أيام تفصلنا عن الاستحقاق الوطني الديمقراطي الانتخابي الرئاسي المبكر الذي بكل تأكيد نجاحه سينقل اليمن الى مرحلة جديدة وعهد جديد عنوانه التصالح والتسامح وحل كافة القضايا والصعوبات مهما كان حجم تحدياتها وتعقيدات اشكالاتها، لان هذه الانتخابات انبثقت من التوافق وكل ما سيأتي بعدها ينبغي ان يكون تجسيداً وتجلياً لهذا التوافق، لا سيما وان المرشح في هذه الانتخابات الأخ المناضل المشير عبدربه منصور هادي توافقياً يحظى بإجماع وطني واقليمي ودولي، وانتخابه في يوم الثلاثاء المقبل 21 فبراير الجاري يعني ان اليمن واليمانيين قد أنجزوا المرحلة الأولى من المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية المزمنة وتحقق الانتقال السلمي السلس للسلطة وفقاً لإرادة الشعب مصدر الشرعية وصاحب المصلحة الحقيقية في تجاوز افرازات الاحداث الناجمة عن الازمة التي كادت ان تعصف باليمن وتقذف به الى مجاهيل الصراعات والحروب الأهلية والفوضى التي لن تبقي ولن تذر إلاًّ وطناً مدمراً ممزقاً متشظياً نتيجة لصراعات وحروب عبثية لن تنتهي، ولم يكن امامنا كيمنيين لتجنب هذا كله وتجاوزه إلاًّ تغليب منطقي العقل والحكمة لا منطق القوة والعنف، وها نحن على مشارف انجاز الخطوة الأهم في المبادرة الخليجية وخارطة الطريق لتطبيقها والمتمثلة بآلالية التنفيذية المزمنة لها، وهكذا فان أهمية الانتخابات الرئاسية المبكرة لا تتوقف عند انتقال السلطة، بل فيما يمثله هذا الانتقال للفترة القادمة المحددة بعامين والتي خلالها سوف يتم ارساء أسس ومداميك الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المحققة للعدالة والمواطنة المتساوية والشراكة في السلطة والثروة يسود الجميع فيها النظام والقانون في وطن موحد وديمقراطي آمن ومستقر تتوافر فيه كل متطلبات ابراز قدرات وامكانات ابنائه المبدعة والخلاقة القادرة على صنع الرقى والتقدم والازدهار وبما يؤدي الى النهوض الحضاري الشامل. وهكذا فان يوم 21 فبراير 2012م يجب ان يدخل تاريخنا الوطني كواحد من ايامه الخالدة باعتباره اليوم الذي سيتخطى فيه شعبنا عتبة الماضي بكل تحدياته المتراكمة ومخاطره باتجاه المستقبل الواعد بالخير والامن والسلام والاستقرار، ولهذا فان المشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات تكتسب أهمية بالغة وعلى الجميع ان يدلي بصوته فيها حتى يكونوا قد نالوا شرف المساهمة الواعية والمسؤولة في اخراج الوطن من دوامة المحنة التي المت به وكادت اخطارها المحدقة ان تطبق عليه من كل حدب وصوب، وبتأدية هذا الواجب الوطني يكون اليمانيون قد اثبتوا للعالم انهم قولاً وفعلاً شعب حضاري عريق حكمته محل تقدير واعجاب كل الأمم، وهذا ما سيكون، وعلى اولئك الذين يحاولون عرقلة هذا المسار من خلال ما يقومون به من اعمال تخريبية غير مسؤولة ان يراجعوا انفسهم ويعيدوا حساباتهم في مواقفهم اللامسؤولة ليدركوا انهم يقفون ضد ارادة الشعب التواق لتجاوز أزمته والخلاص من اوضاعه التي وصلت الى حدود تفوق الاحتمال وليس من مسار آخر لتحقيق ذلك غير المضي قدماً بالحل الذي جاءت به المبادرة الخليجية، والانتخابات الرئاسية المبكرة محطة محورية في أخذ الاتجاه الصحيح المنقذ لليمن الوطن والانسان لإنها هي التي ستخرجه من عنق الزجاجة وتعبر به كل الافخاخ والاشراك الى بر الأمان وشواطئ الغد المشرق الذي فيه تتحقق آماله وتطلعاته التي ينشدها على قاعدة معاً لبناء يمن جديد خالِ من كل أشكال الضيم والظلم والاقصاء والتهميش والفساد بكل أشكاله، وهو ما لا يريده من يسعون الى اعاقة الاستحقاق الانتخابي.. معتقدين وهماً وخطأً انه يتعارض مع مصالحهم الانانية التي أعمت أبصارهم وبصيرتهم، فلا يرون أبعد من أرنبة انوفهم.. عاجزين عن استيعاب ان مصالحهم الحقيقية لا تبقى ولا تتحقق إلاًّ باخراج الوطن مما هو فيه عبر هذا الطريق السلمي الصحيح والصائب الذي فيه المصلحة لكافة أبناء اليمن دون استثناء.. فيقلعون عن ممارستهم الحمقاء المبنية على رهانات خاطئة وخاسرة تنتهي بهم الوقوف على طرفي نقيض مصالح شعبنا وخياراته في صنع حاضره ومستقبله. اننا على موعد مع الخط الفاصل بين الماضي بكل أخطائه ومآسيه، ومقبلين على الآتي بوعي مفعم بالأمل والتفاؤل اللذين بدونهما لا يمكن الانتقال الى حياة جديدة فيها حرية وكرامة وعز ورفعة اليمن وشعبه العظيم.