تعز الاسم الشاعري العذب.. والمعنى الجميل الجذاب.. والوقع القوي والمؤثر..! تعز.. من كانت رمزاً لأهم الدول اليمنية القديمة.. ومن تمثل رمزاً حاضناً للثورة وحافظاً للوحدة.. لسنا بحاجة للتذكير بتفاصيل دورها المحوري في تاريخ اليمن الحديث.. لأنه يسكن الذاكرة ويستوطن القلوب والعقول. استلهمنا من معينها معاني التضحية حتى انتصرنا على الاستبداد والاستعمار.. واستلهمنا منها روح الوحدة حتى توحدنا وتجاوزنا التشطير.. فكانت البداية دائماً من تعز للسير نحو بلوغ أهدافنا العظيمة..! والمهم اليوم أن نستلهم من تعز مفردات جديدة.. لحياتنا المتجددة. علينا أن نبدأ من تعز لتجاوز أزماتنا الكبيرة وتحدياتنا الجسيمة.. فما من عمل وطني كبير دُشن من تعز إلاَّ وكان متوجاً بالنجاح مكللاً بالشموخ. اليوم.. من قلب تعز نفسها، جاءت دعوة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح للحوار الوطني، وجاء ترحيبه بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية في ظل الدستور والقانون وتشكيل حكومة من كافة الأطراف السياسية الممثلة في مجلس النواب وفي المقدمة الشريك الأساسي في صنع الوحدة وشركاء الدفاع عنها في ضوء نتائج الحوار ومايتفق عليه. في هذا الفضاء غير المفتوح للأسف، والملبد بالغيوم السياسية ومحاولات البعض سد الأفق الوطني، تجلجل من قلب تعز الدعوة الحوارية، لتشق عباب السماء وتفتح فضاء جديداً وأفقاً مبشراً بمناخات سياسية جديدة تستشرف بصدق حقيقة ما يحتاجه الوطن من تسوية تاريخية ومواقف جادة لا تقبل بالمهادنة والتسويف. علينا أن ننتظر من جميع القوى السياسية في السلطة والمعارضة.. في الداخل والخارج.. أن تتفاعل مع هذه المبادرة وأن تتعاطى معها بدرجة عالية من الروح الوطنية المسؤولة، وأن تفكر ملياً في الاتجاه الصحيح والنهج الواقعي تجاه قضايا الوطن ومقتضيات المواطن، حتى لا تظل -كما هو حالها- تستجر الأوهام وتعلك الفراغ.. وأي تردد أو تراجع عن مواجهة ازمات الوطن من قبل أياً كان سيجعله أذل وأخزى من أي مهزوم في معركة فرسانها عجائز..! لابد في هذه اللحظات التاريخية الحاسمة من انقلاب على الذات وعلى التفكير الجامد.. ولابد من ثورة على الأنانية الذاتية والخمول الذهني وشحذ الهمم لكنس البيئة التي يتناسل فيها المهرجون وخطباء الهدم ومنظرو التخريب وصنًّاع الأزمات والتحالفات السقيمة..! لا بد لنا جميعاً -قوى سياسية في السلطة والمعارضة وفي الداخل والخارج- أن ننصهر في بوتقة الإرادة المتجانسة من أجل الوطن أولاً وليس سواه. وفي تقديري ليس سوى تعز من تحتضن جميع ألوان الطيف السياسي.. وأي أطياف أخرى..! وليس سواها قلبنا الكبير.. من يتحمل اعباءنا الكبيرة وأعذارنا الكبيرة.. وأعمالنا ومنجزاتنا الكبيرة..! ولهذا أقترح أن تكون تعز حاضنة للحوار الوطني القادم.. ولا أعتقد أن أحداً سيتردد عندما يأتي النداء من تعز.. فالجميع يخضع ويستجيب للارتباط الحميمي والمنزلة الخاصة لها في القلوب والمهج. اذهبوا الى تعز يا عقلاء الوطن.. ولن تخذلكم.. سوف تغترفون من معينها العذب كاسات الحب والتسامح مع الآخر كلما استبد بكم هاجس «النرجسية».. وتمدكم بفيض الحوار كلما اشتدت بكم حمى «شيزوفرينية» الخصام والانفصام.. وتعينكم على أنفسكم من سعير «الماسوشية»..!