هناك مع الأسف الشديد من لا يزال يراهن على نشر الفوضى وإقلاق السكينة العامة من أجل تنفيذ أجندته ومشاريعه، سواء كانت سياسية، أو حزبية أو ترتبط بغايات ذاتية ومصالح شخصية، أو طموحات انتهازية فردية، دون وعي أو إدراك أن الفوضى لا تفرز سوى الخراب والدمار والآلام والمآسي والكوارث، التي يكون أول ضحاياها من ينسجون خيوطها ويعملون على إشاعتها ويسعون إلى استخدامها بهدف خلط الأوراق وإيجاد حالة من الاضطراب والانفلات في الواقع الاجتماعي، ظناً منهم أن هذه المناخات الملبدة بالتأزم والسحب السوداء الداكنة ستمكنهم من النفاذ إلى أهدافهم ومراميهم، بصرف النظر عن الأضرار الناجمة عن هذا الاندفاع وما يتسبب فيه من أذى بحق المجتمع والوطن والسلام الاجتماعي. ولأن هذا البعض الذي يراهن على الفوضى لا يهمه إلاّ كيف يحقق الأوهام التي عشعشت في ذهنه وبأية وسيلة فإنه لا يدخر جهداً ولا يترك حيلة من أجل إثارة الفتن، وإشعال الحرائق، وافتعال الأزمات، وتحريض ضعفاء النفوس على إقلاق الأمن والاستقرار، والتعدي على حرمات الطرق، ونهب المرافق العامة والخاصة، وممارسة أعمال البلطجة والتخريب ونشر الرعب بين الناس، إلى جانب استغلال بعض السذج في تعميم أباطيله وزيفه عبر تزيين أجندته التآمرية بمصطلحات وشعارات كاذبة تدغدغ عواطف البسطاء شأنه في ذلك شأن بعض المتفيقهين، الذين ينفذون من مواطن الشبهات فيبثون الفتن بين الناس، وصولاً إلى مصلحة دنيوية زائلة، وهؤلاء هم شياطين الإنس، الذين لا يروق لهم العيش إلاّ في ظل الأزمات والتوترات والصراعات الدامية. والأمر الذي لابد أن يفهمه الجميع هو أنَّ إشاعة الفوضى وتدمير مؤسسات الدولة سيؤدي إلى خلق مناخ مضطرب لايمكن لأحد السيطرة على تفاعلاته وتداعياته، وأنه إذا كان هناك مستفيد من هذا المناخ فلن يكون سوى تنظيم القاعدة الإرهابي، الذي حشد عناصره المتطرفة بغية السيطرة على محافظة أبين خاصة بعد أن أثبتت الوقائع أن جماعات هذا التنظيم صارت على علاقة وثيقة بحزب الإخوان المسلمين "الإصلاح"، الذي تماهى مع تنظيم القاعدة بصورة تعكس أن القوى المتطرفة فكراً ومنهجاً، صارت تتحرك انطلاقاً من استراتيجية واحدة وتخوض معتركها في اليمن من بوابة نشر الفوضى وتعميمها دون أن تأخذ في الاعتبار ما سيترتب على هذا المشروع التدميري من ويلات على الشعب اليمني. ولذلك فلا غرابة إن وجدنا حزب "الإخوان" يضع يده في يد تنظيم القاعدة ويشاركه حروبه، التي تستهدف القوات المسلحة والأمن وقيم الحرية والديمقراطية ومرتكزات الأمن والاستقرار، ومنظومة الحياة بشكل عام، ليؤكد "الإخوان" فعلاً أن التطرف والإرهاب ملة واحدة، وأن من يقوم بمهاجمة مؤسسات الدولة، ويعمل على نشر العناصر المسلحة في الأحياء وشوارع العاصمة وعواصم المحافظات ويحرض على الاعتداء على المعسكرات ونهب موجوداتها وسفك دماء الأبرياء ويعمل على زعزعة السكينة العامة وتعطيل مصالح الناس ونشر الخوف والرعب في صفوفهم هو بلاشك إرهابي يتغذى من نزعة الإرهاب وتسيطر عليه نزوات الحقد والانتقام حتى وإن لم يرتبط تنظيمياً ب"القاعدة". وكما أن التطرف والإرهاب لا مستقبل لهما في اليمن، فإنه لا مستقبل أيضاً لمعتنقي هذا الفكر في هذا البلد مهما توزعوا الأدوار ومهما تلونوا واستخدموا من المساحيق، فمآلهم هو الفشل والسقوط في مزبلة التاريخ.