أياً يكن مقدار القوة العسكرية الذي تتمتع به اسرائيل، فأنها ليست قادرة على هزيمة الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف. تنتصر اسرائيل عندما تواجه بالسلاح والعمليات الانتحارية والصواريخ العشوائية مثل تلك التي تطلق هذه الأيام من قطاع غزة. وتخسر عندما تكون هناك رؤية فلسطينية واضحة للأمور ومشروع سياسي معقول ومقبول من المجتمع الدولي. وتخسر خصوصاً عندما يكون هناك في فلسطين من يبني ويؤسس للدولة الفلسطينية التي سترى النور عاجلاً ام آجلاً... مهما طال الزمن ومهما بلغت التحديات. كانت مناسبة احتفال الشعب الفلسطيني بذكرى "يوم الأرض" ذات معنى عميق هذه السنة. وذلك ليس عائداً الى ان الفلسطينيين اظهروا مرة اخرى مدى تعلقهم بالأرض فحسب، بل بسبب عوامل عدة اخرى. في طليعة هذه العوامل تمسك الرئيس الفلسطيني السيد محمود عبّاس (ابو مازن) بالثوابت ورفضه العودة الى المفاوضات من دون تجميد الاستيطان الاسرائيلي من جهة ومن دون مرجعية واضحة لعملية التفاوض. تتمثل المرجعية بالضمانات التي أعطيت للجانب الفلسطيني قبيل مؤتمر مدريد في العام 1991 فضلاً عن تاكيداً واضح بأن حدود الدولة الفلسطينية سترسم على اساس خطوط العام 1976م، على ان تكون القدس الشرقية عاصمتها. من العوامل الأخرى التي تصب في مصلحة الفلسطينيين وقضيتهم، التي هي قضية شعب اولاً، وجود حكومة فلسطينية تتعاطى مع الواقع وتبني مؤسسات الدولة المستقلة. رئيس هذه الحكومة لم يختر "يوم الارض" لاطلاق صاروخ في اتجاه الاسرائيليين. على العكس من ذلك، اراد ان يقول: ان المقاومة الحقيقية للاحتلال لا تكون عن طريق العنف. المقاومة تمارس عن طريق التمسك بالأرض. لذلك توجه الدكتور سلام فياض الى الأرض وزرع شجرة زيتون وشارك في حراثة احد الحقول كما شارك فلاحين فلسطينيين طعامهم بعد افتراشه الأرض معهم. انها تصرفات ذات طابع رمزي تعطي فكرة عن التوجه الفلسطيني. انه توجه سلمي مشروع يصب في مشروع بناء الدولة ودحر الإحتلال. ثمة عامل ثالث لا يمكن تجاهله. انه المؤتمر الصحافي الذي عقده عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومفوض الإعلام والثقافة في الحركة السيد محمد دحلان واكد فيه دعم الإدارة الأميركية في توجهها الهادف الى طرح مبادرة سلام خاصة بها. يأتي التشجيع الفلسطيني للأميركيين على الإقدام على خطوة في الإتجاه الصحيح في وقت تتصرف حكومة بنيامين نتانياهو بطريقة تريد من خلالها افهام الرئيس باراك اوباما ان اسرائيل هي التي تتحكم بالأجندة الأميركية في الشرق الأوسط وليس العكس. ليس ممكناً بالطبع الرهان كلياً على السياسة الاميركية في الشرق الأوسط. لكن الجانب الفلسطيني بدأ يفهم اخيراً ان من بين الأسباب التي أدت الى تراجع القضية الفلسطينية ابتداءً من اواخر العام 2000 السقوط في فخ عسكرة الإنتفاضة من جهة وقطع قنوات الاتصال مع البيت الأبيض من جهة اخرى. اعتبر ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتذاك، انه صار في استطاعته محاصرة ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، في "المقاطعة" وقطع الهواء النقي عنه لمجرد ان العلاقات انقطعت بين "ابو عمّار" وواشنطن. كانت تلك لحظة الانتصار بالنسبة الى شارون الذي كان يعرف انه لا يستطيع ان يفعل شيئا مع الزعيم الفلسطيني ما دامت ابواب البيت الأبيض مفتوحة له. تعلّم الفلسطينيون من دروس الماضي القريب. لا عسكرة للأنتفاضة بعد الآن. لا قطيعة مع واشنطن، بل اقصى التجاوب مع ما تطرحه حتى لو كان هذا الطرح في اطار الحدّ الأدنى. ما يدل على التعقل الفلسطيني ورفض الضفة الغربية الانضمام الى حملة اطلاق الصواريخ. تكمن اهمية الموقف العاقل الذي تعتمده السلطة الوطنية والحكومة المنبثقة عنها، بالتفاهم مع "فتح"، في ان الخيارات الفلسطينية محدودة. ظهر ذلك بوضوح خلال حرب غزة الأخيرة. ماذا فعلت ايران للغزاويين باستثناء انها ارادت تعبئتهم في وجه مصر؟ ما تطرحه السلطة الوطنية حالياً يمكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. سيتبين ان المشروع الذي تطرحه حكومة بنيامين نتانياهو، هذا اذا بقيت في السلطة وفي شكلها الحالي، لا يتعارض مع منطق التاريخ فحسب، بل يصطدم بالمصالح الأستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا ايضا. كيف تستطيع اي ادارة اميركية او اي دولة اوروبية الدفاع عن الاحتلال وعن سلب الحقوق الوطنية لشعب بكامله في وقت يخوض الاميركيون والأوروبيون حرباً على الارهاب؟ بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبها ياسر عرفات اكان ذلك في الأردن او لبنان او في الأراضي الفلسطينية نفسها، يبقى ان الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني اوجد الهوية الفلسطينية وهو يطرق ابواب القدس يوميا بقوة من حيث هو. يفترض في الجانب الفلسطيني ألا يضيع الفرصة التي سنحت له في السنة 2010م والتي تتمثل بأمتلاكه مشروعه السياسي المقبول من المجتمع الدولي في وجه المشروع الاسرائيلي الذي لا يمكن وضعه الا تحت لافتة ارهاب الدولة. هل يمكن لارهاب الدولة الانتصار على شعب يعرف تماماً ما الذي يريده اضافةً الى انه لا ينوي الإعتداء على احد وأنه لا يطمح الى اكثر من ممارسة حقوقه المشروعة "غير القابلة للتصرف" استنادا الى قرارات الاممالمتحدة؟ كل التجارب التاريخية للشعوب تدل على ان الفلسطينيين على الطريق الصحيح، خصوصا ان سيطرة "حماس" على قطاع غزة كان تجربة فاشلة وان المشروع الطالباني الذي تنادي به الحركة يشارف على نهايته وان المسألة مسألة وقت ليس الاّ. تحول مشروع "حماس" للأسف الشديد الى خشبة الخلاص الوحيدة لحكومة نتانياهو التي لم يعد لديها ما تقوله سوى ان "حماس" تريد بدعم من الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ازالة اسرائيل من الوجود!.
أياً يكن مقدار القوة العسكرية الذي تتمتع به اسرائيل، فأنها ليست قادرة على هزيمة الشعب الفلسطيني في نهاية المطاف. تنتصر اسرائيل عندما تواجه بالسلاح والعمليات الانتحارية والصواريخ العشوائية مثل تلك التي تطلق هذه الأيام من قطاع غزة. وتخسر عندما تكون هناك رؤية فلسطينية واضحة للأمور ومشروع سياسي معقول ومقبول من المجتمع الدولي. وتخسر خصوصاً عندما يكون هناك في فلسطين من يبني ويؤسس للدولة الفلسطينية التي سترى النور عاجلاً ام آجلاً... مهما طال الزمن ومهما بلغت التحديات. كانت مناسبة احتفال الشعب الفلسطيني بذكرى "يوم الأرض" ذات معنى عميق هذه السنة. وذلك ليس عائداً الى ان الفلسطينيين اظهروا مرة اخرى مدى تعلقهم بالأرض فحسب، بل بسبب عوامل عدة اخرى. في طليعة هذه العوامل تمسك الرئيس الفلسطيني السيد محمود عبّاس (ابو مازن) بالثوابت ورفضه العودة الى المفاوضات من دون تجميد الاستيطان الاسرائيلي من جهة ومن دون مرجعية واضحة لعملية التفاوض. تتمثل المرجعية بالضمانات التي أعطيت للجانب الفلسطيني قبيل مؤتمر مدريد في العام 1991 فضلاً عن تاكيداً واضح بأن حدود الدولة الفلسطينية سترسم على اساس خطوط العام 1976م، على ان تكون القدس الشرقية عاصمتها. من العوامل الأخرى التي تصب في مصلحة الفلسطينيين وقضيتهم، التي هي قضية شعب اولاً، وجود حكومة فلسطينية تتعاطى مع الواقع وتبني مؤسسات الدولة المستقلة. رئيس هذه الحكومة لم يختر "يوم الارض" لاطلاق صاروخ في اتجاه الاسرائيليين. على العكس من ذلك، اراد ان يقول: ان المقاومة الحقيقية للاحتلال لا تكون عن طريق العنف. المقاومة تمارس عن طريق التمسك بالأرض. لذلك توجه الدكتور سلام فياض الى الأرض وزرع شجرة زيتون وشارك في حراثة احد الحقول كما شارك فلاحين فلسطينيين طعامهم بعد افتراشه الأرض معهم. انها تصرفات ذات طابع رمزي تعطي فكرة عن التوجه