وجه نفهم قيام هذه الأحزاب بالتماهي والتناغم مع خطاب عناصر التخريب والإرهاب الحوثية والغوغائيين من أتباع ما يسمى بالحراك؟. أليس الإرهابي عبدالملك الحوثي هو من قام بفرض نفسه بديلاً عن السلطة المحلية المخولة دستورياً وقانونياً بحماية النظام وأمن وسكينة المجتمع؟ أليس هذا الإرهابي وأتباعه من مارسوا أعمال القتل والتدمير واستباحوا أرواح ودماء المواطنين وفرضوا الضرائب والزكاة والإتاوات دون وجه حق على أبناء محافظة صعدة ومديرية حرف سفيان وجعلوا أنفسهم دولة داخل الدولة؟. وبقدر ما يثيره هذا السكوت والصمت من علامات الاستفهام فإنه الذي أصبح موضع استياء المواطنين، الذين وجدوا أحزاباً محسوبة عليهم تهادن في قضايا مصيرية تستهدف أمن الوطن الذين ينتمون إليه. وتخطئ قيادات هذه الأحزاب في حساباتها إذا ما راهنت على أن هذه الفتن ستقوض مناعة الدولة وتخطئ أكثر إذا اعتقدت أنها ستكون البديل، لأن البديل إذا ما حلت الفوضى لن يكون سوى الفوضى. وما ينبغي التأكيد عليه أنه وفي ظل الخيار الديمقراطي الذي اختارته بلادنا نهجاً لا رجعة عنه، فلا مجال لأي رهان للوصول إلى السلطة سوى الرهان على صناديق الاقتراع. ويستحيل في ظل نهج الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة لأي حزب أو أحزاب سياسية أن تصل إلى السلطة من بوابة غير بوابة الديمقراطية. وهل تعلم أحزاب المشترك أن احداً لم يسمع أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي في السويد الذي بقي في المعارضة 78 عاماً قد حاول يوماً القفز إلى السلطة عن طريق إثارة الأزمات لمجرد رغبته في الحكم، كما لم يسمع أحداً أيضاً أن حزب العمال البريطاني الذي تأسس عام 1900م قد عبر عن ضيقه من عدم تحقيقه الأغلبية لمدة 45 عاماً ظل يشارك فيها بالانتخابات دون أن يصل إلى مبتغاه حتى تحقق له ذلك عام 1945م. وما دام الأمر كذلك فإن الأحرى بأحزاب المشترك الاستفادة من تجارب الآخرين والإدراك جيداً أنها لن تبقى حاضرة في الوعي الاجتماعي ما لم تتبن قضايا المجتمع وتحافظ على ثوابته وتدافع عن مكاسب ثورته ووحدته. فالوطن لن يكون إلاّ مع من يكون معه.