ذات القناعة الراسخة نكررها اليوم وغداً وبعد غد، ما دامت الحاجة قائمة لذلك التكرار.. قناعتنا أن تكريس لغة الحوار بين أطراف ومكونات المعادلة السياسية الوطنية، هو المدخل الوحيد لترسيخ مداميك وحدتنا الوطنية والعبور بالوطن إلى بر الأمان. وقناعتنا أن لا نتعامل مع الآخر وفق سيناريوهات معلنة وأخرى مخفية.. فالوضوح والصدق والشفافية يجب أن تكون دوماً ديدن الجميع وسبيلهم. وقناعتنا -أخيراً- أن نتصدى، بحزم «للساطور» التمزيقي بنزعته الانتهازية، الذي لا يجيد إلا ركوب موجة العواطف، من أعلى نقطة ليحولهاإلى سلاح فاسد يفجر الأزمات والاختلافات ويفتح أبواباً للوهن. ولسنا بحاجة إلى التأكيد على أن تحررنا من خدر الفكر الدغمائي، وفقدان «البوصلة» السياسية، هو من يقودنا إلى الاستقراء العميق والفاحص للواقع من جميع زواياه..! كما أن الحاجة والتأكيد ذاتهما يدعواننا إلى الفهم الواعي بأن جماهير شعبنا كانت، ولا تزال، لها مطالب عديدة ومحددة ومعلنة بوضوح وقوة، ولكن كان ولا يزال أكثرها أهمية هو توحيد الصف ولملمة الشتات وتجاوز حالة التشرذم والفتوق التي مزقت الجسد الوطني..!. كانت هذه هي أولى الصيحات والصرخات الأكثر وجعاً ودوياً لأنها تنطق بماهية صميم الألم والمعاناة بالنظر إلى التركة الثقيلة لمراحل انقساماتنا وانشقاقاتنا وانهياراتنا.. فما العمل الآن..؟ عليناأن نستلهم من حاضرنا مفردات جديدة لحياتنا المتجددة، بحيث لا نلتفت إلى الماضي إلا بقدر الاستفادة منه لأخذ العبر والدروس، وأن ننظر إلى الحاضر والمستقبل بقدر التعاطي الواعي والفاعل مع معطياته ومفاعيله الجديدة.. وفي اعتقادي ان هذا الفهم الواعي للحاضر والمستقبل سوف يدفعنا إلى تسجيل الخطوة المهمة والملهمة المتمثلة في الحوار الوطني.. بمشاركة الجميع.. ولا يستثني أحداً ولا يتجاهل أية رؤية أو رأياً أو وجهة نظر. وأقول جازماً: إن مجرد نجاحنا في أن نلتقي ونتحاور ونتناقش، هو بحد ذاته انتصار كبير لإرادتنا الوطنية.. وهو البداية الفعلية لتجاوز انكساراتنا ووهننا..! وهو ما يعني -باليقين الكامل- أننا بالفعل قد وضعنا مداميك توحيد صفوفنا وتخلصنا من جلباب التمزق، وبالتالي فتحنا الطريق المعبد إلى اليمن الجديد. وليعلم إخواننا المناضلون على كل الجبهات أن نضالهم في سبيل أي مشروع منعزل، لم ولن يكتب له النجاح، ذلك وبالمنطق والعقل، أن أي مشروع انعزالي، سيواجه لطمات ولكمات الفشل من قبل المكونات الوطنية نفسها قبل ان يلقى ذات المواجهة أو أشد منها من الآخرين..! ولعل هذا السلاح هو نفسه الذي طالما مزَّقنا.. وهو الذي ضرب بعضنا ببعض..! فهل نتعلم.. ونصحو ونعي بأن المسلم لا يلدغ من جُحر مرتين؟!.. أما نحن فيكفي، وقد لدغنا لسوء الحظ عشرات المرات..! فإن نبدأ من مؤتمر الحوار الوطني نكون قد عقدنا العزم لتجاوز أزماتنا الكبيرة وتحدياتنا الجسيمة.. ذلك ان هذا التحدي يمثل اليوم أم كل الضرورات الوطنية.. وأن أي تردد أو تراجع عنه من قبل أيٍّ كان سيجعله أذل وأخزى من أي مهزوم في معركة فرسانها عجائز.. ولابد في هذه اللحظات التاريخية من الانتصار على الذات.. لابد من ثورة على الأنانية لكنس ما يتناسل من نفاق وتهريج وتنظير أناني من صُناع الأزمات والمفتونين بالتحالفات الهشة.. لنبني بديلاً عنها ثقافة الوحدة الوطنية المتماسكة. اذهبوا إلى مؤتمر الحوار الوطني.. وسوف تغترفون من معينه الكوثري كاسات المحبة والتسامح مع الآخر كل ما استبد بكم هاجس «النرجسية».. وسيمدكم بفيض الطمأنينة كلما اشتدت بكم حمى «شيزوفرينية» الخصام والانفصام.. ولسوف يعينكم على أنفسكم من سعير «الماسوشية»..!