الفلسطيني. انه توجه سلمي مشروع يصب في مشروع بناء الدولة ودحر الإحتلال. ثمة عامل ثالث لا يمكن تجاهله. انه المؤتمر الصحافي الذي عقده عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" ومفوض الإعلام والثقافة في الحركة السيد محمد دحلان واكد فيه دعم الإدارة الأميركية في توجهها الهادف الى طرح مبادرة سلام خاصة بها. يأتي التشجيع الفلسطيني للأميركيين على الإقدام على خطوة في الإتجاه الصحيح في وقت تتصرف حكومة بنيامين نتانياهو بطريقة تريد من خلالها افهام الرئيس باراك اوباما ان اسرائيل هي التي تتحكم بالأجندة الأميركية في الشرق الأوسط وليس العكس. ليس ممكناً بالطبع الرهان كلياً على السياسة الاميركية في الشرق الأوسط. لكن الجانب الفلسطيني بدأ يفهم اخيراً ان من بين الأسباب التي أدت الى تراجع القضية الفلسطينية ابتداءً من اواخر العام 2000 السقوط في فخ عسكرة الإنتفاضة من جهة وقطع قنوات الاتصال مع البيت الأبيض من جهة اخرى. اعتبر ارييل شارون رئيس الوزراء الاسرائيلي وقتذاك، انه صار في استطاعته محاصرة ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، في "المقاطعة" وقطع الهواء النقي عنه لمجرد ان العلاقات انقطعت بين "ابو عمّار" وواشنطن. كانت تلك لحظة الانتصار بالنسبة الى شارون الذي كان يعرف انه لا يستطيع ان يفعل شيئا مع الزعيم الفلسطيني ما دامت ابواب البيت الأبيض مفتوحة له. تعلّم الفلسطينيون من دروس الماضي القريب. لا عسكرة للأنتفاضة بعد الآن. لا قطيعة مع واشنطن، بل اقصى التجاوب مع ما تطرحه حتى لو كان هذا الطرح في اطار الحدّ الأدنى. ما يدل على التعقل الفلسطيني ورفض الضفة الغربية الانضمام الى حملة اطلاق الصواريخ. تكمن اهمية الموقف العاقل الذي تعتمده السلطة الوطنية والحكومة المنبثقة عنها، بالتفاهم مع "فتح"، في ان الخيارات الفلسطينية محدودة. ظهر ذلك بوضوح خلال حرب غزة الأخيرة. ماذا فعلت ايران للغزاويين باستثناء انها ارادت تعبئتهم في وجه مصر؟ ما تطرحه السلطة الوطنية حالياً يمكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية في غضون الأشهر القليلة المقبلة. سيتبين ان المشروع الذي تطرحه حكومة بنيامين نتانياهو، هذا اذا بقيت في السلطة وفي شكلها الحالي، لا يتعارض مع منطق التاريخ فحسب، بل يصطدم بالمصالح الأستراتيجية للولايات المتحدة وأوروبا ايضا. كيف تستطيع اي ادارة اميركية او اي دولة اوروبية الدفاع عن الاحتلال وعن سلب الحقوق الوطنية لشعب بكامله في وقت يخوض الاميركيون والأوروبيون حرباً على الارهاب؟ بغض النظر عن الأخطاء التي ارتكبها ياسر عرفات اكان ذلك في الأردن او لبنان او في الأراضي الفلسطينية نفسها، يبقى ان الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني اوجد الهوية الفلسطينية وهو يطرق ابواب القدس يوميا بقوة من حيث هو. يفترض في الجانب الفلسطيني ألا يضيع الفرصة التي سنحت له في السنة 2010م والتي تتمثل بأمتلاكه مشروعه السياسي المقبول من المجتمع الدولي في وجه المشروع الاسرائيلي الذي لا يمكن وضعه الا تحت لافتة ارهاب الدولة. هل يمكن لارهاب الدولة الانتصار على شعب يعرف تماماً ما الذي يريده اضافةً الى انه لا ينوي الإعتداء على احد وأنه لا يطمح الى اكثر من ممارسة حقوقه المشروعة "غير القابلة للتصرف" استنادا الى قرارات الاممالمتحدة؟ كل التجارب التاريخية للشعوب تدل على ان الفلسطينيين على الطريق الصحيح، خصوصا ان سيطرة "حماس" على قطاع غزة كان تجربة فاشلة وان المشروع الطالباني الذي تنادي به الحركة يشارف على نهايته وان المسألة مسألة وقت ليس الاّ. تحول مشروع "حماس" للأسف الشديد الى خشبة الخلاص الوحيدة لحكومة نتانياهو التي لم يعد لديها ما تقوله سوى ان "حماس" تريد بدعم من الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ازالة اسرائيل من الوجود!.